انخفاض معدلات إطلاق المشاريع السكنية في السعودية
أسماء العتيبي
انخفض معدل إطلاق المشاريع التجارية في السعودية مع قرب انتهاء 2017، بسبب الأداء الضعيف للقطاع العقاري السعودي، بحسب تأكيدات خبراء عقاريين وصفوا العام الجاري بالثقيل الذي لم يكن جيدا ربحيا بعد أن سجلت الأسعار انخفاضا في القيمة لأول مرة منذ عام 2008.
وبحسب الخبراء، بقيت أعداد كبيرة من المشاريع التي أطلقت في أعوام سابقة شاغرة في ظل انخفاض الطلب والفجوة الكبيرة بين القيمة الحالية وقدرة المشترين.
وتشكلت الظروف الحالية للسوق في ظل تضاؤل السيولة وارتفاع الأسعار، ودخول الحكومة شراكة مع بعض شركات التطوير العقاري لتوفير خيارات غير ربحية للمواطنين، وفرض الرسوم الذي يعتبر الأكثر وجعا للمستثمرين.
بدوره، أشار «ناصر التويم»، الذي يمتلك مؤسسة عقارية متخصصة، إلى أن هذا العام كان صعبا عليهم بصفتهم مقاولين يتعاملون بشكل مباشر مع المطورين العقاريين، حيث إن الطلب على أعمال المقاولة المرتبطة بالمطورين انخفض بشكل كبير نتيجة تضاؤل مبيعات مشاريع الإسكان التجارية، وهو الذي ألقى بظلاله بشكل سلبي على التفاؤل بإطلاق مشاريع جديدة، خصوصا أن البعض يمتلك مشاريع معروضة للبيع منذ سنوات ولم يتبع بيعها.
ولفت إلى أن الإقبال مع نهاية العام الجاري يعتبر غير محفز على الإطلاق في البدء بإطلاق مشاريع عقارية سكنية، إلا أن ذلك لن يكون مؤثرا من ناحية انخفاض العرض، لأن العرض الموجود جيد إلى حد كبير مقياسا بالعزوف الذي يلف أرجاء السوق.
وأضاف «التويم» أن العديد من شركات التطوير العقاري توقفت بشكل ملحوظ عن إنشاء المجمعات السكنية التجارية، نتيجة تخبط حالة السوق وضبابية الرؤية المستقبلية له، بل إن بعض العقاريين تورطوا بمعنى الكلمة في إقامتهم مشاريع كانت تحت الإنشاء في بداية الأزمة في السنوات الخمس الأخيرة، وكان عليهم لزاما أن يجدوا حلا لذلك، عبر ترويجهم بضائعهم بأسعار يخيل لهم بأنهم خفضوا فيها ليخدعوا المشترين، أو عبر عروض شراء المنزل مقابل إعطاء بعض الهدايا مثل السيارات أو بعض قطع الأثاث.
ولفت إلى أن هناك فيلات بأعداد كبيرة تجاوز عمرها السنوات الخمس، وهي خاوية على عروشها لم يسكنها أحد، وأن رسوم الأراضي أثرت بشكل كبير على أداء جميع القطاعات العقارية هذا العام.
واستغرب «ربيع الدوسري»، الخبير العقاري من حال السوق، إذ إنه من المعروف أن السعودية من أكثر الدول المحتاجة إلى مزيد من الإنشاءات العقارية، ولكن التوقف عن المبيعات جعل الشركات الإنشائية الكبرى تؤجل مشاريعها أو تنهيها في ظل هذه الحالة المتردية.
وأشار إلى أن مشاريع كبرى كانت قد توقفت أو ألغيت بسبب نقص سيولة المواطنين، الذين أصبحوا يتفرجون على المباني دون أن تكون لهم القدرة المادية على امتلاكها، رغم تنافس البنوك على تمويلهم لتملك العقارات، لكنها لم تكن بالشكل نفسه الذي كان يطمح إليه المستهلك البسيط، الأمر الذي دفعهم إلى الدخول في شراكات بالمشاريع الحكومية التي تعتبر ذات ربح مضمون وجيد إلى حد كبير.
ويزيد «الدوسري»، أن القطاع العقاري لم يعد جاذبا للاستثمار رغم تزعمه شتى القطاعات الاقتصادية الأخرى في فترات ماضية.
وعن تأثير هذا الركود على الأداء العام للسوق، أوضح أن عمليات البناء شبه متوقفة في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وأسعار المقاولين، إضافة إلى ارتفاع تكاليف مواد البناء، التي أصبحت تشكل ضغطا إضافيا على أداء القطاع الذي لم يعد يحتمل مزيدا من الضغوطات، خصوصا أن السوق تترنح بشكل يعجز عن تفسير ما يحدث فيها.
وأوضح أن التجار يتوجسون خيفة من حال السوق في الأعوام المقبلة، خصوصا إذا تمت مشاريع وزارة الإسكان التي وعدت بها، وهو ما يعتبرونه المسمار الأخير في نعشهم، وهو ما تسعى إليه الآن عبر إعلانها توقيع العديد من العقود الإنشائية التي توفر خيارات سكنية غير ربحية.
يذكر أن القطاع العقاري السعودي ظل لعقود طويلة يسير حرا دون ضوابط، وهو الأمر الذي دفع بالأسعار للوصول لمستويات مرتفعة تجاوزت الضعف خلال العقد الماضي فقط، مما حدا بالحكومة المحلية إلى اتخاذ العديد من التدابير الصارمة للحد من ذلك.
المصدر | الخليج الجديد + الشرق الأوسط