عن هاجس محمد بن سلمان العسكري واستثماره السخي فيه
تولى ولي العهد، محمد بن سلمان منصب وزير الدفاع منذ صعود أبيه الملك سلمان بن عبد العزيز إلى العرش سنة 2015. ويكمن هاجس ولي العهد في سد الثغرة الكبيرة بين الاستثمار السخي على مستوى تسليح الجيش السعودي وقدراته المحدودة في خوض المعارك. تعليقا حول هذه المسألة، صرّح محمد بن سلمان لمجلة تايم الأمريكية خلال شهر نيسان/أبريل الماضي قائلا: "نحن بصدد إعداد جيشنا ولدينا قوات مسلحة قوية جدا ومجهزة بشكل جيد". وأضاف ولي العهد موضحا: "تعتبر هذه التجهيزات هي الأفضل في منطقة الشرق الأوسط كما وكيفا، حيث يمكنكم العثور على جيوش أكبر في المنطقة، ولكن جودة معداتهم ليست في مستوى المعدات السعودية".
عموما، يحمل هذا التصريح الذي أدلى به ولي العهد في طياته اعترافا بنقاط ضعف قواته العسكرية، التي تجلت بوضوح في الحرب التي تخوضها هذه القوات بالمشاركة مع الإمارات العربية المتحدة في اليمن منذ ثلاثة سنوات ضد الحوثيين. من جهته، صرح جوناثان كافيرلي، من كلية الحرب البحرية الأمريكية لصحيفة الموندو، أنه "على الرغم من الاستثمار العسكري الضخم والمكلف، إلا أن السعودية لم تتمكن من التعامل مع صراع بسيط نسبيا في اليمن. عموما، نحن لا يمكننا التأكد من مدى فعالية القوات السعودية إلا إذا خاضت حربا مع إيران على سبيل المثال".
عملت الرياض، التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، على تعزيز استثماراتها في السلاح خلال السنوات الأخيرة. في هذا الصدد، ترصد الرياض 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لفائدة مجال الدفاع، في حين تخصص الولايات المتحدة الأمريكية 3 بالمائة وروسيا ما بين 4 و5 بالمائة من الناتج المحلي الخاص لمجال الدفاع.
أفاد الخبير نيل باتريك أن التجارب السعودية الحديثة في الحروب لم تكشف صلابة وقوة الجيش الخاص بها
من جهة أخرى، أفاد الأكاديمي كافيرلي، أن "السعوديين يعملون على تعزيز وارداتهم في المجال العسكري. ولكن يبقى من غير الواضح إذا كانت السعودية تعمل على زيادة تسليحها أو تسعى فقط لحشد مزيد دعم البلدان الشريكة لها". وأشار كافيرلي إلى أن "أقوى الاستثمارات السعودية تتمثل في شراء الطائرات العسكرية الحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية بشكل رئيسي، بالإضافة إلى منظومة الدفاع المضاد للقذائف وتعزيز القوات البحرية الملكية السعودية رداً على تهديد الحوثيين وإيران".
في شأن ذي صلة، أفاد الخبير نيل باتريك أن التجارب السعودية الحديثة في الحروب لم تكشف صلابة وقوة الجيش الخاص بها. وأردف باتريك، أن "السعوديين كانت لديهم تجربة بسيطة وكارثية، في نفس الوقت، خلال نزاع صعدة الذي تم شنه في شتاء 2009 و2010 في اليمن. بالإضافة إلى ذلك لم تكن القوات البحرية الملكية السعودية تحظى باهتمام سياسي كبير كما كانت تفتقر إلى الموارد المالية. ويعد ذلك أمرا غير منطقي خاصة وأن التهديد الأكبر للأمن القومي السعودي متأتي من البحر".
من أجل مزيد تعزيز المجال العسكري السعودي، وقع ولي العهد ابن سلمان خلال شهر تموز/ يوليو الماضي، صفقة لشراء خمسة طرادات من شركة نافانسيا الإسبانية بقيمة 1.8 مليون يورو وذلك خلال زيارته إلى إسبانيا. كما يتضمن العقد إنشاء شركة مشتركة بين البلدين بمشاركة الجيش السعودي. وبناء على أوامر ولي العهد، تمت إعادة هيكلة صفوف الجيش السعودي، المقسمة تاريخيا بين ثلاثة وزارات دون تنسيق يذكر.
كان جمال خاشقجي، الذي لقي حتفه في السفارة السعودية في إسطنبول، من أوائل الصحفيين الذين قاموا بتحليل خطوات محمد بن سلمان بعد أن عينه والده وليا للعهد في شهر حزيران / يونيو سنة 2017. وقد قام الملك باستبعاد ابن أخيه محمد بن نايف من خلافة العرش وعينه في منصب وزير الداخلية. بخصوص هذا الشأن، كتب خاشقجي: "تم نقل قوات الأمن التي ظلت تحت سيطرة بن نايف، من المخابرات المحلية وقوات الطوارئ إلى قوات التدخل السريع وأمن الطيران، بالإضافة إلى إنشاء جهاز رئاسة أمن الدولة. كان تغييرًا أساسيًا تم تنفيذه بموجب مرسوم ملكي بسيط". وأضاف خاشقجي: "لقد كشفت الحرب اليمنية غياب كل أنواع التنسيق بين فروع الجيش الثلاثة، فعلى سبيل المثال، أصبح الحرس الوطني جيشا بحد ذاته". في ذلك الوقت، كان بن سلمان قد تولى مهام الملك الفعلي دون التصريح بذلك بمباركة من والده.
تتمتع تل أبيب بنفوذ أكبر من المملكة العربية السعودية
خلال شهر شباط/ فبراير الماضي، بادر الملك سلمان بن عبد العزيز أيضاً بإعادة تشكيل واسعة للقيادة العسكرية، حيث أعفى رئيس هيئة الأركان وقائدي القوتين الجوية والبحرية من مناصبهم. والجدير بالذكر أن هذه الخطوة من شأنها تعزيز سلطة ولي العهد، الذي أضحى في دائرة الضوء بعد قضية مقتل جمال خاشقجي.
بغض النظر عن مسألة الأسلحة النووية التي تمتلكها "إسرائيل" وغيرها من الدول الأخرى، تتمتع تل أبيب بنفوذ أكبر من المملكة العربية السعودية. ويبرز هذا التفوق الإسرائيلي بدوره أيضا ضد إيران بفضل الإمدادات الكبيرة من الأسلحة المتطورة من الولايات المتحدة وأوروبا بدرجة أقل، فضلا عن حالة الحصار والعقوبات الغربية التي أثرت على نفوذ طهران. وقد صرح جوناثان كافيرلي قائلا: "لقد ضمنت واشنطن على أي حال أن "إسرائيل" تتمتع بنفوذ عسكري فريد من نوعه ضد أي منافس إقليمي محتمل"."