نيويورك تايمز: الشباب السعودي والإيراني يحاولان دفن إرث 1979

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1941
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

 قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان إن الشباب في السعودية وإيران لديهما نفس الرغبة بدفن إرث العام 1979 والخروج من جلباب الماضي الذي أدى إلى صعود موجة التطرف وزيادة الإرهاب بالعالم، مؤكداً أنه في كلتا الدولتين نسبة عالية جداً من الشباب تتوق لتكون أكثر حرية وترفض قيود الأنظمة المفروضة عليهم.
الكاتب استذكر في مقاله، الذي نشر بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، العام 1979 عندما بدأ عمله كمراسل صغير في بيروت، حيث وجد نفسه يعيش أتون التغييرات الكبيرة التي عصفت بالشرق الأوسط.
وقال فريدمان: “في إيران يسيطر نظام شيعي متطرف على الحكم ويبشر بتصدير الثورة إلى العالم، وفي السعودية تسيطر مجموعة مسلحة على المسجد الحرام بمكة المكرمة، مما أصاب الأسرة الحاكمة السعودية بالذهول، حيث ردت على ذلك الأمر بالتضييق على الناس في وسائل الترفيه، وأغلقت أي متنفس للحرية، ومنعت الموسيقى، وعززت من سلطة رجال الدين، وباشرت بتصدير الإسلام المتشدد”.
وذات العام شهد غزو الاتحاد السوفييتي السابق لأفغانستان، وتشجيع الولايات المتحدة للمقاتلين الإسلاميين للانخراط بجهاده، بتمويل من السعودية، لغرض هزيمة الروس، كما ظهرت قبل ذلك بعام حركة دنغ شياو بينغ في الصين الذي نقل البلاد إلى دولة رأسمالية، وهو ما زاد من الطلب على الطاقة؛ ما سمح بوجود وفرة مالية كبيرة بالسعودية وإيران مكنتهما من السعي لنشر النسخة التي يريدون من الإسلام.
ولكن اليوم- بحسب ما أشار الكاتب الأمريكي- يبدو أن هناك جيلاً جديداً يرفض ذلك الإرث الثقيل، فكلتا الدولتين؛ السعودية وإيران، تشتركان بارتفاع نسبة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، وأيضاً الجيل الجديد بات مرتبطاً بالعالم من خلال الشبكات الاجتماعية والهواتف الذكية، فضلاً عن وجود تذمر كبير لديه من رجال الدين، فهم يريدون العيش بعيداً عن سلطتهم، ببساطة إنهم يريدون دفن إرث 1979 وكل ما جاء من ورائه.
المظاهرات العفوية التي اندلعت في إيران مؤخراً أدت لخروج موجة كبيرة من الغضب لدى الشباب، والذي بدا واضحاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فلقد هتفوا ضد مغامرات الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وضد المؤسسة الدينية أيضاً.
الكاتب بين أن “لإيران شعباً متعلماً يستند إلى إرث ثقافي وحضاري غني، فهي أمة قادرة على أن يكون لها موقع في العلوم والطب والفن، إلا أن نظامها لم يركز على الشباب وتمكينهم بل على توسيع نفوذها في الدول العربية الفاشلة، مما كلف ميزانيتها مليارات الدولارات، وهو ما دفع المتظاهرين إلى الهتاف ضد حزب الله اللبناني، والترديد “الموت للديكتاتور”، في إشارة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي”.
وتابع فريدمان: “في رحلاتي الأخيرة إلى السعودية قابلت العديد من الشباب هناك، إنهم لا يريدون أن يتحكم رجال الدين بهم وبحياتهم، ونفس الشيء ينطبق على السعوديات، إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على الذهاب إلى الحفلات الموسيقية، ويرغبون بقيادة المرأة، ومزاولة أعمالهم التجارية بحرية، والسماح للاختلاط والسينما، وأن يكون لهم ثقافتهم الوطنية ليس فقط الثقافة الإسلامية”.
لكن الأمر في السعودية مختلف؛ فهي لا تشهد انتفاضات أو ثورات، وإنما هناك ولي العهد محمد بن سلمان، وهو شاب يبلغ من العمر 32 عاماً، ويسعى إلى التغيير الجذري فيها.
إن بن سلمان “استبدادي ومتسلط”، وأضرّ بسمعة بلاده كثيراً، بحسب الكاتب، فقد أجبر رئيس وزراء لبنان سعد الحريري على تقديم استقالته من العاصمة السعودية، ويخوض حرباً في اليمن منذ نحو ثلاثة أعوام، مما تسبب في أسوأ أزمة إنسانية، وفي الوقت الذي يعلن فيه الحرب على الفساد ببلاده فإنه يشتري لوحات ويخوتاً وقصوراً بملايين الدولارات.
وبين الكاتب الأمريكي أن بن سلمان تجرأ على اتخاذ خطوات لم يسبق إليها أحد من أعمامه ممن حكموا السعودية، فلقد سحب صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسمح للمرأة بقيادة السيارة وبحضور أحداث رياضية مع الرجال، وفتح دور السينما، ودعا نجوم البوب الغربيين إلى بلاده، وتعهد بإسلام أكثر اعتدالاً ضمن رؤية 2030 التي أعلنها.
وينقل فريدمان عن رجل أعمال خليجي قوله: “إن بن سلمان يسعى لبناء نسخة سعودية من الصين، دولة ذات نظامين، فإذا كنت دينياً فاذهب إلى مكة، وإذا كنت لادينياً فيمكن أن تذهب إلى ديزني التي يمكن لولي العهد أن يبنيها، إذ إنه لم يعد مرتبطاً بمملكة واحدة فقط حيث لا تزال الثقافة القبلية سائدة”.
أما في إيران، يقول فريدمان، فإنه ليس من مصلحتها بناء دولة من نظامين، فمجتمعها أكثر حداثة وقد ابتعد كثيراً عن النظام، لذلك فالشباب لا يخافون من الذهاب إلى الشوارع والتعبير عن استيائهم من سلطة رجال الدين.
الرئيس الإيراني حسن روحاني قال في مقابلة تلفزيونية، الاثنين الماضي، إنه “لا يمكن للمرء أن يجبر الناس على نمط حياة معين، وخاصة الأجيال الجدد، المشكلة أننا نريد لجيلين بعدنا أن يعيشوا بذات الطريقة التي كنا نعيشها”.
ويختم فريدمان مقاله بتأكيد أن نجاح السعودية وإيران من التخلص من إرث 1979 سيجعل العالم أفضل وسيكون هدية لكل المسلمين في العالم.