المونيتور: التجربة السعودية الجديدة للاستقلال في مجال الغاز
ترجمة وتحرير الخليج الجديد
حققت الولايات المتحدة هدفا تسعى إليه منذ وقت طويل لاستقلال الطاقة. والآن، وفقا لوزارة الطاقة، ستدعم سياسة الولايات المتحدة تصدير منتجات الطاقة الأمريكية، مثل الغاز الطبيعي المسال، كـ"جزء من الحرية الأمريكية" إلى بقية العالم. لكن أسواق الطاقة أكثر تعقيدا وأقل قومية.
وقامت المملكة العربية السعودية، من خلال شركة النفط الوطنية "أرامكو"، باستثمار كبير في الغاز في الولايات المتحدة. ويظهر هنا أن استقلال الطاقة في أمريكا له تأثير جانبي، حيث يجذب في نفس الوقت منافسي الولايات المتحدة كمستثمرين أجانب مباشرين. لكن من غير المرجح أن يجد الغاز الأمريكي، الذي تصدره "أرامكو" السعودية، طريقه إلى المملكة.
وأعلنت شركة "سيمبرا" للطاقة وشركة "أرامكو" السعودية، الأسبوع الماضي، الموافقة على اتفاقية طويلة الأجل لبيع وشراء الغاز الطبيعي المسال تشمل 5 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال من شركة "بورت أرثر" بولاية تكساس.
وتشمل الصفقة أيضا حصول "أرامكو" على حصة بنسبة 25% في مشروع تصدير "بورت أرثر" للغاز الطبيعي المسال. وتعد "سيمبرا للطاقة" أداة مساعدة مقرها "سان دييغو"، ولها عمليات في الأمريكتين في البنية التحتية للطاقة، باعتبارها منشئ ومشغل لسلاسل الإمداد ومحطات الطاقة التي تشتري وتستخدم الطاقة لتوليد الكهرباء.
وتسعى "أرامكو" إلى توسيع عملياتها لتشمل إنتاج الطاقة على نطاق واسع، من المنبع إلى المصب، في مجال النفط والغاز، بما يشمل إنتاج البتروكيماويات على مستوى العالم. وكانت جهودها مثمرة حتى الآن في العثور على شريك في الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، في حين تبقى الشراكات في روسيا وآسيا أهدافا أيضا.
ويشهد الطلب على الغاز الطبيعي المسال ارتفاعا، لا سيما لغرض توليد الكهرباء، لأنه أقل تلويثا من النفط الخام. ويعد الغاز الطبيعي قابلا للنقل والتداول بسبب التكنولوجيا التي تعمل على تبريده وتسمح بشحنه على مستوى العالم.
وفي المملكة، هناك سببان يجعلان تطوير أعمال الغاز الطبيعي المسال جذابا. أولا، يسمح ذلك بتوفير النفط الخام المستخدم حاليا لتوليد الكهرباء، الذي تدعمه الحكومة بشدة، وتصديره بغرض الربح. وتبني السعودية المزيد من محطات الكهرباء التي تعمل بالغاز، إلى جانب الجهود في مجال الطاقة المتجددة.
ثانيا، يساعد ذلك "أرامكو" في أن تصبح شركة طاقة دولية كبرى، ويساعدها على تلبية طلب المستهلكين في أسواقها الرئيسية في آسيا، التي تعمل أيضا على نقل الكهرباء.
وتريد "أرامكو" التحكم بقدر ما تستطيع في كل من إنتاج مواد ووسائل إنتاج النفط والغاز. وسيكون من بين منافسي "أرامكو" أكبر شركات النفط العالمية، مثل "إكسون موبيل" و"شل"، وأيضا رائدة تصدير الغاز ومنافسها الإقليمي قطر، و"غازبروم" الروسية.
ولدى "أرامكو" ترتيب طويل. وترغب المملكة في تسخير إمدادات الطاقة المحلية لإيجاد نمو اقتصادي للمملكة يتجاوز بيع النفط الخام. ومن الناحية السياسية، كلف الرئيس الأمريكي المملكة بالعمل كمنتج للنفط عند الطلب. كما يتزايد الطلب المحلي على الطاقة، ما يجعل إنتاج الغاز في المملكة أولوية أيضا.
ومن المرجح أن يتم تداول الغاز الطبيعي المسال الذي تملكه "أرامكو" في أماكن مثل "بورت آرثر"، أو على طول ساحل المكسيك في نصف الكرة الغربي، أكثر من توجيهها عبر الخليج العربي. كما تقوم "أرامكو" الآن بتداول النفط غير السعودي في محاولة للتأثير على الأسواق على نطاق أوسع.
وكما هو الحال مع العديد من الكيانات الحكومية في المملكة في الوقت الحالي، هناك ضغط هائل لتحقيق النمو الاقتصادي محليا، من خلال مشاريع التوسع وفرض الهيبة الدولية. ولا تزال ترجمة رؤية واستراتيجية ولي العهد إلى عمليات على مستوى الأرض تشكل تحديا بيروقراطيا عبر الكيانات الحكومية.
ولا تعد استراتيجية "أرامكو" للغاز استثناء في المملكة العربية السعودية الجديدة. ومع ذلك، تحصل "أرامكو" على دعم أقل من الاستشاريين الخارجيين من كيانات الدولة الأخرى، في حين أنها تعد أيضا أهم مصدر إيرادات للحكومة.
وتؤكد صفقة "سيمبرا" أيضا على أن قطاع الطاقة لا يرتبط كثيرا بملف القومية. وسيكتسب أكبر العملاء، مثل الصين والهند، قوة التأثير والمساومة. وستنظر الشركات الخاصة في جميع العروض الجذابة. ومن المرجح أن تتنافس الشركات المملوكة للحكومة مع الشركات الخاصة، بينما من المرجح أن تكون التزاماتها السياسية، سواء في الداخل أو في الخارج، عبئا على الربحية المنتظرة.
لكن أرامكو لا تستطيع أن تفعل كل شيء دفعة واحدة. ولقد كانت صفقة "سيمبرا" ناجحة، لكن الجهود المتزامنة للتوسع في مشاريع الغاز في روسيا وآسيا لم تمض بسلاسة. وخسرت "أرامكو" المنافسة أمام الشركات الحكومية الصينية للحصول على حصة في مشروع تسييل الغاز الروسي "نوفاتيك أرتيك".
ويجب أن يكون لدى "أرامكو" بعض الشركاء الراغبين في شراء الغاز الطبيعي المسال، مثل باكستان، لكن قد يكون الدافع في الأساس التزامات الدعم السياسي للمملكة العربية السعودية.
المصدر | كارين يونج - المونيتور