«الغارديان»: آل سعود لا يزالون يعيشون «حالة من الإنكار»

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2158
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد
هناك شيء بالتأكيد يحدث على قدم وساق في المملكة العربية السعودية هذه المرة. وعلى مدى عقود، اتبعت الأسرة الحاكمة السعودية سياسة الوعود، لكنها لم تكن توفى أبدا. وغالبا ما كانوا يلجأون للخطط المبهرجة في محاولة لتلميع الصورة العالمية المشوهة للبلاد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالفعل، فنادرا ما ينفذون.
ولكن ربما يكون الأمر مختلفا هذه المرة. وفي حديث مع «الغارديان»، أدلى ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» بتصريحات من شأنها أن تدفع حتى أكثر الأشخاص سخرية لأخذ الكلام بمحمل الجد. وتحدث مباشرة عن «ما حدث»، قائلا إن الثورة الإيرانية تسببت في تعزيز الأنظمة الدينية في جميع أنحاء المنطقة، وأن الوقت قد حان الآن للتخلص من النظام الديني في المملكة.
وقال: «نعود ببساطة إلى الإسلام المعتدل المفتوح على العالم وجميع الأديان. إن 70% من السعوديين أصغر من 30 عاما. وبصراحة، لن نضيع 30 عاما من حياتنا في مكافحة الأفكار المتطرفة، سنقوم بتدميرها الآن وعلى الفور».
ويعد ولي العهد مسوقا ماهرا، وهو محبوب من وسائل الإعلام الغربية. وأصبح مألوفا جدا للصحفيين. وقدم نفسه كمحور للتحول الذي طال انتظاره في البلاد. ولفترة من الوقت، بدا وكأنه مجرد صورة جديدة لوعود لن تنفذ.
لكن هذه التعليقات الأخيرة، كانت مقترنة برفع الحظر المفروض على قيادة المرأة، وهي الخطوة التي كانت مادة للسخرية في البداية، لكن تم تنفيذها، وأصبحت على وشك التفعيل. وربما تشير هذه الخطوة إلى فكر الأمير «محمد»، وعدد ممن تمكن من كسب ولائهم في المؤسسة الملكية. لكن هناك شخصيات بارزة تردد أن هذه ليست مبادرة رجل واحد.
ولم يكن الأمير الشاب هو القوة الدافعة الوحيدة وراء التحول. فالأهم من ذلك، كان هناك عاملا اقتصاديا وراء ذلك أيضا. وبسبب أعوام من انخفاض أسعار النفط في اقتصاد غير متنوع، أدركت الأسرة الحاكمة أن خزائن الدولة العامة لم تعد قادرة على الحفاظ على النظام الحالي. ولم يكن هناك حل أفضل للبقاء من قتل العادات القديمة. وكان خطأ النظام في الماضي يتمثل في اقتصار التفكير فقط على كيفية الحفاظ على سلطته على المدى القصير، بتقديم إعانات سخية للمواطنين، وحماية نفسه من غضب المؤسسة الدينية من خلال منحها حريات واسعة.
وخلال الأعوام التي عشتها في البلاد في أواخر التسعينات والعقد الأول من الألفية الجديدة، وصل النشاط الإرهابي على الأراضي السعودية إلى ذروته. وكان من المحبط دائما رؤية مضايقات الشرطة الدينية وترهيبها للجمهور. إضافة إلى إنفاذ أقصى القوانين الدينية تشددا، في حين سارعت الحكومة إلى مكافحة صعود التطرف، مع عدم تقديم أو معالجة الصلة بين الاثنين. بيد أن يد النظام العام القوي الذي يدفع الرجال إلى الصلاة ويصرخ على النساء لتغطية وجوههم قد أصبح ضعيفا منذ ذلك الحين.
ولعل أكثر ما يثير الدهشة في التصريحات الأخيرة الصادرة عن آل سعود، الإشارة إلى الملل والقصور الذاتي للشباب السعودي وكان الأمير «بن سلمان» دائما مصرا على التحول الاجتماعي، وأصر على أنه من دون التوصل إلى اتفاق جديد بين المواطن والدولة، فسوف تفشل إعادة التأهيل الاقتصادي.
وقال أحد كبار الشخصيات الملكية السعودية: «يتعلق الأمر بمنح الشباب حياة اجتماعية. لا بد من وجود الترفيه كخيار لهم. إنهم يشعرون بالملل والاستياء. والمرأة بحاجة إلى أن تكون قادرة على القيادة بنفسها إلى العمل. وبدون ذلك، لن ننجو. ويعرف الجميع ذلك، باستثناء الناس في المدن الصغيرة، لكنهم سيتعلمون».
ويعد هذا الحديث العلني حول التفرقة بين السعوديين «في المدن الصغيرة» والنظام الحاكم غير مسبوق. ويشير إلى أن الحكومة بدأت تتغلب على خوفها من الدخول في النزاع القديم مع التقليديين الدينيين.
وبالطبع، لا يزال هناك بعض الإنكار من قبل الأسرة الحاكمة. فتاريخ التطرف في السعودية لا يبدأ بالثورة الإيرانية. وكان ذلك نتيجة لاستخدام الدين في تعزيز وترسيخ سلطة النظام، وهذا ما منح رجال الدين المتشددين الحرية للسيطرة على كل شيء، من المناهج المدرسية إلى قوانين النظام العام. وبالنسبة للعائلة المالكة، فقد عملت على استرضاء هذه المؤسسة الدينية، خوفا من تكرار خلاف خطير (مثل حصار مكة من قبل المتطرفين الدينيين عام 1979). وساعد ذلك النظام، في المقابل، على إنشاء نظام استبدادي لا يمكن التشكيك فيه.
ومع ذلك، لا يزال هناك شيء من الصدق يكمن في قلب الضائقة السعودية. فلا يوجد شيء مدمر مثل عدم وجود ديمقراطية. ويعني الفشل في مواجهة حقيقة لهذه الحقيقة الاستمرار في استغلال الدين لأغراض سياسية، وهو ما سيعود بنتائج عكسية دائما. تبدو الأمور واعدة، ولكن بمجرد أن يتم تعلم هذا الدرس، سيكون هناك أمل حقيقي.

المصدر | نسرين مالك - الغارديان