هل سَمِع القادة العرب المُجتمعين في تونس بيوم الأرض؟
وهل اطّلعوا على برنامج اليمين الإسرائيليّ الانتخابيّ الذي يتزعّمه صديقهم نِتنياهو ويُطالب بإقامة إسرائيل داخِل الحُدود التوراتيّة أيّ كُل لبنان والأردن ونِصف سورية وثُلُث السعوديّة وثُلثيّ العِراق ونِصف سيناء؟ إليكُم ما يُنغّص عليكُم اجتماعكم
عندما يحتفِل آلاف الفِلسطينيين في مُختلف المُدن والقُرى بيوم الأرض الذي يُصادف ذِكراه اليوم، يُنظّمون المسيرات، ويخوضون المُواجهات، ويُقدّمون الشّهداء والدّم، فإنّهم لا يُدافعون عن الأرض الفِلسطينيّة فقط، وإنّما عن الأرض العربيّة المُهدّدة بالضّم الإسرائيليّ.
ائتلاف اليمين الذي يتزعّمه بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء، الذي يخوض الانتِخابات التشريعيّة الأُسبوع المُقبل يضع على قمّة أجنداته الدّعوة إلى إقامة دولة إسرائيل داخِل الحُدود التوراتيّة، وهذا يعني وفق الخرائط الرسميّة احتلال كُل لبنان، وكُل فِلسطين، وكُل الأردن، ونصف سورية، وثُلُث السعوديّة، وثُلثيّ العِراق، ونِصف سيناء.
لا نعتقد أنّ وزراء الخارجيّة العرب الذين ذهبوا للمُشاركة في مؤتمر وارسو التطبيعيّ، واعتبروا إيران هي الخطر الأكبر الذي يُهدّد أمن العالم واستقراره، ولم يذكُروا الخطر الإسرائيليّ بكلمةٍ واحدةٍ، ولو من قبيل المُجاملة، ويُهيمنون على الاجتماع التحضيريّ للقمّة العربيّة في تونس، يُريدون أن يعرِفوا هذه الحقائق المذكورة آنفًا، أو يسمَعوا عن يوم الأرض وشُهدائه، فإسرائيل هي الحليف والحامِ لهُم ولأنظمتهم، ولا يهمهم تهويد القدس المحتلة، وضم هضبة الجولان، ونزع صفة الاحتلال عن غزّة والضفّة الغربيّة.
اليوم هضبة الجولان، وغدًا خيبر وبابل وسيناء وكل لبنان والأردن الذي سيُصبح الوطن البديل، ويتم ترحيل ملايين الفِلسطينيين إليه تحت عُنوان تخفيف الكثافة السكّانيّة في “جوديا وسماريا”، حسب التّعريف الصهيونيّ التوراتيّ.
الفِلسطينيّون يحتفِلون اليوم بيوم الأرض وهُم أقوى عزيمةً، وأكثر إصرارًا على المُقاومة للاحتلال بأشكالها كافّة، والوقوف سدًّا صلبًا في وجه الاحتلال ومُخطّطاته، وطُموحاته، لابتِلاع الأرض العربيّة، وإقامة امبراطوريّته التاريخيّة.
مسيرات العودة التي تنطلِق اليوم، وكُل يوم جمعة على طُول الحُدود في قِطاع غزّة تتعانق مع صواريخ المُقاومة التي وصلت إلى ما بعد تل أبيب وباتت تُشكّل الرّعب للمُستوطنين الإسرائيليين، وتدفع بالملايين منهم إلى الملاجئ، وتجعل قذائف الطائرات الإسرائيليّة تضرب في الخلاء والأماكن المهجورة، وتُفشِل القُبب الحديديّة في اعتراضها.
متى كان نِتنياهو المُتغطرس يُهرول إلى القاهرة بعد كل صاروخ مُستنجدًا بالقيادة المِصريّة، ومُتسوّلًا وقف سريع لإطلاق النّار؟ الإجابة بسيطة، وتتلخّص في عبارته الشهيرة “أن المخفي أعظم”، وهذا المخفي هو الإرادة الصّلبة التي كسرت كبرياء وغطرسة القُبب الحديديّة التي كلّف إنشاؤها عشرات المِليارات.
“القادة” الذين يجتمعون في تونس “الأحد” لم يسمعوا بيوم الأرض ومعانيه الوطنيّة، ولا يُريدون أن يسمعوا، ولو كانوا يسمعون لما اختاروا عقد قمّتهم في هذه الذّكرى، فإسرائيل ليست عدوهم، ولن تكون، وبوصلة صداقتهم تُؤشّر نحوها.
كان السيد حسن نصر الله مُتفائلًا عندما طالب هؤلاء بسحب مُبادرتهم العربيّة للسّلام كحدٍّ أدنى، بعد أن تحوّلت إلى مهزلة، وموضع احتقار من نِتنياهو وغيره، من كثرة ما داسوا عليها، وأصحابها بأحذيتهم المُلطّخة بدِماء الشّرفاء.
يا سيّد المُقاومة، هؤلاء ليسوا أهلًا لمُخاطبتك لهم، ولا يستحقّون أن تُعيرهم أيّ اهتمام، فعقيدتهم التّطبيع، ومبدأهم الاستسلام، وقمّة المُنى لديهم رضاء نِتنياهو، وزيارة ماري ريغيف، وزيرة الثقافة الإسرائيليّة العُنصريّة البغيضة، وفرقها الرياضيّة، ونوتة النّشيد الوطنيّ الصهيوني الموسيقيّة.
في يوم الأرض المُبارك نترحّم على الشّهداء الذين قدّموا أرواحهم دفاعًا عن الأرض العربيّة والإسلاميّة في فِلسطين المحتلة، كُل فِلسطين، ونشُد على أيادي المُقاومين مشاريع الشهادة الحيّة رافعة رايات العزّة والكرامة نيابةً عن أمّة مُنهكة بطعنات حُكّامها وأعدائها معًا.
أُمّةٌ فيها أمثال الشهيد عمر أبو ليلى وأشقائه وشقيقاته من المُقاومين والمُقاومات الشّريفات العفيفات ستنتصر في نِهاية المطاف.. والأيّام بيننا.
“رأي اليوم”