ابن سلمان لـ”واشنطن بوست”: استخدمت “العلاج الكيميائي” مع الأمراء.. وما أفعله تطبيق لممارسات كانت أيام “النبي محمد”
أجرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية مقابلة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان, وصف فيها ما قال عنها موجة الإصلاحات الجديدة باعتبارها جزءاً من العلاج بـ”الصدمة” المطلوب لتحديث الحياة السياسية والثقافية في المملكة.
بدأ ولي العهد العنيد ذو الـ32 عاماً المحادثة قبل منتصف ليل الإثنين، 26 فبراير/شباط تماماً، في نهاية يومٍ جلب معه أوامر ملكية جديدة تُدخِل تعديلاتٍ كبيرة على الجيش السعودي والبيروقراطية الحكومية، وتُعيِّن امرأة في إحدى وزارات الحكومة، هي تماضر بنت يوسف الرماح، التي عُيِّنَت نائبةً لوزير العمل, وعلى مدار أكثر من ساعتين، تحدث بن سلمان عن حملاته ضد الفساد والتطرف الإسلامي، إلى جانب استراتيجيته في المنطقة.
وقال ولي العهد إنَّ لديه دعماً شعبياً، ليس فقط من الشباب السعودي المتبرم، بل أيضاً من العائلة الملكية التي جرى تطهيرها في الفترة الماضية. ورفض الانتقادات المُوجَّهة لسياساته الداخلية والإقليمية، التي وصفها البعض بأنَّها محفوفة بالمخاطر، وجادل بأنَّ التغييرات ضرورية لتمويل تنمية المملكة ومحاربة أعدائها كإيران.
وعند سؤاله عما إن كان يمكنه إطلاق سراح نشطاء حقوق الإنسان قبل زيارته إلى الولايات المتحدة في أواخر مارس/آذار القادم، قال إنَّ المعايير السعودية تختلف عن الأميركية، و” إن كانت ناجحة، فلا حاجة لإصلاحها”، لكنَّه أضاف لاحقاً عبر مساعدٍ له أنَّه سيُفكِّر في إدخال إصلاحاتٍ على هذا المجال تماماً كما في المجالات الأخرى.
وترصد الصحيفة الأميركية ما وصفتها بـ”حالة ثوران ثقافي في المملكة، فالنساء يُخبرن الزائرين عن نوع السيارات التي يعتزمن شراءها حين يُسمَح لهن بالقيادة، في يونيو/حزيران المقبل، وافتُتِحَت صالاتٌ رياضية للنساء، وتُشغِّل رائدات الأعمال شاحنات طعام، وتحضر المشجعات الرياضيات مباريات كرة القدم العامة”.
لكن الصحيفة أكدت على أنه من المستحيل أن يرصد الصحفي الذي أجرى المقابلة تقييم مدى نجاح إصلاحات بن سلمان من خلال زيارة مقتضبة للسعودية.
وربما توجد معارضة مُحافِظة متواريةً تحت الأرض، لكنَّ استطلاع رأيٍ مستقل أجرته شركة إبسوس في سبتمبر/أيلول 2017، لجيل الألفية السعودي وجد أنَّ 74% يشعرون بالتفاؤل حيال المستقبل، وتتصدر قائمة مخاوفهم الأسعار المرتفعة والبطالة والفساد.
تحدث بن سلمان باللغة الإنكليزية طوال المقابلة، وكان في مقابلتين سابقتين معي يتلقَّى الأسئلة بالإنكليزية، ثُمَّ يجيب عنها باللغة العربية.
ورفض بن سلمان المخاوف بين بعض داعميه في الولايات المتحدة بأنَّه يقاتل على جبهاتٍ عددها أكثر من اللازم ويغامر أكثر من اللازم، مُجادِلاً بأنَّ اتساع التغيير ووتيرته ضروريان لتحقيق النجاح.
الأوامر الملكية الأخيرة
وعن الأوامر الملكية الأخيرة، قال ولي العهد إنَّها محاولة ترمي لإدخال أشخاص ذوي “طاقاتٍ عالية” يمكنهم تحقيق أهداف عملية التحديث. وقال: “نريد العمل مع المؤمنين (بتلك الأهداف)”.
وكانت الأوامر الملكية قد قضت بتعيين أمراء أصغر سناً في الأسرة الملكية في المناطق الرئيسية، بما في ذلك تعيين الأمير تركي بن طلال نائباً لأمير منطقة عسير.
وترى الصحيفة الأميركية أن هذا التعيين الأخير يشير إلى اتفاقٍ داخل العائلة المالكة، لأنَّ أخاه الأمير الوليد بن طلال كان من بين الأشخاص الـ381 الذين اعتُقِلوا على خلفية اتهاماتٍ بالفساد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. (أُطلِق سراحه لاحقاً).
وأقال بن سلمان رئيس هيئة الأركان وعيَّن قادةً عسكريين جدداً، وهي التغييرات التي قال إنَّها مُخطَّطٌ لها منذ عدة سنوات للحصول على نتائج أفضل للإنفاق العسكري السعودي؛ وقال إنَّ المملكة التي تمتلك رابع أكبر ميزانية للدفاع في العالم لا تحتل سوى المرتبة العشرين أو الثلاثين في ترتيب أفضل الجيوش. وتحدث عن خططٍ طموحة لحشد القبائل اليمنية ضد الحوثيين وداعميهم الإيرانيين في اليمن، وهي الحرب التي استغرقت وقتاً أطول مما كان يأمل السعوديون.
العلاج بالصدمة
وأضاف بن سلمان أنَّ انقلابه ضد الفساد في نوفمبر/تشرين الثاني، كان مثالاً على العلاج بالصدمة الذي تحتاج إليه المملكة، نظراً لاستيطان الفساد بها: “لديك جسد ينتشر فيه السرطان في كل مكان، سرطان الفساد. إذاً تحتاج إلى تلقِّي العلاج الكيميائي، أي الصدمة الكيميائية، وإلا سيأكل السرطان كلَّ الجسم”. وأكمل أنَّ المملكة لا يمكنها تحقيق أهداف الميزانية دون إيقاف عمليات النهب تلك.
وقال إنَّه يتذكَّر أعمالَ الفساد شخصياً، إذ حاول بعض الناس استغلال اسمه وعلاقاته منذ أواخر مرحلة المراهقة: “الأمراء الفاسدون كانوا أقلية، ولكنَّ الفاسدين يحظون بالقدر الأكبر من الاهتمام. وهذا أضر بقوة العائلة الملكية”.
وأضاف بن سلمان “أغلب الأمراء الذين أطلق سراحهم بعد اعتقالهم بفندق الريتز كارلتون، يعرفون أنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة، ولذلك وافقوا على التسوية” باستثناء 56 شخصاً ما زالوا قيد الاحتجاز.
وأضاف أنَّ “الصدمة” كانت ضرورية لكبح جماح التطرف الإسلامي بالمملكة. وقال إنَّ إصلاحاته التي تضمَّنت منح حقوق أكبر للمرأة وأقل للشرطة الدينية، ما هي إلا محاولة بسيطة لإعادة تطبيق الممارسات التي كانت تُطبَّق في وقت النبي محمد.
وقال ولي العهد إنَّه تعرَّض لانتقاداتٍ غير عادلة لممارسته الضغط على رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، من أجل تقديم استقالته، في نوفمبر/تشرين الثاني.
وأضاف بهذا الشأن “لقد أصبح الحريري الآن في وضعٍ أفضل” في لبنان، بالنسبة لميليشيات حزب الله التي تدعمها إيران.
يذكر أن الحريري بدأ فجر الأربعاء، 28 فبراير/شباط 2018، أول زيارة رسمية له إلى السعودية منذ أزمة استقالته التي تراجع عنها.
المصدر: هافنتغون بوست عربي