مؤتمر مكة المفاجئ.. نعمة ام نقمة على فريق الحكومة الجديدة والحراك؟:

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2257
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

السعودية تستعيد من بوابة عمان دور “الشقيقة الكبرى” وعينٌ على التشكيلة الوزارية واخرى على الاقتصاد.. الأردن الشعبي يخشى “ردّتين” اقتصادية وسياسية بعد مؤتمر العاصمة الدينية.. تعويل كبير على وجود الكويت واطمئنان حذر للامارات
برلين ـ “رأي اليوم” – فرح مرقه:
 يمكن للمراقبين في الاردن أن يقلقوا طبعاً من المبادرة الخليجية الجديدة التي تقودها الرياض وتشترك فيها ابو ظبي والكويت لمساعدة عمّان، حيث اجتماع قمة رباعي وفي العاصمة الدينية للسعودية في مكة. القلق قد يتشكل من “راحة اردنية” محتملة بعد اللقاء بورود او ترتيب المساعدات، وبالتالي بتقلّص الرغبة العارمة في الاصلاح الاقتصادي والتي بدت لدى المرجعيات جميعاً بالتزامن مع الحراك الشعبي في شوارع الاردن لنحو اسبوعين.
الامر قد لا يقتصر على القلق من “رِدّة” اقتصادية، وانما حتى من ردّة سياسية ترهن قرار عمان السياسي مجددا بالقرار السعودي، بعد مرحلة استقلالية في عدة ملفات أخطرها كان ملف القدس وتسوية القضية الفلسطينية على الطريقة الامريكية، اللذين اتخذت فيهما العاصمة الاردنية مواقف متقدمة على السعودية والامارات، في حين كانت الكويت داعمة اساسية للحقوق الفلسطينية.
ورغم ان القمة الرباعية فيها بعض العوامل الباعثة على الاطمئنان، الا ان القلق من هجوم في دوائر صنع القرار الاردني للحرس القديم على عقلية الرئيس الجديد الدكتور عمر الرزاز وخططه ومشاريعه يبقى موجودا ومبرّرا.
قمة الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي جاءت بعد تأكد العروش الخليجية لعدم تخلخل المُلك في الاردن، واستقرار عمّان المرحلي على صعيدي الحياة السياسية والاقتصادية بعد توقف الاحتجاجات، استبقت لقاءً كان مقرراً الثلاثاء في الكويت بين الملك عبد الله الثاني واميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح. بهذا المعني تريد الرياض ان تؤكد “قيادتها” للعالم العربي على صعيد مختلف عن دور “الشرطيط الذي يتحمله ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
اشارات الطمأنة قد تكون حيث اللقاء في العاصمة الدينية للمملكة السعودية وليس في تلك السياسية، والتي هي (مكة) في النهاية مسقط رأس ملك الاردن الهاشمي، وهذا من جهة، ومن جهة ثانية لكون من دعا اليه هو الملك سلمان وليس ولي عهده الذي “يقايض ويفاوض” وبات الاردنيون اصلا متوجسون منه (هنا طبعا الفرصة مواتية تماما لترقب حضوره او عدمه في القمة المذكورة).
على الصعيد الاردني وجود الامير محمد بن زايد ولي عهد الامارات يمكن ان يمنح انطباعا ايجابيا كون العلاقات الاماراتية الاردنية أخف توترا بكثير من نظيرتها السعودية الاردنية، بالاضافة لكون وجود امير الكويت الذي دعم عمان بقوة في موقفها من قضية القدس وكان حاضراً في قمتي اسطنبول وفي مجلس الامن، قد يسهم ايضا في المزيد من تخفيف التوتر المحتمل بين السعودية والاردن.
على صعيد المشهد السياسي، فوجود الكويت لا يسهم فقط في تخفيف التوتر وانما في اعتدال المواقف، حيث لن تكون عمان مجبرة (وفق الفرضية الاولية) على اتخاذ موقف اكبر من قطر او الحرب في اليمن او احلال قوات اردنية في سوريا، والاهم من ملف القدس والتسوية الامريكية للقضية الفلسطينية. هذا المتوقع والاهم ان تلتزم عمان في موقف “عدم بيع” الموقف السياسي الحالي لها تحت اي شعار في الفترة الحالية لقاء مساعدات اقتصادية.
المشكلة الحقيقية اقتصاديا في عمان، ان اي نوع من المساعدات قد لا يخدم العاصمة الاردنية ولا يخدم الحكومة التي تتشكل اليوم، الا اذا وضع عمليا ضمن برنامج واضحٍ لتعزيز الاقتصاد الاردني وليس لتغطية النفقات ولمشاريع تفتقر لحسن التخطيط وبعيدة الاولووية، كما جرت العادة، والاردنيون لا يزالون قريبين جدا من المشهد الذي تحولت فيه المنحة الخليجية الكبيرة (5 مليارات دولار، وقطر الوحيدة لم تدفع حصتها فيها) من اسهام في الاقتصاد والبنى التحتية لسلسة طرق خارجية انهار بعضها.
من هذا الباب، يجب هذه المرة ان تخضع اي مساعدة او حتى رغبة في المساعدة للمراقبة من قبل الجميع من جهة، كما يجب ان تغيب تماما الوجوه التي ارتبطت بإضاعة الفرص على البلاد عن المشهد السياسي والاقتصادي الاردني، ولو لمرحلة حتى يعبر فيها الاردن الامواج المتلاطمة التي قد تؤثر على قراراته.
وجود القمة المذكورة الاحد، قد يعني تأجيل يمين الحكومة امام الملك حتى عودته، ما سيؤجل بالضرورة الاعلان عن الفريق الاردني الذي سيقود الحكومة المرحلة المقبلة، وهنا تخوفات من وزن اخر، حيث فرض رجال محسوبين على الرياض وابو ظبي واقل بكثير الكويت على الطاقم الوزاري المقبل، وهو ما يمكن مراقبته جيدا في التشكيلة المقبلة.
بالنسبة لملك الاردن ولرئيس حكومته، فالتعامل ببعض الحكمة مع الشارع قبل اسبوعين ها هو ينعكس ايجابا على العلاقات مع المحيط، بعدما كان الاردن حتى الامس القريب معزولا جدا من قبل جارته الجنوبية والشقيقة الكبرى السعودية، بهذا المعنى، فكما كتبت “رأي اليوم” سابقاً فالحراك “نعمة” الاردن، والاستماع للشارع قد يكون الخيار الامثل في المرحلة المقبلة لبناء اردن مستقل فعلا وبذات الزخم والثِّقل اللذان تمتع بهما قبل السنوات العجاف الاخيرة.
بكل الاحوال، اجتماع مكة ليس وحده تحت مجهر الشارع الاردني اليوم، ورئيس الوزراء ايضا تحت ذات المجهر مع تشكيلة فريقه، ورغم ان التسريبات تتلاحق عن الاسماء المحتملة، فتحليلات عميقة استمعت لها “رأي اليوم” تحذر جدا الدكتور الرزاز من نقل البلاد لعهدة ما عرف بالليبراليين الجدد مرة واحدة، كما تحذره من البقاء ضمن تشكيلات محاصصة كمن سبقوه، بالاضافة لـ “لا كبيرة” يقولها الشارع لكل طاقم الاقتصاد في الوزارة السابقة. بهذا المعنى فخيارات الدكتور عمر الرزاز معقّدة اصلا، ودون الخوض في صراعات المرجعيات و”كوتاتها” التي دأبت مؤسسات بعينها على فرضها على الحكومات وتسببت بنزاعات نفوذ داخل الحكومات السابقة اصلا.