السعوديّة لا تُقنع أحداً بعدم تَوَرُّطِها بمَقتَل خاشقجي: أوامر بقتل الأخير إما أكاذيب أو مُؤامرات: حليفها ترامب يتوعّدها بعقابٍ صارمٍ شديد والأتراك يتحضّرون لعرض دليل إدانتها بالصَّوت والصُّورة خلال 48 ساعة..

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1719
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

مُفارقة الفريق الأمني (15) رجلاً الذين ذهبوا إلى تركيا للسياحة ودلائل الجريمة التي تبقى لأسابيع رغم مُماطلة المملكة للتفتيش.. وخطيبته وساعته “أبل” التي أربكت قَتَلتَه

عمان – “رأي اليوم” – خالد الجيوسي:

  تتورَّط العربيّة السعوديّة إذاً رويداً رويداً في مسألة اختفاء واختطاف، بل ومقتل الكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وحده الإعلام السعوديّ ينقل أو يتحدّث تارةً عن مُؤامرةٍ تركيّة، وأخرى أمريكيّة، وثالثة إيرانيّة، ورابعة وخامسة إخوانيّة، وإلى ما هُنالك من مُؤامرات، فالمملكة حسب آخر تصريحاتها على لسان وزير داخليّتها الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف ونقلاً عن وكالة “واس″، أكّدت أن ما تم تداوله حول وجود أوامر بقتله مُجرّد أكاذيب، ولا أساس لها من الصحّة تُجاه حُكومة المملكة المُتمسّكة بثوابتها، وتقاليدها المُراعية للأنظمة، والأعراف والمواثيق الدوليّة.

 وبينما كان يطمئن السعوديين من نُخب لحليفهم، ويستبعدون تصعيداً أمريكيّاً، واستبعدت تحليلاتهم أن يكون هُناك عقاب صارم من الولايات المتحدة، حرصاً على صفقات السِّلاح معها،  أو حسب توصيفهم مكانة المملكة الإقليميّة، وتأثيرها في السياسة الدوليّة، ها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حليف ومُحب الملك سلمان بن عبدالعزيز كما يقول كُلّما هاتف الأخير، يتوعّد حليفته الخليجيّة بعقابٍ صارِم شديد في حال مقتله، وهو يقول أنها قد تكون وراء اختفاء خاشقجي، وهو سيعرف كما قال ما حدث، وتلك مُقتطفات من مقابلة السبت التي ستبث غداً الأحد كاملة، مع شبكة سي بي إس، ويبدو أن ترامب بدأ يخضع ولو كلاميّاً للضغط الإعلامي العالمي، وما أثارته القضيّة من تعاطف مع “الشهيد” خاشقجي، وهو توصيف بدأت حسابات “تويتريّة” إطلاقه على الصحافي المُختفي.

 يضع الداخل السعودي ممّن تحدّث إليهم مُعد التقرير أيديهم على قلبهم، من التطوّرات المُتسارعة، ويبدو أن ثمّة فشلاً  سُعوديّاً دبلوماسيّاً، سيمنع التوصُّل إلى اتّفاق ومُساومة،  بالنّظر إلى دمويّة الحادثة غير المسبوقة، فالمُحلّلون الأتراك، والصحف كذلك تتحدّث عن 48 ساعة، قد تعرض فيها السُّلطات التركيّة، المقاطع الصوتيّة والمرئيّة التي بحوزتها على وسائل الإعلام، والتي تُثبِت بالدّليل القاطع أن خاشقجي تم تعذيبه، وقتله، وتقطيعه بما لا يدعو للشَّك خلف أسوار القنصليّة السعوديّة، وبُحضور الفريق الأمني المُكوّن من 15 رجلاً، كانت كاميرات المُراقبة قد رصدت دخولهم إلى تركيا، وخط مسيرهم نحو السفارة، وكان تعهّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كشف الحقيقة مهما كانت.

 الروايات السعوديّة غير المُقنعة حتى للحُلفاء من فرنسا، وبريطانيا، أكّدت أن الفريق الأمني تواجد بالفِعل في تركيا، لكن لأجل قضاء إجازةً سياحيّة، لكن المُثير للاستغراب يقول مراقبون أنّ العلاقات السعوديّة- التركيّة ليست في أحسن أحوالها على خلفيّة الأزمة مع قطر، وحملات شعبيّة تدعو لمُقاطعة السياحة التركيّة للإضرار بعُملتها، ثم تشاء الأقدار أن يقضي هذا الفريق الأمني إجازة سياحيّة في تركيا، ومُعظم أفراده إمّا موظّفين أمنيين، عسكريين، طبيب شرعي، وحارس شخصي لولي العهد السعودي تطابقت صورته بجانب الأمير بن سلمان، مع صورته التي عرضتها وسائل إعلام تركيّة، على الأقل هذا الحارس الشخصي يقول مراقبون، لن يُغضب الأمير بالذهاب إلى تركيا “إجازة”، وللمُصادفة مع توقيت وصول خاشقجي إلى القنصليّة، وحُصوله على أوراق شخصيّة.

 يجري الحديث في صالونات السعوديّة السياسيّة، عن رد رسمي جاهز، قد تُقدّمه المملكة رسميّاً، في حال عرضت بالفِعل تركيا دليل الإدانة الصَّوتيّ والمرئيّ لها، والقول بأنّ تلك ليست إلا فبركات إعلاميّة من صُنع الأمن التركي، وبحسب مُحللين أتراك، تتبع تركيا كُل الأطر الصحيحة، والمُتسلسلة الواجبة في هكذا عمليّات تحقيق، ولعلّها تنتظر حتى كتابة هذه السُّطور (تركيا) السَّماح لها بتفتيش القنصليّة السعوديّة، واستخدام مواد تسمح لها بالكشف عن بقايا آثار الجريمة المُفترضة، ولعلّه وفق مراقبون قد يكون مفهوماً إلى الآن عدم التسرّع التركي في نشر الأدلّة التي بحوزتها، عسى ألا تدخل في اتّهامات الفبركات، والتضليل من قبل الجانب السعودي.

 الفريق الأمني السعودي فريق الجريمة المُفترض، فيما يبدو لم يكن مُحترفاً خلال تنفيذ جريمته، فحسب أحد المُحقّقين الأمنيين في شرطة لندن وفي مقابلة له على إحدى القنوات الإخباريّة، قال أن دلائل الجريمة تبقى حتى لو بعد أسابيع من ارتكابها، وعامل السرعة قد يكون أوقع هذا الفريق بأخطاء قاتلة، دفعت بالسلطات السعوديٍة إلى المُماطلة، وعدم السّماح بتفتيش مسرح الجريمة القنصليّة، على أمل أن تستطيع مسح آثار جريمتها كاملاً، وهو الأمر الذي أربك حال قُنصلها حين سمح لوكالة رويترز بالكشف السريع ومن خلال النظر لإثبات عدم تواجد خاشقجي في السفارة، وربّما بعيداً عن غرفة جريمة قتل وتقطيع خاشقجي.

 نُقطة لافتة ذكرها صحافي سعودي لـ”رأي اليوم” خلال إعداد هذا التقرير، قال فيها أنّ سُلطات بلاده كانت تُريد التخلّص من خاشقجي، ودون إحداث أي بلبلة، لكن تواجد خطيبته خديجة في الخارج بانتظاره، هو من فضح تواجده داخل سفارة بلاده، وهي التي انتظرته لساعات، وأكّدت عدم خُروجه منها، لكن في حالة دخوله لوحده يقول الصحافي، كان سيطول أمر اكتشاف دخوله، وبالتالي مُدّة الشعور باختفائه، وتفقّده من قبل أحبائه، وأصدقائه، وتحميل المسؤوليّة لاحقاً لاختفاء غامض داخل اسطنبول.

 الصحافي السعودي جمال خاشقجي، يبدو أنّه بالغ في ثقته بنظام بلاده، ويبدو أنه لم يتوقّع أن يكون صوت قلمه، سيُكلّفه هذا الثمن الباهظ، وهو الصحفي الناصح، لا المُعارض، ولم يستمع لارتياب أحد أصدقائه الذي حذّره من التوجّه لسفارة بلده، لكنّ خاشقجي أكّد أنّه بين أبناء بلده، اكتشف الرجل المصيدة مُتأخِّراً، أو أنه كان مُتوجّساً، ومارس عمله الصحافي حتى في توثيق جريمة قتله، فبحسب تقرير صحيفة “الصباح” التركيّة المُوالية للحُكومة، كان خاشجقي يرتدي ساعة “أبل” سوداء، وهي التي وثّقت الحادثة، حيث وضعها على خاصيّة التسجيل، وهي الملفّات التي أدركها الفريق الأمني لاحقاً، لكنّه لم يستطع حذفها كلها، لتكتمل خُيوط الإخفاق في التستُّر على الجريمة.