إيكونوميست: ما وراء الستار في أرامكو السعودية

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2452
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد
إذا كانت أرامكو دولة داخل الدولة السعودية، فإن وحدة تخطيط إمدادات النفط وجدولتها «أوسباس» تمثل الدولة العميقة فيها. فللدخول إليها، لابد أن تمر عبر إجراءات الأمن المشدد في مقر أرامكو في الظهران، في شرق المملكة، حيث الإنجليزية هي اللغة المشتركة حتى بين عاملي «أرامكو» السعوديين، وحيث تجد الموظفات هناك، وجوههن مكشوفة، كما يجرين الاجتماعات مع الزملاء الذكور. وكثرة المزاح أمر شائع بين المهندسين هناك، خاصة في أوقات الاستراحات الهادفة «لتخفيف الضغط».
في أعماق «أوسباس» هناك ما هو أبعد من حدود المملكة. يوجد عدد قليل من المديرين التنفيذيين في الموقع الذي يطلق عليه «المركز العصبي» لأكبر شركة نفط في العالم. حيث تتم المتابعة باستخدام 100 ألف جهاز استشعار ونقطة بيانات على الآبار وخطوط الأنابيب والمحطات والمحطات الطرفية، حيث توجه كل قطرة من النفط وكل قدم مكعب من الغاز يخرج من المملكة التي تزود (10% من إمدادات النفط في العالم)، ويرصد ذلك على شاشات عملاقة حتى وصولها إلى الموانئ ومحطات توليد الطاقة، كما يتم متابعة ناقلات النفط أثناء تحميلها.
ولأن جميع عمليات أرامكو النفطية والغازية «المنبع» تقع في بلد واحد ، فإنها تقول أنها يمكن أن تبرر استثمار مبالغ كبيرة، والكثير من القدرات الحاسوبية على هذه التكنولوجيا، لأنها تساعد على خفض التكاليف. وقد قال أحد المدراء التنفيذيين: «تعمل إكسون موبيل في 40 دولة .و لا يمكن أن تفعل ذلك».
وستصبح هذه المقارنات أكثر أهمية حيث تعرض أرامكو نفسها أمام طرح عام أولي. وحتى وقت قريب كانت الشركة محجوبة عن التدقيق الخارجي وحتى التدقيق في المملكة نفسها، مما أعطاها قدرا من الغموض أكثر من السمعة الطيبة. وهذا الأسبوع دعت الشركة إيكونوميست لزيارتها، وقد رفعت الحجاب جزئيا، حيث ما زالت سجلاتها المالية غير مسموح بعرضها أمام الجميع باستثناء الحكومة، المساهم الوحيد فيها.

خطط طويلة الأمد
ولكن على الرغم من ذلك، فإن أرامكو لديها قصة جيدة. فرغم كفاجها في مواجهة الأسعار، فإنها عالقة في خطط طويلة الأجل، وتستثمر بكثافة في التكنولوجيا والتدريب وتطوير الصناعة. وقد يساعد نهجها الطويل الأجل على تفسير لغزها. وعلى مدى عقود، أدت مخزونات النفط المعلنة في السعودية إلى إرباك الصناعة؛ ومنذ عام 1989 ظلت ثابتة بشكل مشبوه بحوالي 260 مليار برميل - أي عشر مرات أكثر من أقرب منافسي أرامكو- وتقول أرامكو أن المملكة لديها 400 مليار برميل إضافية من الموارد التي يمكن أن تصبح احتياطيات أيضا.
وتخضع هذه الاحتياطيات للمراجعة قبل الاكتتاب العام، ويتعين على المدراء التنفيذيين مناقشة العملية. ومع ذلك، فهم يجادلون بأنه في حين يجب أن تذهب الشركات الأخرى بعيدا للعثور على احتياطيات جديدة، يمكن لأرامكو الاحتفاظ بها ثابتة ببساطة عن طريق إدارة أفضل الحقول الموجودة.
وعلى النقيض من الشركات الكبيرة المدرجة، والتي ألغت خطط النمو عندما هبط سعر النفط في 2014- 2016، تمكنت أرامكو أيضا من الاستمرار في الاستثمار بسبب انخفاض تكاليفها. وأصبحت زيادة إنتاج الغاز الطبيعي الآن محور التركيز الرئيسي، ولكنها أثارت أيضا عمليات إنتاج النفط في بعض المناطق. ويظهر ذلك في حقل الشيبة الشاسع في الربع الخالي من المملكة العربية السعودية، حيث قامت شركة أرامكو في العام الماضي برفع إنتاج النفط الخام بمقدار 250 ألف برميل يوميا إلى 1 مليون برميل يوميا، وأيضا بافتتاح منشأة لمعالجة سوائل الغاز الطبيعي وتم تركيب 650 كيلومترا من خطوط الأنابيب الجديدة عبر سلسلة جبال من الكثبان الرملية الحمراء.
أما مجال تركيزها الثاني فهو التكنولوجيا. وفي حين يعترف بعض المنافسين بأنهم أهدروا فرصة الاستثمار في البيانات الضخمة خلال فترة الازدهار النفطي قبل عام 2014، فإن أرامكو ليست كذلك. وثالثا، فإن أرامكو، باعتبارها أكثر أصحاب العمل السعوديين جذبا، فهي تواجه صعوبة أقل من أقرانها الغربيين في جذب الموظفين (المولودين بين عامي 1980 و1996) الذين يتخرجون في مجال صناعة النفط والغاز. وقد حافظت على الإنفاق على المنح الدولية خلال الركود. وتعتزم زيادة حصة المرأة في القوى العاملة من 25% إلى 40% كما أن موقع رئيس المهندسين فيها ورئيس الموارد البشرية يتم شغلهما الآن من قبل الإناث.

عقبات
ولكن يبقى هناك أمر واحد يحد من هذه الإمكانات وهو أن أرامكو لا تملك مصيرها. إن مستقبل الاكتتاب العام، مثل القرار بشأن زمان ومكان الإدراج، هو في أيدي المساهمين الحكوميين، والذين يمثلهم «محمد بن سلمان»، ولي العهد. ويؤدي التوتر السياسي الداخلي والاحتكاكات الخارجية مع قطر إلى تأخير عملية الطرح العام حتى عام 2019، مما يؤدي إلى مزيد من التشويش.
كما أن التقييم المحتمل هو أيضا موضع خلاف. كما هو معروف فإن ولي العهد، «محمد بن سلمان» قال أنه يعتقد أن ارامكو تستحق 2 تريليون دولارعلى الرغم من أن العديد من المحللين يعتقدون أنه رقم طموح أكثر من اللازم. ولتحسين فرصها، تتجه المملكة نحو الإدراج في بورصة نيويورك وليس في لندن، لأن أمريكا لديها تجمعات أعمق من رأس المال. ومع ذلك، من شأن ذلك أن يعرض أرامكو لمخاطر قانونية يفضل تجنبها. ومن أجل جذب المستثمرين الصينيين، تدرس المملكة أيضا إصدار بعض الأسهم فى هونج كونج.
ومع ذلك، فإن أرامكو القوية ستخفض أقسام التكرير والبتروكيماويات ذات الهامش الأدنى من التقييم. ولدى أرامكو بعض الخطط المثيرة للاهتمام وهي تأمل في بناء مصنع مزود بالتكنولوجيا الجديدة لتحويل النفط الخام مباشرة إلى البتروكيماويات.
وباختصار، فإن الاكتتاب العام هو لصالح المملكة أكثر من شركة أرامكو. وقد يكون له عيوب أبرزها تعريض الشركة لأهواء المستثمرين قصيري الأمد أو للناشطين المعادين للوقود الأحفوري. ولكن العاملين في أرامكو مصممين على تحقيق الاستفادة القصوى من ذلك. ويقول المديرون التنفيذيون إن مستقبل النفط مشرق، حتى لو ظهرت السيارات الكهربائية وأنواع الوقود الأنظف. كما أن انخفاض التكاليف يعني عدم وجود خطر على النفط السعودي، وسوف تصبح صناعة النفط صناعة مشرقة وسوف تحسد أرامكو من بقية العالم في هذا المجال كما يقول «محمد القحطاني» أحد المدراء التنفيذيين في الشركة.

المصدر | إيكونوميست