حَربٌ تُركيّةٌ – سُعوديّةٌ على خَلفيّة مقتل الخاشقجي: الأتراك يُواصِلون نَشْر غسيل المُتورِّطين لدرجة الحديث عن شكوى “البديل” من ضِيقِ حِذاء جمال وقائد “الذُّباب الإلكتروني” الطّليق..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1817
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

حَديثٌ نَخبويٌّ عن “حملة صليبيّة” تستهدف بن سلمان وحملة مُضادّة للمُقاطَعة تنشر قوائم المُنتجات التركيّة و”كودها” الخاص.. تلميح سعودي بمعرفة تركيا بالجريمة قبل وُقوعِها وخُطّة تحويل الاتِّهام
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 تُواصِل السُّلطات التركيّة تجديد إحياء قضيّة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، والمقتول على أراضيها في قُنصليّة بلاده، وآخرها التسريبات التي تحدّثت عنها الصحافة التركيّة، حول تفاصيل ما جرى مع الخاشقجي، وخنقه، ووصفه بالخائن، بل شكوى “الشبيه” الذي ارتدى ملابس الضحيّة المغدور، وغادر أمام الكاميرات في محاولة “تمويه” وتأكيد على خروج جمال من القُنصلية، حيث اشتكى البديل من ضيق حذاء جمال كما تقول أو تُسرّب الصحافة التركيّة تفاصيل المشهد الأخير في حياة الصحافي السعودي، والتقاطه أنفاسه الأخيرة، قبل التقطيع، والتذويب بالأسيد.
وكالات الأنباء التركيّة الأشهر في البِلاد بحسب ما رصدت “رأي اليوم”، هي أيضاً تواصل حملاتها على أشخاص بعينهم، أمثال المُستشار سعود القحطاني، وتصفه بقائد الذباب الإلكتروني، وتصف شخصيّته بالوحشيّة الإجراميّة، وهو المُشرف الأوّل على عمليّات تعذيب المُعتقلين في واقعة “الريتز كارلتون”، بل وتوجيه الإهانات إلى جمال خاشقجي، وقد أفردت له إحداها “إنفو جرافاً” تحقيقاً خاصّاً يتضمّن ما أسمته “مسلسل جرائمه”، وهو كما تنقل “رويترز” لا يزال حُرًّا طليقاً بعد اتهامه بالمسؤوليّة عن جريمة خاشقجي من قبل سُلطات بلاده، ويُمارس عمله بسريّة في توجيه “ذبابه الإلكتروني” على حد وصف الوكالة، كما أنه المسؤول عن “توصيات” رفع حدّة الهُجوم على تركيا على منصّة “تويتر”، ضمن حملات مُقاطعة سياحتها، ومُنتجاتها، كما ينقل مُعارضون سعوديّون.
لا يبدو “التصعيد” التركيّ وفق مراقبين، مسيراً في خط عودة التهدئة مع السعوديّة، ويبدو أن التحليلات التي تَصُب في تقديم بعض التنازلات الأمريكيّة وتسليمها الداعية التركي المتهم بكونه المسؤول عن الانقلاب الفاشل فتح الله غولن، مُقابل إغلاق ملف خاشقجي “إعلاميّاً وسياسيّاً”، لا تأخذ حيّزاً كبيراً في أفكار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يرغب بالانتقام، و”تفوّق” في إدارة الأزمة “الخاشقجيّة” بكُل اقتدار بحسب آراء العديد من المُحلّلين والخُبراء، وإبقائها حيّةً، واستطاع أن يعصف بثوابت حُكم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عالميّاً، وتحوّل الأخير بنظر الإعلام الغربي من إصلاحيٍّ إلى دمويٍّ قاتل، بل ويسعى أردوغان إلى تنحيته عن عرش المملكة، وهو اعتراف صريح تُشير إليه هذه الأيّام صُحف المملكة، وتُؤكِّد صحيفة سعوديّة بارزة على “النوايا الأردوغانيّة” التي لن تنتهي إلا “بعزل” بن سلمان.
“الغَزل” الابن سَلمانيّ كما يصفه الصحافي السعودي أحمد التميمي بأردوغان خلال مؤتمر الاستثمار في العاصمة الرياض والذي قاطعته معظم دول العالم الغربي على خلفيّة مقتل خاشقجي، كان مُتأخِّراً، وبدا أنّ إشارة التصعيد التركيّة قد وصلت مسامع قصر الحُكم في بلاد الحرمين، وجاء الإيعاز بتقسيم حملة الهُجوم السعوديّة على تركيا والإعلام الغربي الذي ينتقدها ضمن ثلاثة أجزاء، وبدا ذلك جَليّاً وواضِحاً للمُراقبين والمُهتمين في الشأن السعوديّ:
الجزئيّة الأولى: تحدّثت نُخب سعوديّة بارزة بعينها وتشغل مناصب صحفيّة مرموقة، وهي محسوبة للمُفارقة كما يقول مُعارضون على التيّار الليبرالي، لكنّها بدأت تُروّج لوجود حملة “صليبيّة” يَشُنّها الإعلام الغربيّ على الأمير محمد بن سلمان، بصفته إسلاميّاً، وتحديداً صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكيّة واسعة الانتشار والتأثير، ووَعدِها عدم التخلِّي عن دماء خاشقجي، وتوعّدها المسؤول المُباشر عن قتله، لكن مُشكّكون بالحملة “الصليبيّة” المُفترضة على الأمير يستبعدون صحّة توصيفاتها ونواياها ضِد الإسلام، والأمير بن سلمان لم يُعرّف عن نفسه بأنّه إسلاميّاً، بل انفِتاحيّاً عَصريّاً، بدلالة إلغائه لجميع مظاهر الحياة السلفيّة الوهابيّة بالمملكة، وعلى رأسِها هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر”، والسماح للمرأة بقيادة السيّارة، وحُضور المباريات الرياضية، وفتح قاعات للسينما، وإنشاء هيئة الترفيه.
الجزئيّة الثانية وهي الأهم بحسب تقدير المراقبين: وتكمن في إعادة توجيه الاتهام من السعوديّة إلى تركيا، أي استغلال معرفة تركيا أو اعترافها بمعرفة جريمة خاشقجي قبل وقوعها، واتِّهامها بعدم تحذير المغدور من وقوعها، لغايات الربح السياسي، والسعوديّة بالأصل اعترفت بوقوع الجريمة على يد الجميع من المنفذين عدا الأمير بن سلمان، فما يُضيرها لو قلبت مسؤوليّة الاتّهام على من وقعت على أراضيه الجريمة، بل ويعرف بها قبل وقوعها، وهو ما استخدمته السعوديّة بالفِعل ضمن خُطَط دِفاعِها المُتوالِية، وأشارت له مقالات في صحيفة “عكاظ” المُقرّبة من السلطات، وألمح له أيضاً الأمير عبدالرحمن بن مساعد في تغريدةٍ على حسابه.
الجزئية الثالثة، وهي قديمة جديدة، يُعاد تفعيلها محليّاً، حسب مُجريات العلاقات السعوديّة- التركيّة، حيث دُشّنت حملة “افتراضيّة” لمُقاطعة الشركات والمُنتجات التركيّة، والسياحة أيضاً، وهي حملة مُتصدّرة بالفِعل على موقع التدوين المُصغّر “تويتر”، وتتضمّن تغريدات تُهاجِم شخص الرئيس أردوغان، وتصفه بأوصاف دونيّة، وتتّهمه بالإرهاب، واعتقال المُعارضين، وتُشكِّك في امتلاكه الأدلّة الكافية لإسقاط الأمير محمد بن سلمان، بالرغم من تقرير الاستخبارات الأمريكيّة “سي آي إيه”، الذي اتَّهَم الأخير بإصدار الأمر المُباشر بالقَتل، واتّهم شقيقه الأمير خالد بن سلمان سفير واشنطن، بالمسؤوليّة المُباشرة عن استدراج خاشقجي إلى قنصليّة بلاده في تركيا، وهي تُهمَةٌ نَفاها الأخير.
ولم تقتصر الحملة السعودية هذه المرّة على الهُجوم التغريدي، بل تم نشر قوائم بأسماء البضائع التركيّة تفصيليّاً لمُقاطَعَتِها، هذا بالإضافة إلى تعميم الكود الخاص (869) بالبضائع التركيّة المُدرَج خلف مُنتجاتها ليُميّزها السعوديون عن غيرها من بضائع وعدم شرائها.
وأشارت مصادر “رأي اليوم”، عن توجّه المتاجر الكُبرى إلى سحب المُنتجات التركيّة نهائيّاً من الأسواق، بعد أن كانت قد حصلت على تسهيلات من مكتب الأمير بن سلمان شخصيّاً، كما علمت “رأي اليوم” عن وجود قائمة بأسماء التجار السعوديين الذين تقتصر تجارتهم على سوق الجملة بالملابس التركيّة الجاهزة، حيث تعتزم السلطات السعوديّة تغريمهم، بل ومُصادرة بضاعتهم، دون ورود الحديث عن تعويضهم.
هي حربٌ إعلاميّةٌ شَرِسةٌ تخوضها الدولتان إذاً، عُنوانها مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ليبقى السؤال المطروح الأقوى في العالم العربي عمّا إذا كان سيضرب الخليفة العُثماني أردوغان ضربته الأخيرة ويكشف عمّا في جُعبَتِه للعالم صَوتَاً وصُورةً ويُنهِي مُسلسل “المد والجزر” في هذه القضيّة، وماذا نحن فاعِلون يتساءل الداخل السعودي في اليوم التالي لنهاية المُسلسل.