“نيوم” في صور الاقمار الصناعية: “حفرة ممتدة ومُميتة” م
ما لا تفصح عنه إدارة مشروع نيوم و”الحكومة السعودية”، يمكن الوصول إليه عبر صور الأقمار الصناعية، للنظر في ما وصلت إليه مدينة “ذا لاين”، التي طُرحت على أن تكون إحدى مشاريع رؤية 2030، إلا أنه لن يتم الإنتهاء منها في حلول عام 2030، كما ولن تكون هيئتها وفقا لما رُوّج له بداية عرض سلسلة مشاريع خيال محمد بن سلمان. وثائقي حديث بثّته “بزنس إنسايدر”، يبيّن تبعا لصور الأقمار الصناعية الجديدة “ما يبدو أنه تقدم بطيء للغاية في مشروع نيوم، “مدينة المستقبل” في السعودية”، وفقا لما ذكره الموقع. وفي الأصل كانت الحكومة السعودية تزعم أن يكتمل جزء على الأقل من المدينة المخطط لها بطول 110 أميال بحلول عام 2030، مع اكتمال الهيكل بالكامل بحلول عام 2045. ومع ذلك، تظهر أحدث صور الأقمار الصناعية أنه في حين تم بناء بلدة صغيرة لإيواء عمال الموقع، لم يتم إحراز سوى تقدم ضئيل في الهيكل الرئيسي في السنوات الأخيرة. في حين تُظهر صور عام 2023 أعمال الحفر جارية على طول الهيكل الضخم تقريبًا، يبدو أن الصور الأحدث تُظهر نشاطًا أقل بكثير. وذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية أن خطط المشروع قد تم تقليصها، وتم تسريح العديد من العمال، إلى جانب الشركات الإستثمارية التي انسحبت من المشروع لأسباب عديدة، منها ما جرى الكشف عنه بعد مدة زمنية، أحدها يتعلق بالضغوط التي تعرضت لها إحدى الشركات الفرنسية على خلفية ملف حقوق الإنسان سيء السمعة للسعودية، وغيرها. ولطالما وصف المتخصصون المستقلون مشاريع رؤية 2030 بأنها صعبة التنفيذ وباذخة الخيال، كما تعرضت المشاريع لانتقادات على شاكلة إنعدام الفائدة منها، وقد أطلق العديدون مسمّى “الفيل الأبيض” على هذه المشاريع نظرا لكم الأموال الهائلة التي يتم ضخّها على مشاريع لا تجدي مردودا ماديا مستقبليا. ومع درجات الحرارة المرتفعة في شبه الجزيرة العربية، سؤال مطروح لم تجب عليه إدارة نيوم: كيف يمكن توفير المياه الكافية لحوالي تسعة ملايين نسمة –عدد السكان الذي يُزعم تخصيصه لقاطني المدينة-، وتبريد الجزء الداخلي من المبنى الضخم بما يكفي لتمكينهم من البقاء على قيد الحياة؟ ويقدر المحللون أن التكلفة الإجمالية للمدينة الخطية قد تتجاوز تريليوني دولار، أي أربعة أضعاف الميزانية المتوقعة في الأصل. وتقول بياتريس نولان من بيزنس إنسايدر إن “السعودية ربما بدأت تشعر ببعض العجز بسبب الضغوط المالية للمشروع”. ليس المال وحده كان الثمن الذي دفعه أبناء شبه الجزيرة العربية، بل أرواحهم أيضا. ولا يمكن هنا سوى استذكار عبد الرحمن الحويطي، الذي قُتل برصاص العناصر الحكومية خلال محاولته السلمية للدفاع عن بقائه في أرضه وأرض جدوده التي عمل النظام السعودي على ترهيبهم وإخراجهم منها بالإجبار لبناء مدينة “نيوم” عليها. لا يقتصر الغضب من مشروع نيوم على سكان شبه الجزيرة العربية الذين لا يجرؤون على السؤال عن جدوى رمي أموال خيرات بلادهم في مشاريع لا تمسّ مصالحهم بأي شكل من الأشكال، فنظرا للعدد المهول للعمال الأجانب الذين يشاركون في بناء المدينة، باتت قضية الانتهاكات التي يتعرضون لها موضع اهتمام دولي. وقد أظهر تقرير غربي في هذا السياق إلى مئات العمال الذين لقوا حتفهم خلال قيامهم بمهام البناء في المشروع. بل ويتجاوز ذلك إلى علماء البيئة، الذين ينبّهون من مخاطر مدينة “ذا لاين” على حياة المئات من الطيور والحيوانات التي تسلك منذ عشرات السنين هذا المسار ضمن رحلة الشتاء والصيف، ومع توقع اكتمال بناء المدينة الخطية طول يبلغ 170 كيلومتر. ويُقدر عدد الطيور التي تهاجر عبر شبه الجزيرة العربية كل عام بنحو ثلاثة مليارات طائر من ما يصل إلى 300 نوع مختلف، حيث تتجه نحو المناخات الأكثر دفئًا خلال أشهر الشتاء. حذر مدير أبحاث علم الحيوان في جامعة كامبريدج البروفيسور ويليام سوذرلاند: “إنه مثل المرآة، لذلك لا يمكنك رؤيته حقًا، وتابع: “إذا لم يفعلوا شيئًا حيال ذلك، فإن هناك خطرًا كبيرًا من أن يلحق الكثير من الضرر بالطيور المهاجرة.”