الكويت تُعيد الحَياة إلى وَساطَتِها في الأزمةِ الخليجيّة..
هل تَغيّرت الظُّروف وباتَت فُرص النَّجاح أكبر؟ ولماذا لا تُريد دُول المُقاطَعة الأربع الذِّهاب إلى قِمّة كامب ديفيد؟ وما هو دَور جاريد كوشنر في تَعقيد الوَساطة؟
عادَت الحياة مُجدّدًا إلى شَرايين الوَساطة والوُسطاء في الأزمة الخليجيّة بعد فترةِ “وفاةٍ سريريّة” استمرّت بِضعة أشهر، حتى كادَ الكثيرون أن يَنسوها لاخْتفائِها عن رادار الاهْتمام في الدُّول المَعنيّة وشُعوبِها وأجهزة إعلامِها.
مَبعوثان أمريكيّان هُما الجِنرال المُتقاعد أنتوني زيني، ونائِب مُساعد وزير الخارجيّة السفير تيم لبندر كنغ، يَقومان بجولةٍ خليجيّةٍ حاليًّا بَدأت بالكويت، وكانت الدّوحة المَحطّة الثانية حيث الْتَقيا بِوزيريّ خارجيّة البَلدين.
كان لافِتًا أن الدّوحة تَحتل الحَلقة الأبْرز في هذهِ الجَولات والاتصالات، ولُوحِظ أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أوفد مَبعوثه الخاص الشيخ محمد العبد الله المبارك الصباح، حامِلاً رِسالةً خطّيّةً إلى الأمير تميم بن حمد آل ثاني، ممّا قد يَعني أن القِيادة القَطريّة مُطالبة بتَقديم تنازلات، أو مُراجعات، لِنَجاح أي وساطةٍ قادِمة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يَقِف خلف مُحاولات إعادة تَفعيل الوساطة الكويتيّة، وقامَ باتصالاتٍ هاتفيّة مع أمير قطر، ووليّ عهد السعوديّة الأمير محمد بن سلمان، ووليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، ووجّه دَعوات إلى الثّلاثة لزِيارة واشنطن، للتَّمهيد لعَقد قمّة ثُلاثيّة في كامب ديفيد في أيّار (مايو) المُقبِل للتوصُّل إلى حَلٍّ نِهائيٍّ للأزمة.
الرئيس الأمريكي يُريد حَل الأزمة الخليجيّة التي طالَت (بَدأت في 5 حزيران الماضي)، وتَقترِب من إكمال عامها الأوّل، لعِدّة أسباب: أوّلها أن هذه الأزمة استنفذت أغراضها بعد حُصولِه على أكثر من 550 مِليار دولار من الدُّول الخليجيّة الأربع على شَكل صفقات أسلحة واستثمارات، وثانيها: رَغبَتِه في تَحشيد هذهِ الدُّول في تحالفٍ ضِد إيران.
الدُّول الأربَع المُقاطِعة لدولة قطر غير مُتعجِّلة للتوصُّل إلى حَلٍّ للأزمة فيما يبدو، وباتَت مُستعدَّةً للتَّعايش معها لسنواتٍ قادِمة على اعْتبار أنها لم تَعُد مُتضرّرة منها على عَكس دولة قطر، أما الأخيرة أي دولة قطر فتَقول أنّها امتصّت صَدمة المُقاطعة وتَعايشت معها، وغير مُستعدَّة لتَقديم أي تنازلات تتعارض مع سِيادتها.
الدُّول الأربَع المُقاطِعة لدَولة قطر لا تبدو راضيةً عن هذا التحرّك الأمريكي، وأصْدرت بيانًا بعد اتّصالات الرئيس ترامب بالقادة الخليجيين الثلاثة تُؤكِّد فيه أن الوساطة الوحيدة المَقبولة هي الكويتيّة وأظهرت بُرودًا تُجاه المُشاركة في قمّة كامب ديفيد المُقتَرحة ممّا يعني أنّها تُفضِّل استمرار الوَضع الحالي، لعَدم اطمئنانِها للنّوايا الأمريكيّة، وتتخوّف من ضُغوطٍ إضافيّة عليها لإبْداء مُرونة.
زيارة الأمير بن سلمان إلى واشنطن يوم 19 اذار (مارس) الحالي ربّما تكون حاسِمة في هذا الإطار، وعلى ضُوء التّفاهمات التي ستتمخّض عن اللِّقاء مع الرئيس ترامب سَيتحدّد مَصير نجاح الوَساطة من عَدمِها.
التٍسريبات الصحافيّة التي جَرى تداولها على نِطاقٍ واسِع في الأيّام الأخيرة وتَضمّنت اتّهامات لجاريد كوشنر، صِهر الرئيس الأمريكي ومُستشاره بانْحِيازِه إلى الدُّول الأربَع في الأزمة بعد رفض السُّلطات القَطريّة مَنح شركاتِه صفقاتٍ تجاريّة لإخراجها من عَثراتِها، قد تُضيف تعقيداتٍ جديدة لجُهود الوَساطة الأمريكيّة، رغم أنّها لم تُؤكَّد رسميًّا، ووَضعت الرئيس ترامب وإدارته في مَوقِفٍ حَرِج.
الجِنرال زيني جَرى اختياره عام 2002 لكي يَكون مَبعوثًا خاصًّا للولايات المتحدة إلى إسرائيل والسُّلطة الفلسطينيّة ولم يُحقِّق أي تَقدّم وفَشِل فَشلاً ذريعًا في مَساعيه التي استمرّت عامَين تقريبًا، فهَل سَيكون أفضل حَظًّا في مُهمّته الحاليّة في الأزمةِ الخليجيّة.
يُخامِرُنا الكَثير من الشَّك.
“رأي اليوم”