لماذا أكّدت السعوديّة عدم علمها ومُشاورتها باغتيال سليماني؟ وما هي الرسائل التي تُرسلها لطِهران مع عملها لخفض التوتّر؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2665
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

هل انطلقت الطّائرة التي استهدفت الجنرال الإيراني من قطر أم الكويت؟ وكيف ركّزت وسائل إعلام الرياض على فرضيّة تحميل الدوحة المسؤوليّة؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 تُدرِك العربيّة السعوديّة، حجم الكارثة التي أقدمت عليها حليفتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في مُحيط مطار بغداد، وتُدرك بالأكثر أنّ مُنشآتها النفطيّة، والأمريكيين المُتواجدين على أراضيها، قد يكونوا موضع استهدافٍ من قبل الإيرانيين، من بين عدّة أهدافٍ قد يجري ضربها، انتقاماً، أو “قصاصاً” لمقتل قائد فيلق القدس سليماني، بحسب توصيف أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله.
تباين المشهد السعودي افتراضيّاً، وواقعيّاً، فعلى المنصّات، بدا أنّ ثمّة علم مُسبق للقيادة السعوديّة، بتلك العمليّة، وأنّ الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد، قد نجح بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني، نُخب وأقلام صحافيّة سعوديّة أعادت نشر تصريح سابق لبن سلمان، يقول فيه إنه سينقل المعركة إلى إيران، قبل أن تنقلها لداخل بلاده، وهو ما طرح تساؤلات حول الدور السعودي الحقيقي في عمليّة الاغتيال، وفيما إذا كانت قد شاركت بالفعل بذلك الاستهداف، للجنرال الإيراني الأكثر نفوذاً وحُضوراً، وبالرغم أنّ استهدافه كان خارج أراضي بلاده في بغداد.
اللّهجة الرسميّة السعوديّة، بدت أقل حماساً لاغتيال الجنرال، ويبدو أنّ الاحتفالات السعوديّة، اقتصرت كعادتها على المنصّات بمقتله، ويبدو أنّ السلطات السعوديّة لا علم لها لا من قريب أو بعيد بتلك العمليّة الأمريكيّة التي جرى تنفيذها بطائرة “درونز” مُسيّرة.
الرياض بحسب تصريح مسؤول سعودي لوكالة فرانس برس، لم يتم التّشاور معها بخُصوص الضّربة، ويبدو أن تلك المُشاورات اقتصرت على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نِتنياهو الذي كان كما تردّد على اطّلاع بالعمليّة، وأثنى عليها لاحقاً مُشيداً، وتُحاول المملكة بحسب المسؤول “تخفيف التوتّر” الحاصل في المنطقة.
الرياض تبدو معنيّةً بالأكثر بخفض التّصعيد، والنّأي بالنّفس، فهي المُرشّحة الأكبر لتلقّي ضربات عبر الأذرع العسكريّة لإيران، وهي بالأساس تخوض حرباً ضد اليمن، وذراع طهران الحوثيين، وقد يبدو لافتاً بالأكثر حديث المسؤول السعودي الذي رفض ذكر اسمه للوكالة، عن “ضبط النفس للوقاية من أيّ عمل قد يُؤدّي إلى تصعيد”، فيما كانت تُواصل المملكة تصعيدها العسكري والسياسي على مدار سنوات من حُكم العهد الحالي.
التّساؤلات تُطرَح، فيما إذا كانت المملكة قد بدأت مُراجعة حساباتها عامّةً بعد اغتيال سليماني، وخطر اشتعال المنطقة بالحرب، مع دعوات خارجيّتها بضبط النّفس، ومُطالبة عاهلها الملك سلمان بن عبد العزيز اللّافتة بإجراءات عاجلة لخفض التوتّر، وتشديد ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان على ضرورة تهدئة الوضع في اتّصالٍ هاتفيٍّ مع رئيس الوزراء العِراقي المُستقيل عادل عبد المهدي، فيما يتوجّه نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان أيضاً إلى واشنطن ولندن، لنقل دعوة ضبط النفس هذه.
ابتعدت السعوديّة قليلاً لعلّها في تقدير البعض، عن التّماهي مع أمريكا وإسرائيل، وتحديداً نتنياهو وترامب، اللذان ينظران إلى اغتيال سليماني، بنظرة العمليّة النّاجحة، وذهبت إلى الحياد، ودعوات ضبط النّفس، أو لعلها تتّفق ولو حِرصاً على مصالحها مع الدول الأوروبيّة التي رأت في الاستهداف خطراً، يُؤجّج التوتّر في المنطقة، أو لم يكونوا مفيدين (الدول الأوروبيّة) بشأن قتل سليماني على حد توصيف وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو.
وسائل إعلام سعوديّة من جهتها، ومنها “العربية” ركّزت على تقارير صحافيّة، تحدّثث عن أنّ الصواريخ التي استهدفت سيّارة سليماني، قد أُطلِقَت من طائرةٍ مُسيّرة انطلقت من مقر القيادة المركزيّة الأمريكيّة في قطر، نقلاً عن صحيفة “ديلي ميل” التي قالت إنّ طائرة الدرونز التي قتلت سليماني، انطلقت من قطر، وهو ما قد يضع قطر، وفق تحليلات سعوديّة في عين الاستهداف الإيراني الانتقامي، فيما كان قد حطّ وزير الخارجيّة القطري محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني في طِهران، والذي تحدّثت الأنباء عن حمله رسالة تهدئة من الأمريكيين، رفض الإيرانيّون فتحها.
تحميل القطريين بشكلٍ أو بآخر مسؤوليّة مقتل سليماني، قد يبدو مُفيداً للسعوديين، على خلفيّة المُقاطعة التي تفرضها الأخيرة على الدوحة، وتحويل الأنظار الإيرانيّة عن الأهداف السعوديّة، ولكن “عصائب أهل الحق” التابعة للحشد الشعبي، قالت إن الطائرة التي استهدفت سيّارة سليماني قد انطلقت من الكويت، وقتلت الجنرال والشهيد أبو مهدي المهندس، وأنّ جميع التّقارير التي تحدّثت عن انطلاقها من قطر “مغلوطة”.
بيان “أهل الحق”، لم يكتف بنفي انطلاق الطائرة، بل حدّد مكان انطلاقها، وتحديداً من قاعدة علي سالم الجويّة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى علم الكويت بالضّربة، ومُوافقة سُلطاتها على انطلاق الطائرة من أراضيها، أو أنها كما السعوديّة جرت من غير علمها، والتّشاور معها، وهو ما قد يُعيد إلى الواجهة، الغضب الإيراني، جرّاء استضافة الكويت، مؤتمر لحركة النضال الأحوازي المُعارضة مُؤخّراً، جرى على خلفيّته استدعاء طهران القائم بالأعمال الكويتي، واستضافة رئيس مجلس الأمّة، مرزوق الغانم لرئيس الحركة، وتكريمه، وما إذا كانت الكويت قرّرت ترك الحياد في علاقاتها مع إيران، والانضمام إلى مُعسكر الضّد الأمريكي، وهل باستطاعتها تحمّل التّبعات الإيرانيّة، واستهداف مصالحها النفطيّة، خاصّةً أنّ نائب وزير خارجيتها خالد الجار الله، كان قد وعد بمُحاسبة المُستضيفين للأحوازيين، والتي أكّد أنها تمّت بشكلٍ شخصيٍّ، يتساءل مراقبون.
أعيُن العالم إذاً مُوجّهةٌ نحو طهران، و”قصاصها” من قتلة الجنرال الشهيد قاسم سليماني، ولعلّ السؤال الأبرز، هو حول شكل هذا القصاص، ومكانه وزمانه، وما إذا كان سيكون مُزلزلاً أم مدروساً يُؤدّي غرضه، وما إذا كانت دول الخليج ضمن قوائمه، فيما يُطالب مُتظاهرون أمريكيّون الحوار معها، ويرفضون سياسة الاغتيالات من أمام البيت الأبيض، بينما يستمر ترامب بتهديد طهران بضربها بشكلٍ أقوى، وهو الذي كما نقلت تقارير صحفيّة كان يستمتع بأكل اللحم، وتناول “الآيس كريم” خلال تنفيذ اغتيال سليماني، الإجابة عند إيران وحدها.