القوات الأمريكية بالسعودية.. طمأنة للرياض وردع لطهران وإبعاد لموسكو

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1786
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

في ظل توتر متصاعد مع إيران بشأن سلامة الملاحة البحرية في منطقة الخليج ومضيق هرمز، أعلنت السعودية بشكل مفاجئ استقبال قوات أمريكية لـ"الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة".

التواجد العسكري الأمريكي عده أكاديمي وخبير مصريان نواة لتحالف عسكري عربي دولي، لتأمين الملاحة في مضيق هرمز، والحد من نفوذ طهران عليه، إضافة إلى خشية واشنطن، وفق أحدهما، من انفراط عقد تحالفاتها في المنطقة لصالح موسكو.

فيما اعتبر أكاديمي ثان أن ذلك التواجد العسكري، وهو الأول من نوعه منذ 16 عامًا، مجرد تواجد "رمزي" لا يعدو كونه رسالة طمأنة من واشنطن لحليفتها الاستراتيجية الرياض، بعد انسحاب الإمارات من حرب اليمن.

وأعلنت السعودية، الجمعة، استقبالها لقوات أمريكية، بهدف "رفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة وضمان السلم فيها".

وهي خطوة جاءت عقب ساعات من إعلان إيران، مساء الجمعة، توقيف ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز؛ لـ"عدم مراعاتها القوانين البحرية الدولية"، وفق طهران.

ورد الإيرانيون بتلك الخطوة على احتجاز بريطانيا، في 4 يوليو/تموز الجاري، ناقلة إيرانية، في مياه جبل طارق أقصى جنوب إسبانيا؛ لأنها كانت متجهة إلى سوريا لتسليم نفط، في انتهاك لعقوبات أمريكية وأوروبية، بحسب حكومة جبل طارق.

وقالت القيادة المركزية في الجيش الأمريكي، السبت، إن وجود قوات في السعودية يمثل "رادعًا إضافيًا" في مواجهة التهديدات "الحقيقية" بالمنطقة.

وأعلنت، عبر "تويتر"، "تطوير عملية بحرية متعددة الجنسيات في الخليج، تحت اسم (الحارس)، لضمان حرية الملاحة، في ضوء تصاعد التوتر مع إيران".

وتفيد تقارير إعلامية غربية بأن الجيش الأمريكي سينشر بطاريات صواريخ "باترويت" الدفاعية، وسرب من طائرات "إف-22" المقاتلة، في قاعدة الأمير سلطان الجوية، على بعد نحو 80 كم عن العاصمة الرياض.

وسبق أن استخدمت واشنطن تلك القاعدة كمركز قيادة في حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت من القوات العراقية)، عام 1991، وأثناء غزو العراق، عام 2003، ثم غادرتها في ذلك العام.

تمهيد لضربة خاطفة

"أنس القصاص"، الباحث المصري في الشؤون الاستراتيجية وقضايا الأمن الدولي، قال إن التواجد العسكري الأمريكي في السعودية يستهدف مواجهة توسع النفوذ الإيراني في المنطقة.

وأضاف "القصاص" للأناضول أن إسقاط طهران لطائرة أمريكية مسيرة، الشهر الماضي، ثم احتجاز ناقلات نفط في مضيق هرمز (يعبر منه ثلث النفط الخام العالمي المنقول بحرًا)، سرع من إدارك أهمية وجود تحالف للتصدي لطهران.

ورأى أن تلك القوات تمثل نواة لتحالف دولي عربي، لتأمين الملاحة في مضيق هرمز، والحد من نفوذ طهران عليه، وستشارك فيه دول غربية أخرى.

واعتبر أن ما يحدث حاليًا هو تموقع متقدم، وإعادة بناء للقدرات، وجهود تُبذل لتفادي أي إعاقات أو رد معاكس، استعدادًا لضربة خاطفة ضد إيران.

تأثير العقوبات

بينما استبعد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، "سعيد صادق"، توجيه ضربة عسكرية لإيران.

وقال "صادق" للأناضول إنه لا توجد نية لدى واشنطن لشن هجوم، فهي تعتمد على طرق أخرى، وهي تأثيرات العقوبات الاقتصادية، التي ربما تؤدي إلى انفجار داخلي، وإضربات عمالية، وثورة، ومن ثم إضعاف النظام الحاكم في طهران.

وانسحبت واشنطن، في مايو/أيار 2018، من الاتفاق النووي متعدد الأطراف، الموقع مع طهران عام 2015، وأعادت فرض عقوبات اقتصادية عليها.

ومع مرور عام على ذلك الانسحاب، بدأت إيران خفض التزاماتها بموجب الاتفاق، الذي يفرض قيودًا على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.

ورأى "صادق" أن التواجد العسكري الأمريكي ليس بجديد، فالسعودية تعيش دائمًا تحت حماية أمريكية.

وتابع أن الإرسال العلني للقوات هو رسالة طمأنة من واشنطن لحليفتها الاستراتيجية الرياض، بعد الانسحاب الإماراتي مؤخرًا من حرب اليمن.

وتقود السعودية، منذ مارس/آذار 2015، تحالفًا عسكريًا من دول عربية، بينها الإمارات، ينفذ عمليات في اليمن، دعمًا للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، المدعومة من إيران.

وأردف "صادق" أن السعودية الآن هي أكثر منطقة في الخليج تأثرًا بالحرب في اليمن؛ جراء التهديدات المتواصلة من الحوثيين لجنوبي المملكة، ووجود قوات أمريكية قد يقلل الاستهدافات؛ خشية رد قوي من واشنطن.

وكثف الحوثيون، مؤخرًا، هجماتهم بطائرات مسيرة وصواريخ متوسطة المدى على أهداف جنوبي الجارة السعودية.

واعتبر "صادق" أن وجود 500 جندي أمريكي لا يمثل أكثر من "عامل رمزي" وتأكيد على أن السعودية "لا زالت تحت مظلة الحماية والدفاع الأمريكية".

كما اتهمت واشنطن وعواصم خليجية، خاصة الرياض، طهران باستهداف سفن تجارية ومنشآت نفطية في الخليج، وهو ما نفته إيران، وعرضت توقيع اتفاقية "عدم اعتداء" مع دول الخليج.

الدور الروسي

التحرك العسكري الأمريكي ناحية الخليج العربي عزاه أستاذ العلاقات الدولية، "طارق فهمي"، إلى سبب إضافي، وهو خشية واشنطن من انفراط عقد تحالفاتها في المنطقة لصالح روسيا.

وتبذل موسكو، المنافس الاستراتيجي لواشنطن في المنطقة على النفوذ، جهودًا مكثفة لتعزيز علاقاتها مع العديد من العواصم الفاعلة في الشرق الأوسط.

وأضاف "فهمي"، في تدوينة بـ"فيسبوك" السبت، إن المنطقة تشهد تطورات إقليمية غاية في الأهمية، بينها "إرسال القوات الأمريكية للسعودية".

وأرجع تلك الخطوة إلى الرغبة في "تشكيل تحالف عسكري (ناتو عربي) وتطبيق استراتيجية من ليس معنا فهو ضدنا".

ومنذ عامين، تتحدث الولايات المتحدة، عبر اجتماعات وبيانات، عن خطة لبناء تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي "MESA" (الناتو العربي)، للتصدي للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، ورفع القدرات القتالية والدفاعية للدول الشريكة.

وأعلنت السعودية، في 9 أبريل/نيسان الماضي، أنها استضافت اجتماعًا ضم الولايات المتحدة، الإمارات، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، قطر والأردن، في إطار التحضير لإطلاق "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي".

ووصفت الرياض الاجتماع بالمهم، بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

ولم تشارك مصر، أحد أبرز الحلفاء الإقليميين للسعودية، في الاجتماع العربي الأمريكي.

وبينما لم تعلن القاهرة رسميًا سبب غيابها عن الاجتماع، أفادت تقارير إعلامية محلية بوجود تحفظ مصري على الاجتماع؛ بسبب عدم جدية المبادرة، وعدم وجود خطة، وخشية زيادة التوتر في المنطقة.