الغرامات في السعودية: سرقة باسم القانون
يدفع المواطن السعودي ثمن فشل الحكومة في معالجة الأزمة الإقتصادية. تتجه السلطات السعودية إلى إقرار الغرامات الباهظة على المخالفات، في ظلِّ غياب أي منظومة تعليمية او إرشادية تعالج أسباب تلك المخالفات. ما يشي بأن هدف السلطات هو تكديس الأموال لا المعالجة.
تقرير: محمد البدري
في وسيلة مبتكرةٍ لنهب المال بطريقة مقوننة، لم تتوقف السلطات السعودية، منذ منتصف عام 2016، عن فرض الغرامات المالية على العشرات من المخالفات القانونية والأخلاقية.
تتجه الحكومة السعودية العاجزة عن إيجاد الحلول للأزمات الإقتصادية إلى تغريم المواطنين جزءاً من نفقاتها الكبيرة. فعملت منذ بداية عام 2018 على رفع أسعار الوقود وفرض ضرائب جديدة ساهمت في مزيد من الانتكاس بالأوضاع الاقتصادية للمواطنين، بالأغضافة الى فرضها للغرامات بطريقة عشوائية غير مدروسة إجتماعيًا.
كانت بداية هذه الغرامات بإقرار السلطات السعودية، في 9 يونيو / حزيران 2017، تعميماً للمرافق السياحية بحذف الفضائيات التي تتضمّن مخالفات، ومن ضمنها شبكة “الجزيرة” التلفزيونية القطرية، تحت طائلة عقوبات قد تصل إلى غرامة قيمتها 100 ألف ريال سعودي.
وضمن سلسلة الغرامات أصدرت رئاسة الأركان السعودية تعليمات لضباط وجنود الجيش السعودي تقضي بإلزامهم المشاركة في حربها باليمن أو دفع مبالغ مالية مقابل عدم المشاركة، لتُدفع لبدائل لهم من جنسيات أخرى.
بدورها قرّرت المديرية العامة للجوازات في المملكة فرض غرامة مالية تصل قيمتها إلى 100 ألف ريال، كعقوبة لمن ينقل أو يشغّل المخالفين لأنظمة الإقامة. كذلك، قررت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية فرض غرامة مالية قدرها 25 ألف ريال، بحقّ مخالفي الأنظمة والقرارات المتعلّقة بالسلامة والصحة المهنية.
وأُقرّت غرامة أخرى في المملكة، خلال مارس / آذار 2018، على الأزواج الذين يتجسّسون على هواتف أزواجهم تصل قيمتها إلى 500 ألف ريال. كما فرضت السلطات السعودية غرامات على كل من يصوّر نساء البلاد أثناء قيادتهن السيارة، لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال.
يؤكد خبراء في اقتصاد السعودية أن العشرات من الغرامات التي فُرضت حديثاً في المملكة، إضافة إلى أنها وسيلة لجمع المال، فإنها تعكس فشل المنظومة الأخلاقية والتعليمية في البلاد، فمن الأولى أن تطبَّق إصلاحات في نظام التعليم والتربية بدلاً من إرهاق كاهل المواطنين بتلك الغرامات التي تضاف لارتفاعات جنونيّة بالأسعار.
وبحسب الخبراء أنفسهم، فإن ما يدفع المملكة إلى اللجوء للضّرائب والغرامات عوامل عدة، من أهمها ارتفاع الدَّين العام السعودي بشكل متواصل ليصل أخيراً إلى مستويات قياسية، واستمرار عجز الموازنات السنوية، إضافة إلى أن النمو الاقتصادي ضعيف وبطيء، والنفقات الباهظة للعدوان على اليمن، والتي لا تتوقَّف عن استنزاف الأموال السعودية.