قضيّة اختفاء خاشقجي: أنقرة ترغب في اعتراف سعودي يحفظ لتركيا شرفها وأن لا يستغل الغرب الجريمة لإضعاف السعوديّة..
وأنباء عن رسالة من الملك سلمان لأردوغان يَطلُب مِنه الحِكمة لحَل الأزَمَة
بروكسيل ـ “رأي اليوم”:
تضع قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي المختفي منذ أوائل الشهر الحالي في القنصلية السعودية في إسطنبول واحتمال قتله، حسب الأنباء الواردة، الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أمام امتحان صعب في مواجهة الرأي العام التركي والعربي والإسلامي والدولي، إذ أن كل تنازل أو تسوية سرية لملف هذا الصحفي ستعصف بصورته التي يحرص على رعايتها كزعيم دولي-إسلامي.
وواجه أردوغان تحديات كبيرة منذ وصوله إلى السلطة، ولعل التحدي الأكبر هو مواجهته للانقلاب العسكري الفاشل خلال صيف 2016 وخرج منه أكثر قوة وسلطة، وهذه المرة يواجه تحديا آخرا يتعلق بسمعة بلاده، وبسمعته كزعيم سياسي إذا أساء إدارة احتمالية الاغتيال السياسي لجمال خاشقجي.
وخلال السنتين الأخيرتين، خاض أردوغان معارك دبلوماسية في مواجهة دولتين كبيرتين ألمانيا والولايات المتحدة دفاعا عمّا يعتبره شرف تركيا، فقد خاض معركة حقيقية مع ألمانيا على خلفية الاختلاف حول قضايا اقتصادية وسياسية واجتماعية، وانتهت بمصالحة مؤخرا بعدما زار رسميا برلين.
وخاض معركة ليست بالسهلة في مواجهة الولايات المتحدة ليؤكد على استقلالية القرار السياسي والعسكري بعدما أصر على توقيع اتفاقية شراء منظومة الدفاع الصاروخية “إس 400” من روسيا رغم المعارضة القوية للبيت الأبيض، ولم يتراجع عنها أمام العقوبات الأمريكية التي استهدفت الليرة، ولم يخضع لضغوط قروض البنك الدولي.
ويعتبر تنفيذ جريمة اغتيال خاشقجي على الأراضي التركية مسًّا بتركيا وبشرفها بين الدول، لأن العربية السعودية تعاملت معها كجمهورية الموز التي يمكن تنفيذ أي عمل فوق أراضيها بدون رد فعل، حسب المراقبين.
ويلتزم أردوغان الصمت باستثناء تصريح منذ أسبوع يأمل فيه حلا إيجابيا، لكن مصادر تركية مقربة منه تسرب إلى الصحافة التركية والأمريكية والبريطانية أخبار دقيقة حول عملية اغتيال خاشقجي، وهذا الذكاء في التسريب يرمي إلى مُحاصَرة العربيّة السعوديّة جنائيًّا بدل التصريحات السياسيّة، حسب ما جاء على لسان مراقبين مُتابعين للقضيّة.
وقد يُفهَم من استراتيجية تركيا ترك المبادرة أمام السعوديّة للاعتراف بطريقة أو أخرى بتنفيذ السعوديين جريمة الاغتيال وتقديم كبش الفداء الذي يرونه مناسبا لتحقيق هدفين، فمن جهة، الحفاظ على كرامة تركيا بأنها ليست جمهورية الموز، ومن جهة أخرى حتى لا يستغل الغرب هذه الجريمة لتطبيق أجندة خاصة على العربيّة السعوديّة.
وتُفيد معلومات غير مؤكدة أن الأمير خالد الفيصل مستشار الملك سلمان قد يكون حمل رسالة إلى الرئيس طيب رجب أردوغان يطلب منه الحكمة حتى لا تصبح تركيا الجسر للتضييق على السعودية في جريمة لم تتضح بعد كل معالمها.