أزمة خاشقجي تهدد خطط السعودية للاستقلال العسكري
شادي خليفة
يأمل شركاء الرياض التجاريون في استغلال قضية "خاشقجي" للحصول على تنازلات من المملكة العربية السعودية في وضعها الضعيف والحرج.
وتلقي قضية "خاشقجي" بظلالها على العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن والرياض، وسوف يكون لمقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، الذي اعترفت السعودية، على مضض، بمسؤوليتها عن مقتله بعد أسبوعين من الإنكار، عواقب دائمة على العلاقة الاستراتيجية بين البلاد وحلفائها التقليديين، بدءا من الولايات المتحدة.
وفي الرياض، يلاحظ المراقبون أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، الذين كانوا في طليعة العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة، كانوا صريحين بشكل خاص حول هذه القضية، التي أثارت غضبا سياسيا وإعلاميا في منتصف فترة الانتخابات النصفية.
وكان "ليندسي غراهام"، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن كارولاينا الشمالية، وأحد أشد المهاجمين للمملكة حول هذه القضية داخل الكونغرس، هو رجل شركة "لوكهيد مارتن" في مجلس الشيوخ، وهو قريب من القيادة السعودية، وفقا لدورية "إنتليجنس أون لاين الفرنسية".
وتعتبر "لوكهيد" الراعي الرئيسي لحملات "غراهام"، ولا سيما من خلال لجنة العمل السياسية لصندوق المستقبل الأمريكي. وتعد دائرته الانتخابية موطنا للمصنع الذي يبني طائرات "إف-16" للبحرين. وكان من المفترض أن تقوم المنشأة ببناء طائرات للمملكة العربية السعودية أيضا، لو كانت الرياض قد طلبتها.
ووفقا للدورية الفرنسية، في حين أن العلاقة بين البيت الأبيض والرياض قبل قضية "خاشقجي"، كانت وردية، لم تكن "لوكهيد مارتن" و"رايثيون" و"نورثروب غرومان" على علاقة جيدة مع ولي العهد "محمد بن سلمان" لفترة.
وكان ولي العهد قد وعد بأن تكون هناك عقود لصناعة الدفاع الأمريكية، ولكن خلال العامين الماضيين تم رفض عدد من الصفقات الأمريكية لأنها لم تف بمتطلبات نقل التكنولوجيا إلى المملكة العربية السعودية، وهو حجر الزاوية في استراتيجية رؤية ولي العهد لعام 2030.
ووراء الكواليس، كانت صناعة الدفاع الأمريكية تكافح لإبرام العقود مع إدارة الشركة السعودية للصناعات العسكرية، التي كانت تنفذ استراتيجية ولي العهد، لعدة أشهر، وفي غضون ذلك، تحولت الشركة السعودية إلى موردين بديلين آخرين، بدلا من الاعتماد فقط على الولايات المتحدة.
وترى الدورية الفرنسية أن الفضيحة الأخيرة تعطي بعض النفوذ للولايات المتحدة للحصول على قدر أكبر من المرونة فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا، في مقابل بقاء "بن سلمان" في مكانه كولي للعهد، وهكذا، قد يؤدي موت "خاشقجي" إلى نهاية حملة الرياض من أجل استقلال عسكري أكبر.
كما أن فصل "أحمد عسيري"، الرجل العسكري رقم 2 في البلاد، من رئاسة المخابرات العامة، وهي وكالة الاستخبارات الخارجية السعودية، له فوائد بالنسبة للولايات المتحدة، وللمساعدة في تهدئة الانهيار الدبلوماسي، أقال الديوان الملكي "عسيري"، بعد اتهامه بتنظيم اغتيال "خاشقجي"، وهي نسخة الأحداث التي يرى القليل من المراقبين أنها ذات مصداقية.
ولم يكن "عسيري"، المتحدث السابق باسم التحالف العسكري في اليمن، مشهورا لدى الإدارة الأمريكية، التي اعتقدت أنه قريب جدا من باريس.
وفي حين كانت الحكومة الفرنسية أكثر حذرا فيما يتعلق بمنح تراخيص للصادرات إلى المملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة، لا تزال المفاوضات جارية لبيع شحنة جديدة من "مدافع سيزار" من شركة "نكستر" للحرس الوطني السعودي.
وعلى المدى الطويل، من المرجح أن يدفع رد الفعل الأمريكي على مقتل "خاشقجي" الرياض إلى أحضان الدول التي لم تعرب عن غضبها من هذه القضية، لا سيما روسيا والصين، وكانت الصين شريك النفط الرئيسي للرياض خلال العامين الماضيين، وبدأت في الحصول على موطئ قدم في القطاع الأمني، وخاصة الطائرات بدون طيار، وفقا للدورية الفرنسية.
المصدر | الخليج الجديد