ماذا تعرف عن الدور الأمريكي في صراع النفوذ بين السعودية وإيران؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2074
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 يعد النفط سلعة دولية استراتيجية، ويتم استخدامه كأداة سياسية على نطاق واسع. ولا يمكن فهم دوره في التنافس السعودي الإيراني دون النظر في السياق الدولي، وهياكل السلطة التي تحكم الطريقة التي تتفاعل بها الدول مع بعضها البعض، وفي القلب من هذا الأمر هيمنة الولايات المتحدة على هذا النظام الدولي.
وفي سبتمبر/أيلول 2019، تم التأسيس لديناميات تفاعل جديدة بين الولايات المتحدة وإيران والسعودية بشأن النفط في أعقاب سلسلة من الهجمات بالطائرات بدون طيار على منشآت النفط السعودية. وتسببت الهجمات في تعليق 5.7 ملايين برميل يوميا من إنتاج النفط الخام، أي ما يقرب من نصف الإنتاج السعودي.
وقد أعلن الحوثيون، المتمردون الموالون لإيران في اليمن، مسؤوليتهم عن الهجوم. ومع ذلك، اتهم مسؤولو الحكومة الأمريكية والسعودية إيران بارتكاب هذه الهجمات. وفي المقابل، ألقى الإيرانيون باللوم على القوات الأجنبية في المنطقة في انعدام الأمن، وطلبوا من الولايات المتحدة مغادرة المنطقة.
وفي حين أن التنافس النفطي بين السعودية وإيران يبدو ظاهريا عملا خاصا بهذين البلدين، إلا أنه كان له دائما بُعدٌ دولي طغت عليه الولايات المتحدة.

ما بعد الثورة
وشكلت الثورة الإيرانية عام 1979 نقطة تحول بالنسبة إلى الدور الذي يلعبه النفط في العلاقات السعودية الإيرانية. وقبل ذلك، كان كلا البلدين حليفين مهمين للولايات المتحدة، وهو الموقف الذي جلب معه فوائد سياسية واقتصادية خاصة لصناعاتهما النفطية. لكن الثورة الإسلامية عام 1979 في إيران مهدت الطريق للفصل بين الدولتين.
وفي حين ظلت المملكة حليفا قويا للولايات المتحدة، تبنت إيران سياسة خارجية ثورية ومعادية للغرب، الأمر الذي أدى إلى عزلها عن النظام الدولي الذي سيطرت عليه الولايات المتحدة.
نتيجة لذلك، منذ عام 1979، كانت صناعة النفط الإيرانية خاضعة للضغوط الأمريكية، من خلال مجموعة من العقوبات الاقتصادية والحصار، ما أعاق إنتاج النفط الإيراني. ولم تتمكن إيران من الوصول إلى مستوى إنتاجها النفطي البالغ 6 ملايين برميل يوميا، والذي كانت تتمتع به في أعوام ما قبل الثورة. وفي الوقت نفسه، بلغ إنتاج النفط السعودي أكثر من 12 مليون برميل يوميا في عام 2018.
وقد أدى ذلك إلى حرمان صناعة النفط الإيرانية من الاستثمارات الأجنبية اللازمة ونقل التكنولوجيا، وقد تخلفت عن شركة أرامكو السعودية، شركة النفط العملاقة المملوكة للدولة في السعودية، وغيرها من المنافسين الإقليميين. ودعمت السعودية إلى حد كبير سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في عزل إيران ومعاقبة المتعاملين معها، وخاصة ما يرتبط منها بصناعة النفط الإيرانية، وهو الأمر الذي ساهم في استمرار التوترات في العلاقات السعودية الإيرانية.
وفي الوقت الذي شرعت فيه أرامكو السعودية في طرح عام أولي في ديسمبر/كانون الأول قد يجعلها أكبر شركة مدرجة في البورصة في العالم، فإن إيران في حاجة ماسة إلى تنشيط صناعة النفط التي تراجعت كثيرا. وكما اعترف وزير النفط الإيراني "بيجن زنغنه" في أوائل عام 2019، فإن العديد من منشآت النفط القديمة في إيران هي في الواقع مجرد "متاحف".
وتستمر الولايات المتحدة في التأثير على سياسات النفط في الشرق الأوسط بسبب الطريقة التي عززت بها أجندتها الدولية الخاصة بها منذ عام 1945. وبعد الحرب العالمية الثانية، عززت الولايات المتحدة هيمنتها على نظام دولي مبني على أساس مبادئ الليبرالية والرأسمالية. وبينما تكافئ الولايات المتحدة حلفاءها بفوائد اقتصادية وسياسية، فإنها تعاقب منافسيها من خلال مجموعة من التدابير السياسية والاقتصادية، وليس أقلها العقوبات الاقتصادية.
وأصبح النفط سلعة دولية استراتيجية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأ يلعب دورا محوريا في الطريقة التي حافظت بها الولايات المتحدة على هيمنتها العالمية.
ووفقت لذلك، أصبح تزويد الأسواق الدولية بنفط الشرق الأوسط دون انقطاع، وبسعر معقول، أداة أساسية للحفاظ على الهيمنة الأمريكية، رغم أن الولايات المتحدة لم تكن بحاجة إلى استيراد النفط من الشرق الأوسط.

عالم تهيمن عليه الولايات المتحدة
وقدمت الخبيرة الاقتصادية "سوزان سترينج" في عام 1987 إطارا نظريا يشرح هيكل الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي من خلال 4 أبعاد رئيسية، هي الإنتاج والتمويل والأمن والمعرفة. وتعد هذه أيضا طريقة مفيدة لفهم كيفية تشكيل الولايات المتحدة لسوق النفط العالمي والتنافس السعودي الإيراني.
وبحلول عام 2018، في أعقاب طفرة النفط الصخري، أصبحت الولايات المتحدة أكبر بلد منتج للنفط في العالم، مع إنتاج يبلغ 15 مليون برميل يوميا. ومن الناحية المالية، تم تسعير النفط وتداوله بالدولار الأمريكي، خاصة منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، عندما تم إجراء سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات بين السعودية والولايات المتحدة تم بموجبها ربط النفط بالدولار الأمريكي. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب العالمي على الدولار الأمريكي، وساعد الولايات المتحدة في التعامل مع العجز التجاري والحفاظ على أسعار فائدة منخفضة. كما ساعد ذلك الولايات المتحدة على مراقبة تجارة النفط من خلال التحكم في التحويلات المصرفية العالمية.
وتعد الولايات المتحدة أيضا هي المزود الأمني الرئيسي للممالك الخليجية الغنية بالنفط، مع وجود قواعد عسكرية معترف بها علنيا في أكثر من 12 دولة في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تتمتع بسيادة على "المعرفة" العالمية، من خلال استمرار سيطرتها على الاحتياجات التكنولوجية لقطاع النفط. ومن خلال قيادة الابتكار العالمي والتطور التكنولوجي في ثورة النفط الصخري، على سبيل المثال، ومع امتلاكها أعلى ميزانية للبحث والتطوير، تسيطر الولايات المتحدة إلى حد كبير على نقل التكنولوجيا العالمية. وقد حرم هذا أيضا إيران من التكنولوجيا اللازمة ورأس المال المطلوب والدراية الفنية اللازمة لتحديث صناعة النفط القديمة، مما حد في النهايةمن إنتاجها.
لذلك، على الرغم من أن التنافس النفطي السعودي الإيراني يبدو كقضية إقليمية، فقد كان دور النفوذ الأمريكي في عالم "معولم" مفتاح تشكيل هذه المنافسة السياسية الإقليمية حول النفط.

المصدر | سوكرو كلدير - ناشيونال إنترست