ما هي الأسباب الخمسة التي قد تُؤشِّر إلى غِياب أمير قطر عن القمّة الخليجيّة في الرياض؟
ولماذا غابَ وزير الخارجيّة القطري عن الاجتِماع التّحضيري فجأةً؟ وما هي مُفاجأة اللّحظة الأخيرة التي ربّما نسَفَت المُصالحة؟
من يُتابِع وسائل الإعلام القطريّ “غير الرسميّ” و”تسريباته” حول القمّة الخليجيّة التي ستَبدأ أعمالها غدًا الثلاثاء يَخرُج بانطباعٍ شِبه مُؤكِّد بأنّ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، لن يُشارِك فيها على عَكس كُل التوقّعات.
هُناك عدد من النّقاط الأساسيّة التي تُؤكِّد استِنتاجنا المَذكور آنِفًا:
الأولى: أنّ الأمير تميم غادَر اليوم الاثنين عَشيّة القمّة الخليجيّة إلى رواندا، في قلب القارّة الإفريقيّة، لحُضور حفل جائزة تحمِل اسمه للتميّز في مُحاربة الفَساد في حُضور الرئيس الرواندي ونائِبه الأمين العام للأُمم المتحدة، وكان لافِتًا تَصدُّر خبَر المُغادرة في الصّحف والمواقع القطريّة في أعدادها الصّادرة اليوم.
الثانية: وصول السيّد سلطان بن سعد المريخي، وزير الدولة القَطري للشؤون الخارجيّة، إلى الرياض لتَمثيل بلاده في الاجتماع التحضيريّ للقمّة الخليجيّة، والسيّد المريخي هو الذي مثّل بلاده في القمّة السّابقة في نفس التّوقيت العام الماضي، الأمر الذي أثار العديد من التّساؤلات حول غِياب الشيخ عبد الرحمن بن محمد آل ثاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجيّة، الذي قام بزيارةٍ سِريّةٍ إلى الرياض، وأثارت العديد من الآمال حول احتِمال حُدوث المُصالحة وإنهاء المُقاطَعة.
الثّالثة: تشكيك أكثر من صحيفة وموقع إخباري مُمَوّل من دولة قطر في احتِمال مُشاركة الأمير تميم في القمّة، وعزَت أسباب ذلك إلى استمرار الحِصار وعدم اتّخاذ إجراءات رسميّة لرفعه، ممّا يعني أنّ الشّروط الـ13 ما زالت قائِمةً، وأنّ ذهاب الأمير تميم إلى الرياض دون رَفْعِها يعني القُبول بها، وكأنّه تنازل عن مواقف قطر الرّافضة لها.
الرابعة: ظُهور مقالات في صُحف سُعوديّة وإماراتية تنتقد تعاطي الإعلام القطري مع مُشاركة أمير بلاده في القمّة، وتصويرها لهذه المُشاركة وكأنّها جاءت تَنازُلًا من الدّول الأربع المُقاطِعة وليس العكس، أو حتّى من الجانبين، ممّا يُوحِي بأنّ قطر هي التي خرَجت مُنتصِرةً.
الخامسة: صُدور تلميحات وتسريبات قطريّة تقول إنّ قطر كانت تُريد أن تعقِد القمّة في عاصمة خليجيّة مُحايدة مِثل الكويت وسلطنة عُمان، ولكن تنازل الإمارات عن عقدِها في أبو ظبي، ونقلها إلى الرياض في اللّحظات الاخيرة، أوحَى وكأنّ قطر ذهبت إلى بيت الطّاعة السعوديّ، ومُوافِقة على كُل الشّروط المَطلوبة.
بالنّظر إلى كُل ما تقدّم، يُمكن الاستنتاج بأنّ احتِمال مُشاركة الأمير القطري في القمّة الخليجيّة يبدو ضَعيفًا، إن لم يَكُن مَعدومًا، وأنّ كُل المُؤشّرات الإيجابيّة التي عزّزت إمكانيّة حُدوث مُصالحة في الرياض، مِثل إنهاء مُقاطَعة المُثلّث السعودي الإماراتي البحريني لدورة الخليج القطريّة، والتزام الأطراف بهُدنةٍ إعلاميّةٍ تتَضمّن وقف الحمَلات، تبخّرت وقد يكون الخِلاف عاد إلى المُربّع الأوّل.
لا نعرف ما حدَث، ويَحدُث، في الغُرف المُغلَقة، ولكنّنا لا نستبعد أن “الغضب” المِصري المكتوم من جرّاء تهميش القاهرة من قِبَل السعوديّة التي قادت حُكومتها مساعي المُصالحة، و”عتَب” الإمارات إزاء استمرار التّصعيد الإعلامي القطري ضدّها، والتّهدئة مع شريكتها السعوديّة الكُبرى في الخِلاف قد تكون كلها مُجتمعةً أو مُنفردةً، وراء الانتِقال من مرحلة التّفاؤل إلى مرحلة التّشاؤم في غُضون ساعاتٍ مَعدودةٍ حول هذه المُصالحة.
ما يَفصِلنا عن القمّة أقل من 24 ساعة، وعُيوننا ومُراقبون غيرنا ستتّجه إلى مطار الرّياض للتعرّف على خريطة المُشاركة والاستِقبال وحجمهما، والوفد القطريّ ورئيسه بالذّات، ولعلّ من الحِكمة الانتِظار حتى ينقَشِع الغُبار، وتظهر الحقائق عاريةً في هذا المِضمار، ولكن توقعاتنا أن الأزَمَة ستستمر، ووصول الأمير القطريّ إلى الرياض مُستَبعد، والسيّد المريخي، وزير الدولة القطري، قد يَجلِس في مِقعد دولته للمرّة الثّانية، والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أعلَم.
“رأي اليوم”