دراسة إستراتيجيّة بتل أبيب: تساوق المصالح السعوديّة الإسرائيليّة لا يسمح آنيًا بالإعلان عن علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ كاملةٍ وعلنيّةٍ بل يُعزّز التفاهمات السريّة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2651
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
على الرغم من الأحداث العاصفة الداخليّة التي تمرّ بها المملكة العربيّة السعوديّة، إلّا أنّ ما يهُم دولة الاحتلال هو كيفية وآلية تطوير العلاقات السريّة مع الرياض، وإخراجها إلى العلن، وفي هذا السياق، قالت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، إنّ هناك مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعوديّة، وفي مُقدّمتها وقف التغلغل الإيرانيّ-الشيعيّ في المنطقة، عدم منح الشرعيّة لنظام الرئيس السوريّ د. بشّار الأسد والتعاون المشترك مع أمريكا، ولكن مع ذلك، شدّدّت الدراسة على أنّ تساوق المصالح التكتيكيّة والإستراتيجيّة المذكورة بين السعودية وإسرائيل لا يُمكنه في الوقت الراهن الإعلان عن التوصّل لعلاقاتٍ دبلوماسيّةٍ كاملةٍ وعلنيّةٍ، بل إلى تعزيز التفاهمات السريّة بينهما ومواصلة التنسيق من تحت الطاولة بين الرياض وتل أبيب، بحسب تعبيرها.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّه على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسيّة عادية بين الدولتين، إلا أنّ المصالح المشتركة بينهما، منع إيران من الوصول إلى القنبلة النوويّة ومنع الجمهورية الإسلاميّة من التحوّل لدولة عظمى في المنطقة، أدّت في الآونة الأخيرة إلى تقاربٍ كبيرٍ بين الرياض وتل أبيب، وعلى الرغم من أنّ السعودية، بحسب الدراسة، تشترط التقدّم في المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحسين علاقاتها مع الدولة العبريّة، فإنّ هناك بونًا شاسعًا بين وجود علاقات دبلوماسيّة كاملة وبين القطيعة التامّة بين الدولتين، الأمر الذي يمنحهما الفرصة للعمل سويةً بعيدًا عن الأنظار، كما قالت الدراسة، التي أضافت أنّ الإطلاع على وثائق (ويكيليكس) تؤكّد لكلّ من في رأسه عينان على أنّه بين الرياض وتل أبيب جرى حوار سريّ ومتواصل في القضية الإيرانيّة.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الدراسة، إنّ الوثائق أثبتت أنّ العديد من الشركات الإسرائيليّة تقوم بمساعدة الدول الخليجيّة في الاستشارة الأمنيّة، وفي تدريب القوات الخاصّة وتزويدها لمنظومات تكنولوجيّة متقدّمة، علاوة على لقاءات سريّة ومستمرة بين مسؤولين كبار من الطرفين.
كما تبينّ، زادت الدراسة، أنّ إسرائيل قامت بتليين سياسة تصدير الأسلحة إلى دول الخليج، بالإضافة إلى تخفيف معارضتها لتزويد واشنطن بالسلاح لدول الخليج، وذلك في رسالةٍ واضحةٍ لهذه الدول أنّه بالإمكان التعاون عوضًا عن التهديد، كما أنّ إسرائيل تتمتّع بحريّة في بيع منتجاتها في دول الخليج، شريطة أنْ لا يُكتب عليها أنّها صُنّعت في الدولة العبريّة.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ السعودية والدول الخليجيّة تعرف مدى قوة إسرائيل في أمريكا ومدى تأثيرها على قرارات الكونغرس، وبالتالي فإنّ هذه الدول ترى أنّه من واجبها الحفاظ على علاقات معينّة مع تل أبيب، ولكن العلاقات الطبيعيّة لم تصل حتى الآن إلى موعدها، ذلك أنّه بدون إحداث اختراق في العملية السلميّة مع الفلسطينيين، لا يُمكن التقدّم أكثر في العلاقات.
وأوضحت الدراسة أنّه لا يُمكن من اليوم التنبؤ فيما إذا حدث اختراق في العملية السلميّة، وهل هذا الأمر سيقود إلى ربيعٍ سياسيٍّ بين إسرائيل والسعودية، وباقي دول الخليج، لافتةً إلى أنّ السعودية اشترطت تنفيذ طلبات الغرب بإجراء الإصلاحات وتحسين العلاقة مع إسرائيل ولعب دور إيجـابيّ في المنطقـة بالتقـدّم على المسار الفلسطينيّ.
ونوهت الدراسة إلى أنّه بحسب الرواية السعودية ودول الخليج الأخرى، فإنّ العلاقات الدبلوماسيّة العلنية مع إسرائيل في الوقت الراهن ستكون نتائجها سلبية أكثر بكثير من إيجابياتها، ذلك أنّ دول الخليج تتمتّع الآن بالعلاقات السريّة مع إسرائيل، دون أنْ تضطر لدفع الفاتورة للرأي العام العربيّ، الذي يرفض التطبيع مع الدولة العبريّة، لأنّ الرأي العام العربيّ يرفض الآن أيّ نوعٍ من العلاقات مع إسرائيل، كما أنّ هذا الأمر ينسحب على إسرائيل، لأنّه من الأفضل لها أنْ تبقي العلاقات مع السعودية وباقي دول الخليج سريّة وغير رسميّة لأنّ هـذه الدول الرجعيّة لا تحترم حقوق الإنسان ولا تتماشى سياستها الداخليّة مع القيم الديمقراطيّة لإسرائيل.
وكشفت الدراسة أنّ السعودية تتمنّى أنْ تقوم إسرائيل بمهاجمة إيران، وفي نفس الوقت تبتعد عن الغمز أوْ اللمز بأنّها ستُساعد تل أبيب في الهجوم، خشية أنْ تضطر هي لدفع تكاليف الضربة العسكريّة، كما أنّه بين إسرائيل والسعودية يوجد حاجز دينيّ واجتماعيّ لعدم التقارب أكثر، على حدّ تعبير الدراسة.
وفي السياق عينه، قال مُحلّل الشؤون الأمنيّة يوسي ميلمان في صحيفة “معاريف” العبرية، إنّ التحوّل في العلاقات بين الرياض وتل أبيب بدأ في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وبرز هذا التحول عندما بادرت السعودية إلى تقديم صيغٍ لحلّ الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ، مقابل الاعتراف العربيّ بإسرائيل، مُوضحًا، نقلاً عن مصادره الرفيعة في تل أبيب، أنّ رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير بندر بن سلطان، يُعتبر مهندس العلاقات مع تل أبيب، مُشدّدًا على أنّ الأمير بندر كان “القوّة الدافعة” داخل العائلة المالكة نحو تعزيز العلاقات مع إسرائيل، لإيمانه بضرورة الاستفادة منها في مواجهة إيران.