هل تُحاوِل السعوديّة “ترميم” وجهها الإنساني بعد اغتيال “الإسلامي الخطير” خاشقجي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1817
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

: 15 عاماً خلف القُضبان تنتظر “الكفيل” الذي يَحتَجِز جواز سفر العامل وغرامة مليون ريال.. ماذا عن صورة المملكة في الغرب؟.. ولماذا لا ينجح الأمير بن سلمان في إقناع العالم بعدم تَورُّطِه؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
 لطالما كانت فكرة احتجاز صاحب العمل “الكفيل” لجواز سفر العامل في العربيّة السعوديّة مثار جدلٍ إنسانيٍّ، وضربةً مُوجعةً لحُقوق الإنسان، يُسجّلها المعنيون والجمعيّات الحُقوقيّة في العالم، ضد المملكة، وتاريخها المَليء بالعُيوب، والثغرات القانونيّة التي تُقيّد من حُريّة الإنسان، وتجعله رهناً لصاحب عمله، وهي مُلاحظات نقديّة كانت تتكرًّر حسب المعنيين في المُنظّمات الإنسانيّة على اختلاف خلفيّاتها، ومُموّليها، والملفّات الحُقوقيّة التي تُعنى بها.
سُعوديّة اليوم لمن يُراقبها، ليست في مثل كُل أيامها السابقة، وليست في أحسن أحوالها كما يصفها أهلها في الداخل، فالعواصف التي قادها الأمير محمد بن سلمان تحت عناوين الإصلاح، والتغيير، ونفض عباءة الدين، بالترفيه بدلاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا عدا عن مُحاربة الفساد، وقصقصة جناح المُعارضين، انتهت فيما يبدو مع العاصفة الأخيرة التي شنّها الأمير الشاب، ضد سفينة الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وانتهت بمقتله، بل وتقطيعه، في جريمةً وصفها الإعلام الغربي بأنها من أكثر الجرائم بشاعةً، ودمويّة، بل ووصف مُرتكبها بأنه الأكثر توحّشاً على مر التاريخ الحالي المُعاصر.
لا يبدو سبب اغتيال خاشقجي مُقنعاً للعالم، فالأخير كان قد وصفه الأمير بن سلمان بأنه إسلامي خطير، ويبدو أن التوصيف الذي نقلته صحيفة “الواشنطن بوست” عن الأمير، جاء كما نقلت الصحيفة في معرض تبرير الأمير لكل من صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، كثيرون هُم الإسلاميّون الخطيرون في السعوديّة يتساءل مراقبون، ولم يحظوا بهذا الشرف، أو الموتة الدمويّة التي حظي بها الخاشقجي الإسلامي الخطير على حد توصيف ولي عهد بلاده الأمير محمد بن سلمان.
بالعودة إلى تقدمة التقرير، يبدو وجه العربيّة السعوديّة، مُشوّهاً، بل ومُلطّخاً بالدماء، حسب آراء مراقبين في العديد من الدول العربية والغربية، وهي بالتأكيد بحاجة إلى قرارات “إنسانيّة”، وأُخرى “سياسية”، قد تشفع لها ذنب جريمة قتل الصحافي “المُسالم” وإن كان إسلاميّاً خطيراً، فلا بُد له أن يخضع لمُحاكمة عادلة، إن ثبتت اتّهامات تحدّثت عنها الصحافة السعوديّة المحليّة، وانتمائه للمُجاهدين، وتغطيته حُروبهم في أفغانستان، فالمُتّهم بريءٌ بحسب القانون الدولي، حتى تثبت إدانته، وإن ثبتت إدانته لن تكون عُقوبته التقطيع بالمنشار، وإذابة جُثمانه بالأسيد كما تنقل التسريبات الصحافيّة، يقول مُعلِّقون.
وجه السعوديّة المُلطَّخ بالدِّماء، كان واضِحاً من خلال المواقف العالميّة التي رصدتها “رأي اليوم”، وهي كثيرة كان أكثرها لفتاً، وانتباهاً، الطُّرفة التي ألقاها رئيس التشيك ميلوش زيمان في حضرة الصحفيين، وإن كانت لاقت استهجاناً ورفضاً، حين وجّه حديثه للصحفيين مُمازحاً بالقول: “أنا أحب الصحفيين، وأدعوهم إلى عشاء في السفارة السعوديّة”، وهي إشارة واضحة على ما تعرّض له الصحافي الراحل خاشقجي.
موقف آخر لافت، في هذا الاطار، كان قد عبّر عنه مدير قناة تلفزيونيّة بريطانيّة، ويدعى آصف الزبيري، حيث ظهر في حفل خاص بالتنكر الهالوين، وكان ارتدى العقال السعودي، حاملاً يداً اصطناعيّة، وزيّاً مُلطَّخاً بالدماء، في إشارة منه إلى التورط السعودي في اغتيال خاشقجي، وهو الموقف الذي اعتذر عنه لاحقاً، حيث اعتبره البعض غير مُناسباً، وعدم اكتراث بحجم الفاجعة، إلا أن آخرين وصفوه بالتعبير الصريح عن دمويّة المملكة.
وجه المملكة، يحتاج سريعاً يقول مراقبون، إلى قرارات مُتوالية، يُعيد إلى وجهها البريق، وإلى وليّ عهدها الحُضور، الذي كان قد نجح في تسليط الأضواء عليه، كمُصلح اجتماعي في وسائل وصحف العالم الغربي، إلا أنّ حُظوظه فيما يبدو باتت تتراجع، واجتمع الإعلام الغربيّ على تحميله مسؤوليّة دماء الصحافي خاشقجي، فلا يُمكن والحديث للإعلام الغربي بشتّى توجّهاته، أن تصدر الأوامر في هكذا جريمة اغتيال، إلا من أعلى السُّلّم، فالأمير الشاب مشهودٌ له بأنه يعرف حتى أقصر تغريدة لمُعارض له، فكيف بجريمة بحجم قنصليّة بلاده وعلى الأراضي التركيّة، يتساءل مُعارضون.
السبت 3 نوفمبر، يُحاول الأمير ترميم وجه بلاده الذي قد ينتظر عُقوبات أمريكيّة ردًّا على جريمة اغتيال الخاشقجي، النيابة العامّة تُصدر قراراً بمُعاقبة صاحب العمل “الكفيل” الذي يحتجز جواز سفر العامل، بالسجن 15 عاماً، وغرامة بمليون ريال سعودي، لا بل إنّ النيابة وفي هذا التوقيت الحرج وفق مراقبون، تعدّه من جرائم الاتِّجار بالبشر، إن بقصد الإجبار على العمل، أو السيطرة عليه، أو الاستغلال، أو التهديد بذلك، لطالما إذاً كان هذا القانون الذي يسمح لرب العمل الاحتفاظ بجواز العاملين عنده مثار جدل حقوقي وإنساني، السُّلطات السعوديُة كانت قد منعت “الكفيل” الاحتفاظ بجواز العامل عنده، لكن توقيت قرار العقوبة المُغلَّظة، يضع علامات استفهام حول مدى فرط إنسانيّته، في بلاد يُشكِّك العالم في مدى إنسانيّة مسؤوليها، ويفرض على المُراقبين تساؤلات، فكم من عاملة وسائق، كانوا ضحايا هذا القانون، الذي بات بحسب القرار اتِّجاراً بالبشر، وعُقوبته 15 عاماً.
يحتاج الأمير محمد بن سلمان، وفق آراء استمعت لها “رأي اليوم” في صالونات السعوديين، ومجالسهم السِّياسيّة، إلى قرارات أكثر شعبيّة، فعودة العلاوات التي كان قد ألغاها للمُوظَّفين السعوديين مع هُبوب رياح أزمة اختفاء خاشقجي، وتغليظ اليوم عُقوبة الكافل الذي يحتجز جواز المكفول، ليست على قدر الفاجعة يقول روّاد هذه الصالونات، وحتى إطلاق سراح الأُمراء المُحتجزين الذي سيأتي تِباعاً، أمثال الأمير خالد بن طلال، الذي كان قد انتقد حملة اعتقال الأُمراء، لن تُعيد الثقة للأمير، فهذه خطايا يتم التراجع عنها، ولكن لاتغفر خطايا الذنوب، ليبقى السؤال الأبرز: هل ينجح الأمير بن سلمان في تخطّي دماء خاشقجي، والوصول إلى عرش بلاد الحرمين؟ هُناك في السعوديّة، يَترقَّب ويتساءل الجميع.