نيويورك تايمز: ابن سلمان “مجرم حرب” يشتري صمت ترامب والمؤسسات الأمريكية على جرائمه بأموال السعوديين
سلط الكاتب “مايكل سكولوف” المساهم بصحيفة “نيويورك تايمز”، في تحقيق مطول له بالصحيفة تحت عنوان “لماذا توجد أموال سعودية في الجامعات الأمريكية؟ الضوء على الأموال السعودية التي يضخها ولي العهد محمد بن سلمان ببذخ في المؤسسات والجامعات الأمريكية لشراء صتمتها على جرائمه البشعة.
وأشار “سكولوف” في بداية تحقيقة إلى احتجاجات طلابية العام الماضي أمام واحدة من أهم المؤسسات العلمية الأمريكية “معهد ماساسوشيتس للتكنولوجيا” (أم أي تي)، حيث كانوا يطالبون بإلغاء زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى المعهد العريق، ويريدون إثارة الانتباه للوضع الكارثي الذي خلقه في اليمن، بالإضافة لتركيز النظر على علاقة المؤسسة و62 جامعة أمريكية مع السعودية.
وكان من بين المتحدثين في التظاهرة أمام “أم أي تي” شيرين الأديمي (35 عاما) التي قضت شطرا من حياتها في اليمن، ويعيش أهلها الحرب الأهلية التي سقط فيها آلاف اليمنيين، ولكن لا أحد في الولايات المتحدة يعرف بها.
ولأن المساهمات المالية السعودية في الجامعات الأمريكية تأتي على شكل دعم مالي للبحث، وممولة بشكل كامل من شركة النفط العملاقة “أرامكو” والصناعات الأخرى المملوكة من الدولة، لم يكن هناك ما يدعو لرفض المساهمة المالية، ولهذا كانت أصوات المحتجين هامشية ومن السهل تجاهلها.
وتعيش الأديمي مع زوجها طالب الدكتوراة في “أم أي تي”، وكانت هي تنهي رسالتها في جامعة هارفارد. ولم تكن تهتم بالسياسة: “لو كان لدي شيء أقوله في الرأي العام لكان عن التعليم”، ولكنها بدأت تكتب عن التدخل السعودي في اليمن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنشورات الأمريكية، ولبست في التظاهرة قميصا كتب عليه: “الرجل الذي تستقبله أم أي تي يقوم بتجويع ملايين اليمنيين للموت، ويمنع عنهم الطعام والدواء”.
وكانت تقول ببساطة إن الجامعة تستقبل “مجرم حرب” وتجب معاقبته على جرائمه لا الترحيب به، وقامت هي وخمسة من المتظاهرين بدخول مبنى الجامعة، وسلمت عريضة عليها 4.000 توقيع لرئيسها رفائيل ريف تطالبه بإلغاء المناسبة. ولم يكن ريف في مكتبه، ولم يحصل المتظاهرون على رد.
وفي صباح اليوم التالي، قضى محمد بن سلمان ساعات في مخبر الإعلام بالمعهد، والذي تقدمه الجامعة على أنه أهم ما تملكه من ناحية البحث، وبميزانية سنوية بلغت 75 مليون دولار، تسهم فيها 90 شركة ومؤسسة منها مؤسسة محمد بن سلمان، إذ تساهم كل واحدة منها بـ 250.000 دولارا سنويا. وفي ذلك اليوم، وقعت السعودية مع الجامعة عقدا بـ23 مليون دولار يمدد الدعم لمخبر الإعلام، ولعقد آخر مع شركة البتروكيماويات السعودية، سابك، لتطوير أبحاث متقدمة لتصفية الغاز الطبيعي.
وفي نفس الشهر، تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت “أم أي تي” أنها تقوم بتقييم علاقاتها مع المملكة، وعيّن العميد ريتشارد ليستر، الذي يشرف على علاقات الجامعة مع الكيانات الأجنبية لكي يقوم بالمراجعة. وهو مهندس نووي بالتدريب وانضم للجامعة منذ كان في العشرينات من عمره، عام 1979 وكانت مهمته البحث في مصدر المال وإن لم يكن شرعيا ويقضي برفض التعاون مع الجهة التي تبرعت به، وهي مهمة ليست بالسهلة.
وفي تقرير مبدئي كتبه ليستر في كانون الأول/ديسمبر 2018، وزعه على هيئة المدرسين والطلاب قال فيه إن واحدا من حاشية محمد بن سلمان أثناء زيارته للجامعة من المتورطين في قتل خاشقجي، في إشارة لماهر المطرب و”هذا الشخص تعامل مع مجتمع أم أي تي في ذلك الوقت- تدخل غير مرحب به وغير مريح في مساحتنا مع أنه حدث في الماضي”، وأعادت شركة “إندفور” للترفيه 400 مليون دولار للمملكة هذا العام فيما احتفظت بقية المؤسسات الأكاديمية الأمريكية بعلاقاتها مع السعودية.
ويرى الكاتب أن “أم أي تي” ليست بحاجة للمال السعودي، فهي من الجامعات الأكثر ثراء في أمريكا ويعدل ناتجها المحلي العام سبعين دولة منها منغوليا ونيكاراغوا وجمهورية الكونغو. والمال الذي تحصل عليه من المصادر السعودية قليل نسبيا لا يتجاوز 10 ملايين على مدى سنوات مع أنها تلقت هدايا من أثرياء سعوديين وصلت قيمتها حوالي 43 مليون دولار.
ويرى الكاتب أن المنافع التي تحصل عليها السعودية واضحة، فبالإضافة لحصولها على مدخل للعقل الأمريكي الأكاديمي فإن علاقتها مع مؤسسات مثل “أم أي تي” تخفف من صورتها وتبدو وكأنها دولة منفتحة مع أنها ملكية مطلقة تضطهد المرأة والمثليين ولا يوجد فيها قانون لحماية الصحافة.
وهناك أمر آخر يتعلق بالماركة وتغيير الصورة، فدعمها في الفترة الأخيرة للمناسبات الرياضية كان تعبيرا عن القوة الناعمة كما يقول السفير السابق جوردان. وبعد زيارته لـ”أم أي تي” سافر موكب الأمير لجامعة هارفارد حيث شارك بلقاء حول طاولة مستديرة، وتبعه حفل استقبال ولقاء مع الطلاب في الجامعة. ولم يسأل أحد عن اليمن أو أي شيء. كان الأمر مجرد “عرض سلام دون كلام” كما يقول من ساعد في تنظيم اللقاء، مضيفا أن الزيارة كانت “علاقات عامة” أو “فضولا حقيقيا لمعرفة ما يجري في الجامعة”.
وعلى خلاف ما تقوله الجامعات من دعمها للتحديث، نقل الكاتب عن طالب سعودي اشترط إخفاء هويته قوله: “حرية التعبير مضت في الاتجاه الآخر، ولا يمكنك المخاطرة حتى بالنقد الهادئ ولو كان النقد واضحا فأخشى أنك ستنتهي في السجن”.
وفي الوقت الذي اتسم به تقرير ليستر، من “أم أي تي” بالصراحة حول فظاعة جريمة خاشقجي ودعوة طلاب الجامعة لقطع العلاقة مع السعودية، إلا أن العميد أوصى الإدارة في النهاية بقطع علاقتها مع مؤسسة محمد بن سلمان “مسك” والحفاظ على التعاون مع بقية المؤسسات الأخرى مثل ارامكو وسابك وجامعة مدينة الملك عبد العزيز التكنولوجية.