“تأجيل” زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى ماليزيا وأندونيسيا إلى “أجلٍ غير مُسمّى”: هل جاءت فِعلاً بطلبٍ من السعوديّة؟..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2258
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مُظاهرات ماليزيّة رافضة لزيارته ومهاتير محمد لا يعلم “سبب التأجيل”.. الرئيس الأندونيسي كان قد خاب ظنّه بالملك سلمان بعد حمله المظلّة له شخصيّاً!.. في باكستان ماذا يُريد خان من بن سلمان بعد استقباله؟.. وأين هو إبراهيم العسّاف وزير الخارجيّة السعوديّ الجديد؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 لا يَزال الغُموض، يكتنف تأجيل زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى ماليزيا، وأندونيسيا، وذلك بعد إعلان كل من البلدين، “تأجيل” الزيارة إلى أجلٍ غير مُسمّى، وبطلبٍ من السعوديّة، وهو الطلب الغامض غير المُتوقّع، فالأمير الشاب كان على أهبة الاستعداد، لبدء جولة ثانية خارجيّة “آسيويّة” بعد تلك الأولى التي جاءت بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وانتهت بمُشاركته في قمّة العشرين بالأرجنتين.
تقول بعض فرضيات الداخل السعودي، أن الأمير بن سلمان، ربّما أدرك عدم نجاح جولته الأخيرة بالشكل الذي كان يأمله شخصيّاً، فقد تصدّر حُضوره عناوين الصحف، والمجلات، ليس كقائد إصلاحيّ كما يقول مُقرّبون منه، بل كمسؤولٍ ومتّهمٍ عن اغتيال الصحافي السعودي خاشقجي، وهي اتهامات طالته شخصيّاً، وبختم الصحف الأمريكيّة، وأجهزة استخبارات الدولة الحليفة لبلاده، وعليه قرّر الأمير تأجيل الزيارة، عملاً بتحقيق الصورة أفضل لجولته تلك، والتي بدأت بالفعل في باكستان الأحد، وكانت قد تأجّلت السبت.
الأقل تفاؤلاً في سياسات الأمير بن سلمان، يرون أنّ تأجيل الزيارة جاء بطلب ذات الدول، ولكن عملاً بالدبلوماسيّة، واختيار أقصر طُرق الإحراج، أعلنت تلك الدول ماليزيا، وأندونيسيا، تأجيل تلك الزيارة إلى أجلٍ غير مُسمّى، وبطلبٍ كما قالت من السعوديّة.
رئيس الوزراء الماليزي ذاته مهاتير محمد، قال إنه جرى إبلاغه تأجيل الزيارة، لكنّه لا يعلم السبب، وتردّد أن منظمات حُقوقيّة وإنسانيّة في البلاد، تنظيم مُظاهرات واسعة في ماليزيا، ردّاً على زيارة بن سلمان، والتي يلتقي فيها مهاتير محمد.
وكان الانسحاب من التحالف الإسلامي اول القرارات التي اتخذها الدكتور مهاتير محمد بعد توليه رئاسة الحكومة مرة أخرى، وكذلك سحب قوات بلاده الرمزية في حرب اليمن، ويواجه رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب عبد الرزاق المعتقل بتهم الفساد حاليا اتهامات بتلقي رشاوى من المملكة العربية السعودية اثناء حكمه للبلاد.
هذه المُظاهرات ربّما تكون سبباً لافتاً بنظر المراقبين، لكي تدفع بالأمير بن سلمان إلى التأجيل، لكن الأخير يقول آخرون لم يعبأ سابقاً بمُظاهرات ضدّه، بسبب حربه على اليمن، وحتى اتهامه في مقتل خاشقجي، ويُرجّح مُتحمّسون لسياسات الماليزي مهاتير محمد، أن يكون هو من طلب تأجيل الزيارة، فالرجل يرفض حتى استضافة فريق رياضي إسرائيلي على أراضي بلاده، ورافض عنيف للتطبيع، ومُساند للقضيّة الفلسطينيّة، بينما تُشير أصابع الاتهام إلى تبنّي بن سلمان صفقة القرن، وبالتعاون مع صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاريد كوشنر، هذا عدا عن تجنّبه أي مهاتير حرج استقبال قاتل الصحفيين على حد وصف صحف غربيّة، وكان الأخير قد اعتبر أن مقتل خاشقجي عملاً وحشيّاً غير مقبول.
ويبحث الأمير بن سلمان، عن موطِئ قدم، في دول العالم الإسلامي، وفي كل من باكستان، ماليزيا، أندونيسيا، إلا أن عثرات حربه في اليمن، يقول مراقبون أفقدته تطلعّاته وطُموحاته، كي تتربّع بلاده على عرش بلاد الإسلام السنّي، ويصل الأمر بتلك الدول إلى الإعلان عن تأجيل زيارته دون أسباب مفهومة، ومُعلنة، وحتى مُحرجة بالأكثر، كُلٌّ لمصالحه وأسبابه الشخصيّة.
ويعتقد مراقبون، أن الانتخابات التشريعيّة، والرئاسيّة التي ستشهدها إندونيسيا في 17 إبريل المُقبل، هي اللاعب الأكبر في التأثير على اختيار المسؤولين تجنّب استقبال محمد بن سلمان، وهي انتخابات تشريعيّة، ورئاسيّة، تخوضها البِلاد في آنٍ واحد منذ الاستقلال قبل 73 عاماً، وقد يُؤثّر لقاء الأمير على القواعد الانتخابيّة الشعبيّة للمُرشّحين، حيث يتنافس على الرئاسة مُرشّحين هُما الرئيس الحالي جوكو ويدودو لولاية ثالثة وأخيرة، أمام الجنرال المتقاعد برابوو سوبيانتو، كما فشلت زيارة للملك سلمان بن عبدالعزيز إلى البلاد منذ عامين، حيث كان مُتوقّعاً أن تستثمر السعوديّة بالمليارات في إندونيسيا.
وبالإضافة إلى عامل الانتخابات، لعلّ الرئيس الإندونيسي كما يُرجّح مراقبون، لا يُرغب بأن يُلدغ من الجُحر مرّتين، فيغامر بقاعدته الانتخابيّة، ولا يحصل على مُبتغاه المالي الاستثماري من زيارة ابن العاهل السعودي، فقبل عامين زار الأخير (سلمان) إندونيسيا، وقد عبّر الرئيس الحالي جوكو في حينها عن خيبة أمله من قيمة الاستثمار السعودي الذي وصل إلى 6.71 مُقارنةً بالصين 65 مليار، حتى أنه أشار إلى حمله المظلة للملك سلمان شخصيّاً، خلال هُطول الأمطار الغزيرة، والسعوديّة لا تملك إلا المال على حد تعبير الرئيس الأمريكي ترامب المُتكرّر هذه الأيّام.
أمّا باكستان، فيبدو أنّ العامل الاقتصادي، هو من يحرّك رئيس وزرائها عمران خان، حيث تشهد العاصمة أجواءً احتفاليّة ولافتات تحمل صور الملك سلمان ووليّ عهده، وسط إجراءات أمنيّة مُشدّدة، ويتوقّع أن تصل قيمة الاستثمارات المُوقّعة خلال الزيارة الأحد إلى حواليّ سبعة مليارات، وكان خان قد أعلن دعمه للمملكة بعد مقتل خاشقجي، وكان من المُشاركين القلائل في مؤتمر دافوس الصحراء في الرياض، إلى جانب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وكان لافتاً، تصدّر وزير الدولة للشؤون الخارجيّة عادل الجبير، مُواصلة مُتابعة أمور بلاده، فتصدّرت تصريحاته النافية مسؤوليّة الأمير بن سلمان عن مقتل خاشقجي أخيراً، بعد اتهامات الكونغرس الأمريكي، وأيضاً في بيان الخارجيّة الماليزي، طلب الجبير خلال اتصال هاتفي مع نظيره الماليزي، تأجيل زيارة بن سلمان، فأين هو وزير الخارجيّة الجديد إبراهيم العسّاف، يتساءل مُعلّقون.
ولن تخف بعض الأوساط الدبلوماسية في كل من ماليزيا واندونيسيا دور العامل الأمني في تأجيل زيارة الأمير بن سلمان للبلدين.
ويصل ولي العهد السعودي بعد ظهر الأحد إلى العاصمة الباكستانية حيث سيبقى حتى الإثنين.
ويصل الأمير محمد إلى باكستان في أجواء من التوتر الإقليمي الشديد. وتتهم الهند وإيران المتجاورتان إسلام أباد بالتورط في هجومين انتحاريين أسفرا عن سقوط قتلى خلال الأسبوع الجاري على أراضي الدولتين، حسب وكالة الانباء الفرنسية، وتتهم ايران السعودية، والأمير بن سلمان شخصيا بدعم الجماعات التي تسعى الى زعزعة الاستقرار الداخلي الإيراني، وتصدير الحرب اليها مثلما قال في احد مقابلاته الصحافية.
ورفضت إسلام أباد في بيان الأحد “الادعاءات العبثية” التي أطلقتها نيودلهي، مؤكدة رغبتها في “تطبيع العلاقات مع الهند”.
وسيتوجه بعد ذلك إلى الهند حيث سيلتقي رئيس الوزراء ناريندرا مودي ويناقش مسألة النفط مع وزير البترول والغاز الطبيعي دارميندرا برادان. وسيزور الصين الخميس والجمعة.
وتأتي هذه الجولة بعد خمسة أشهر ونصف شهر على مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلده في اسطنبول، في قضية أثارت استياء كبيرا وأساءت لصورة السعودية وخصوصا ولي العهد، حسب وكالة الانباء الفرنسية.
لكن المحللين يرون أن هذه الجولة الآسيوية لولي العهد السعودي هي أهم ظهور له على الساحة الدبلوماسية منذ مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين في كانون الأول/ديسمبر.
رأى جيمس دورسي الباحث المحلق في معهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة أن ولي العهد “يريد أن يظهر أنه ليس منبوذا على الصعيد الدولي”.
وأضاف إنه يريد أن يبرهن أنه ما زال قادرا على “العمل على الساحة الدولية (…) بصفته أعلى ممثل للسعودية بعد الملك” سلمان بن عبد العزيز.
وقال لي غووفو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد الصين للدراسات الدولية، مركز الأبحاث المرتبط بالحكومة الصينية، إن قضية خاشقجي لا تزال تثير جدلا في البلدان الغربية “إلى درجة جعلت من غير المريح إطلاقا لولي العهد أن يتوجه إلى الغرب”، كما قال للوكالة الفرنسية.
وأضاف أن “عدم الذهاب إلى الغرب لا يعني أنه لا يستطيع القدوم إلى الشرق”، مشيرا إلى أن المملكة “تقوم بعمليات تصحيح استراتيجية والدبلوماسية السعودية تلتفت حاليا باتجاه آسيا”.
وتابع أن “الدول الآسيوية لديها سمة خاصة ومهمة هي أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.
وقال دورسي إن جولة ولي العهد تتضمن شقا اقتصاديا أيضا، موضحا أن “الصين هي الزبون الرئيسي للخام السعودي وكل الزبائن الرئيسيين الآخرين آسيوين: الهند واليابان وكوريا الجنوبية”.
وأكدت المحللة في مجموعة “أميركان انتربرايز اينستيتوت” كارين يونغ أن “آسيا تشكل مصدر استثمارات في الطاقة والبنى التحتية في الخليج، والنمو المقبل للاقتصاد العالمي سيسجل في آسيا”.