أجواء قمّة الرياض التصالحيّة بنكهة تفاؤليّة وأخرى تشاؤميّة..
بماذا يُفسّر استقبال السعوديّة “الودود” للقطريين؟ ولماذا لم يحظ رئيس وزراء قطر بحديث ودّي مع بن سلمان وبقيّة الزعماء أيضاً؟.. بيان القمّة تُلِي فقط بعد 30 دقيقة من عقدها وتساؤلات حول توحيد العملة الماليّة وشكل التهديدات العسكريّة وإعلام مِصر مُرتاح
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
تفاوتت الآراء حول البيان الختاميّ الصّادر عن قمّة الرياض الأربعين، والتي كانت من المفروض أن تحمل في طيّاتها “بشائر” التّصالح الخليجي بين دول المُقاطِعة السعوديّة، الإمارات، البحرين، والمُقاطَعة قطر، حيث لم يخل حتى مكان عقدها من الجدل، فيما تضع الرياض شعار المملكة على القمّة رغم رئاسة الإمارات لها، وهو ما دفع ببعض مُعلّقين إلى القول إنّ الرياض تعمّدت هذا، بالرغم من إشارة العاهل السعودي إلى استضافة بلاده القمّة بناء على طلب الإمارات التي كانت تنوي استضافة القمّة بأبو ظبي.
لم يَحضُر الأمير القطري تميم بن حمد، وهو ما قسّم الآراء حول مدى تقييم عدم حُضوره، فيما ذهبت بعض الآراء إلى القول إنّ استقبال الحافل الذي حظي به رئيس وزراء قطر دلالة “بشارة” وخير، مُقارنةً مع وضعه آخر ضيوف قمّة مكّة، لكن رئيس وزراء قطر لم يحظ بسلام وكلام من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واقتصر الحديث الودّي بين القطري والعاهل السعودي، والأمير بن سلمان هو القائد الفعلي للبلاد، كما هو قائد حلف المُقاطعة، بصفة بلاده الشقيقة الكُبرى وفق الأدبيّات الخليجيّة.
عدم حُضور الأمير تميم إلى القمّة، لا يُلغي تماماً بعض مظاهر التفاؤل التي سبقت عقد القمّة، فالتلفزيون السعودي الرسمي على سبيل المثال ركّز على عبارات الترحيب التي ظهرت في الشوارع العامّة ترحيباً بالقطريين ببلدهم الثاني، كما العلم القطري الذي ظهر مُرفرفاً إلى جانب الأعلام الخليجيّة المُشاركة في القمّة بالرياض، ولعلّ السعوديّة قد تكون مبعث الأمل الأوّل على مُصالحة خليجيّة لا يعلم أحد متى ميعادها.
الأوساط القطريّة، تُفسّر حالة الود السعودي، بحالة خجل أو كرم، تُقابل الكرم القطري الذي تم استقبال السعوديين فيه على أراضي قطر ضمن كأس الخليج 24، وتحديداً التصرّف الرسمي خلال وقوف المسؤولين القطريين للنّشيدين البحريني والسعودي، وإن كان تصرّف بروتوكولي، لكن بطولات سابقة شهدت تصرّفات لا أخلاقيّة خلال تواجد جمهور خليجي بعينه خلال الأزمة مع قطر، وما تلاها من مُناوشات إعلاميّة بين الطرفين، وصلت لحد الخوض بالأعراض.
نظرة تشاؤميّة تقول، إنّ رئيس وزراء قطر لم يحظ بهذه الحفاوة من قبل زعماء دول خليجيّة، على الأقل تبادل أطراف حديث معهم، واقتصر كلامه على العاهل السعودي، حتى دون حضور وليّ عهده، والمشاهد الصوريّة من العناق، والقبل، والأحضان لها معانيها الكثيرة في بيت مجلس التعاون الخليجي.
قمّة الرياض تعد الأقصر، والأسرع، ولم تتعدّ حوالي الساعتين منذ بدء توافد الوفود، وحتى تلاوة البيان الختامي بعد انعقادها الرسمي ب30 دقيقة، الذي يقول مُعلّقون أنه لم يختلف عن بيان العام الماضي للقمّة، فيما لو جرى عقد مُقارنة بين سُطورهما، وهُنا التالي بعض تساؤلات مطروحة في أوساط المُراقبين حوله:
أكّد البيان على ضرورة التكامل العسكري والأمني بين دول مجلس التعاون، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانيّة تنفيذ هذا التكامل، وهي ذات الدول التي تعجز عن تشكيل تحالف لمُحاربة إيران، فيما تعتمد قطر على تركيا في حمايتها، وتأخذ الكويت حياداً من التحالفات العسكريّة التي تقودها أمريكا، وتُفضّل لغة الحوار.
ما هو تعريف الدول الصديقة والشريكة والتي أشار لها البيان لمُواجهة أيّ تهديدات أمنيّة وعسكريّة، فالدول الصديقة لقطر على سبيل المثال كما يرصد مُعلّقون هي تركيا، وإيران، وقد تكون استعانت بهما من “تهديدات عسكريّة” أو غزو مُحتمل لها من قبل دول خليجيّة، أما إيران فقد أعاد الملك سلمان مُهاجمة نظامها، وتحميله مسؤوليّة تقويض الاستقرار في المنطقة.
إجراءات العربيّة السعوديّة فيما يتعلّق باستقرار النفط، تُواجه تحديات، مع تراجع أسعاره، ومُعضلة اكتتاب أسهم شركة أرامكو في الأسواق العالميّة، المجلس يدعم في بيانه الذي تلاه عبد اللطيف الزياني أمينه العام تلك الإجراءات، فيما تتحفّظ دول خليجيّة مثل الكويت، وحتى الإمارات على المُشاركة في اكتتاب الشركة النفطيّة، مع انخفاض أسعار النفط، والبحث عن بدائل غير نفطيّة، فكيف يُمكن تحقيق استقرار سوق النفط بالخطوات السعوديّة، يتساءل مراقبون.
بيان القمّة كما وصفه مراقبون، أعاد أحلام تحوّل التعاون إلى اتحاد، وحديثه عن آمال تحقيق وحدة ماليّة ونقديّة العام 2025، وهو ما يطرح التساؤلات حول إمكانيّة تطبيق هذه الوحدة النقديّة في العام المذكور، حيث تُضارب تلك الدول الخليجيّة على بعضها اقتصاديّاً، وتُعزّر مُقاطعة قطر من هذا التنافس السلبي، حيث كما يُقدّر خبراء أن الأسواق السعوديّة تضرّرت، جرّاء اعتماد السوق القطري على البضائع التركيّة والإيرانيّة، حيث الاقتصاد التركي والسياحي وجهة الإعلام السعودي لشيطنته، وبالتالي خسارته عوائد السياحة الخليجيّة لاسطنبول وغيرها.
اللّافت في بيان قمّة الرياض، أنه لم يتطرّق للأزمة مع قطر، لا من قريب ولا بعيد، مع التأكيد على وحدة الصف الخليجي، فيما طلب أمير الكويت الحديث قبل إعلان الملك سلمان ختام القمّة، وأعرب عن أمله في أن تكون الاجتماعات المُقبلة خير من الاجتماعات السابقة، ويُوحي البيان أنه أعد مُسبقاً، فتلاوته جاءت بعد 30 دقيقة فقط من إعلان الملك سلمان انطلاق القمّة، فيما بدا أنّ الجلسة المُغلقة كانت شكليّة.
الإعلام المِصري، بدا مُرتاحاً فيما يبدو لأجواء القمّة التي لم تتوّج بحُضور أمير قطر، وهو ما اعتبره بعضها لقوّة ومكانة مصر، وتأثيرها كونها أحد الدول المُقاطِعة لقطر، ولا يُمكن مُصالحتها بدون وجودها.