“إيكونوميست”: السعودية والإمارات تخوضان الثورة المضادة ضد الربيع العربي.. وبن سلمان قد يجر المملكة إليه

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2204
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

لندن ـ “القدس العربي”ـ إبراهيم درويش:
 قال أحد المشايخ السعوديين بصوت هادر أن قيادة المرأة للسيارة قد تقود إلى الفساد وفقدانها عذريتها. وأعلن آخر أن المرأة لا تستطيع الجلوس خلف مقود السيارة لأنها ناقصة عقل. واعتمد آخر على العلم حيث قال إن قيادة السيارة غير صحي للمبيض. وفي النهاية تم تجاهل كل هذا الهراء. ففي 24 حزيران (يونيو) ستقود المرأة السعودية السيارة بعد عقود من المنع. وهذه ستكون بحسب مجلة “إيكونوميست” في عددها الأخير خطوة أولى نحو التحرر وهي من بين أشياء أخرى يجب أن تنتهي مثل قانون ولاية الرجل على المرأة والذي يمنح الرجل الوصاية عليها وكل قرار يتعلق بحياتها من الدراسة للعلاج والسفر والزواج. ومع ذلك فجلوس المرأة خلف مقعد القيادة هي خطوة يجب الترحيب بها وضربة لفكرة التقوى الدينية التي قامت بحرمان المرأة من القيادة. وتعد هذه أبرز ملمح من ملامح التحول الإجتماعي في السعودية بالإضافة للموسيقى ودور السينما فيما اختفى أعداء الفرح، رجال الهيئة من الشوارع. وترى المجلة في تقريرها الخاص أن خطوات الإصلاح الإجتماعي هي جزء من إصلاحات اقتصادية ولكنها تتسم حتى الأن بالنزعة الديكتاتورية في الداخل والقرارات المتهورة في الخارج. وتضيف هنا قائلة أن الغربيين على تنوع طوائفهم وألوانهم لا يحبون السعودية، فهم يشعرون بالخوف من قوانين الشريعة ومعاملة المرأة والنسخة الوهابية التي غذت الجماعات الجهادية ومنها تنظيم الدولة. ويفضل رجال الأعمال الغربيين العمل من دبي على الرياض. وينظر العرب بسخرية للسعوديين على أنهم أثرياء، كسالى ومتعجرفين. ومع كل هذا فالعالم يهمه مصير السعودية لأنها أكبر مصدر للنفط وفيها مكة والمدينة مركزي القداسة لدى المسلمين وهي مهمة لمنطقة الخليج والعالم الإسلامي. وعليه فنجاح الإصلاح فيها ربما ساعد على الإستقرار في المنطقة وتوفير الدينامية للإقتصاديات، وقد تعمل السعودية بأخلاقية عالية لنشر الاعتدال في العالم الإسلامي عبر المثال فيما يتوقف ضخ البترودولار للمتحمسين. وسيجلب فشل الإصلاحات الاضطرابات إلى منطقة الخليج الذي تجنب ثورات الربيع العربي عام 2011. إلا أن المثير للخوف هو حجم التحديات الكبيرة التي تواجه السعودية التي تعتمد مواردها بنسبة 80% على سوق النفط المتقلب. وحتى في ظل زيادة أسعار النفط الخام فالسعودية ستواجه عجزا في الميزانية. ورغم كل المنافع التعليمية والصحية ومستوى دخل الفرد إلا أنها لم تسهم كثيرا فغالبية السعوديين يعملون في وظائف حكومية مريحة وأسهمت الثروة النفطية بدعم اقتصاد غير منتج ونشرالطهورية الدينية حول العالم.

حصار قطر وتمزيق لحمة الخليج
وتقول المجلة إن محمد بن سلمان، ولي العهد السعودية يتفهم أهمية الإصلاح المطلوب لكنه أضاف أعباء غير ضرورية لمهمته حيث ينظر إليه في الخارج كمتعجل، فحربه ضد المتمردين الحوثيين في اليمن التي تتركز اليوم حول ميناء الحديدة، جلبت المرض والجوع لليمنيين والصواريخ الباليستية للمدن السعودية والإحراج للدول الغربية التي توفر له الدعم العسكري والمساعدات الأخرى. وفي العام الماضي لطخت السعودية نفسها عندما احتجزت رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ولم تفرج عنه إلا بعد ضغوط دولية. وقادت مع حليفتها الرئيسية الإمارات العربية المتحدة الجهود لعزل دولة قطر جوا وبرا وبحرا، ويخطط السعودويون لتحويل قطر إلى جزيرة من خلال حفر قناة بحرية. وقامت الدولتان بهذه الطريقة بتمزيق لحمة مجلس التعاون الخليجي، الذي يعد نادي الملكيات النفطية الخليجية بشكل أفاد إيران وبقية الأعداء من كل هذا. وفي داخل السعودية “طور الأمير محمد ذائقة للقمع″، فقد زادت حالات الإعدام وتم اعتقال عدد كبير من المعارضين ومن بينهم نساء طالبن برفع الحظر عن قيادة السيارات “وعلى ما يبدو يجب أن يكون كل شيء هدية من آل سعود: التي يحمل البلد اسمهم، ويتحكمون بالنفط والآن حق سياقة السيارات”.

مشاريغ “ميغا” و”غيغا”
وأضافت أن بن سلمان تبنى فكرة أن كل الإسلاميين حتى جماعات اللاعنف التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين يمثلون خطرا عظيما مثل خطر الجماعات الجهادية السنية والشيعية. وعليه يخوض السعوديون والإماراتيون الثورة المضادة ضد الربيع العربي وآمال الديمقراطية. وللأسف فقد منحتهم الولايات المتحدة صكا أبيض لعمل ما يريدون. وتضيف المجلة أن جهود ولي العهد لتقوية ودفع القطاع الخاص تظل وبشكل غريب مركزية وحتى عملية الترويج للترفيه تدار من قبل الحكومة، كما أن تركيزه على المشاريع العملاقة “غيغا” خاصة الخطط لبناء مدينة المستقبل في شمال- غرب البلاد تتمتع بقوانين خاصة تبدو في خطر عظيم “ميغا”، خاصة أن الخطط السابقة لتقليد دبي التي تعد مركز التجارة والسياحة في الإمارات العربية لم تثمر إلا الخيبة، والدليل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية الخاوية الآن. وتقول المجلة إن على الأمير بدلا من بناء مدينة الحلم أن يقوم بجعل السعودية مثل دبي تقريبا – مفتوحة على العالم وصديقة لرجال الأعمال وتدار بفعالية وليبرالية من الناحية الاجتماعية ومتسامحة دينيا وفوق كل هذا تدار عبر قوانين واضحة. وكان قراره سجن مئات من رجال الأعمال والأمراء بطريقة تعسفية في سجن ذهبي العام الماضي مخيفا للمستثمرين.
ودعت المجلة بن سلمان لدراسة الفدرالية الإماراتية التي تقوم على وحدة بين سبع إمارات منذ عام 1971 وقد تستفيد السعودية التي تعتبر أكبر وأوسع من نقل السلطات للمناطق، حيث ستسمح لكل جزء في البلاد التعبير عن هويته بحرية وتكييف القوانين الدينية لعاداته، فحرية أكثر في جدة وتشدد في الرياض والسماح بحرية أوسع للشيعة في الشرق. ويسمح هذا النظام بالتجريب في مجال الإصلاح الاقتصادي وأكثر إلى أشكال من التمثيل المحلي.
وتقول المجلة إن تولي الأمير عملية التحول يعني إضعاف قواعد السلطة التقليدية في البلاد، آل سعود والمؤسسة الدينية وطبقة رجال الأعمال. وسيجد عونا من الديمقراطية لبناء شرعية وتحويل شعبيته خاصة بين النساء إلى قوة سياسية. وقد يساعده على الحكم طويلا عندما يتولى العرش. وفي الوقت الحالي فهو باتجاه التحول لقائد عربي قوي- ديكتاتوري. وكما كشف الربيع العربي فحكم الاستبداد هش ومن الأفضل التحول إلى ملك عربي جديد: يعامل شعبه كمواطنين لا رعايا.