لماذا تسعى السعودية لاختراق سوق الغاز الطبيعي المسال؟
ترجمة وتحرير الخليج الجديد
لا يتعلق سعي السعودية لأن تصبح لاعبا رئيسيا في مجال الغاز الطبيعي حول تنويع مزيج الاستهلاك والتصدير المحلي للمملكة بقدر ما يتعلق بالاستفادة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية القاسية ضد إيران والمصممة لفرض تغيير في سياسة الجمهورية الإسلامية، إن لم يكن نظامها.
وحققت المملكة العربية السعودية نجاحا مبدئيا في بيع أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال في سنغافورة، المركز التجاري لآسيا والمحيط الهادئ، وأكبر سوق للغاز الطبيعي المسال في العالم.
ويدل البيع عن طموحات شركة النفط الوطنية السعودية، أرامكو، التي تسعى إلى أن تصبح لاعبا رئيسيا في مجال الغاز من خلال الشراكة مع المنتجين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك خطوط الغاز القطبية الروسية.
وتتوقع أرامكو من هذه الشراكات أن تحولها إلى أحد رواد تسويق الغاز الطبيعي، خاصة في الأسواق الفورية والقصيرة الأجل.
وزار وفد من أرامكو باكستان في وقت سابق من هذا الشهر لمناقشة مبيعات الغاز كوسيلة لمعالجة النقص في الطاقة في الدولة الواقعة في جنوب آسيا حيث تفتح حقول الغاز المتعددة أمام المستثمرين الأجانب.
في الوقت نفسه، تتطلع المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح دولة مصدرة للغاز من تلقاء نفسها خلال السنوات الخمس إلى الست القادمة بعد اكتشافها مؤخرا احتياطيات كبيرة في البحر الأحمر.
وقال وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح" في وقت سابق من هذا الشهر إن المملكة تجري بالفعل مناقشات مع دول خليجية أخرى حول بناء خطوط أنابيب للغاز الطبيعي وستقوم قريبا بإجراء دراسات جدوى.
ومن المؤكد أن هذه المناقشات لن تشمل قطر وإيران، وهما من دول المنطقة ومن أبرز المنتجين للغاز في العالم.
ولا تعد الخطوة السعودية مجرد جزء من جهودها الطويلة الأجل لتقليل اعتمادها على صادرات النفط وتنويع اقتصادها ولكن أيضا محاولة للاستفادة من حقيقة أن إيران تعاني بشدة من تضييق شديد من إدارة "ترامب".
وقالت الإدارة إنها تعتزم خفض صادرات الطاقة الإيرانية إلى الصفر بإلغاء الإعفاءات التي أصدرتها لثمانية مشترين، من بينهم الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية.
ومنحت الإعفاءات البلدان الثمانية رخصة لشراء النفط الإيراني دون التعرض للعقوبات التي فرضت العام الماضي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015.
وبالمثل، متهدف مبيعات الغاز السعودي إلى مزاحمة منافسيها في قطر، أبرز مصدري الغاز المسال في العالم.
وكان تنويع صادرات قطر عاملا أساسيا في قدرتها على صد المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة منذ 23 شهرا والتي كانت تهدف إلى إجبارها على تغيير سياساتها أيضا.
ولا توجد بوادر أن ذلك النزاع الخليجي سوف يتم تسويته في أي وقت قريب.
قد يكون لطموحات الغاز طويلة الأجل في السعودية عواقب قصيرة الأجل على سياساتها الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بإيران.
وتسعى المملكة، التي يُنظر إليها على أنها مؤيدة لتغيير النظام في طهران، لإلحاق ضرر كبير بالحكومة الإيرانية التي تكافح من أجل تغطية نفقاتها، قبل حدوث تبدل في القيادة الأمريكية يمكن أن يسمح لإيران باستعادة مكانها بسرعة في أسواق الطاقة العالمية.
عبر الضغط على إيران، تسعى السعودية لتقويض ميناء تشابهار المدعوم من الهند، على بعد 70 كيلومترا فقط من ساحل بحر العرب ومن ميناء جوادر، المدعوم من الصين والسعودية في بلوشستان الباكستانية.
وتعهدت المملكة العربية السعودية ببناء مصفاة تكلفتها 10 مليارات دولار في غوادر، وتشير الخطط السعودية لتطوير صناعة الغاز إلى أن المملكة تحتاج إلى عقد من الزمن لتحقيقها.
وقد قال "أمين ناصر" الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، إنه يتوقع استثمار 150 مليار دولار أمريكي في قطاع الغاز السعودي على مدى السنوات العشر المقبلة، وتوقع "ناصر" زيادة إنتاج الغاز من 14 مليار قدم مكعب قياسي إلى 23 مليار قدم بحلول عام 2030.
وأعربت المملكة مؤخرا عن رغبتها في الحصول على حصة 30% في مشروع "نوفاتيك أركتيك" للغاز الطبيعي المسال الروسي. كما تتطلع المملكة العربية السعودية لشراء أصول الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة.
من المحتمل ألا يؤدي الاتفاق السعودي الروسي في منطقة القطب الشمالي إلى تعزيز موقف المملكة فحسب، بل سيجعل المملكة العربية السعودية وروسيا متقاربتين في إدارتهما المشتركة لإمدادات النفط العالمية.
وفي عالم تزداد فيه القومية الاقتصادية، لا تحظى طموحات الغاز السعودية بالترحيب العالمي.
في حين أن موقف إدارة "ترامب" من الاستثمارات السعودية في مجال الغاز لا يزال غير واضح، إلا أن بعض المحللين يتوجسون من الأمر.
وقال "جود كليمنتي": "لا يمكننا ببساطة تسليم سوق الغاز المهم إلى المصدرين الأكثر خطورة الذين غالبا ما يكون لديهم أهداف سياسية تتعارض مع أهدافنا".
المصدر | أوراسيا ريفيو