الحراك الذي أتعبهم.. لماذا بالغت السعودية في الحشد الإعلامي والأمني والديني ضدَّ الدعوة لاحتجاج 15 سبتمبر؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2237
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

شهدت المدن السعودية تشديدات أمنية نهار اليوم الجمعة، تحسباً لاستجابة المواطنين لدعاوى بالاحتجاج، تحت اسم #حراك_١٥سبتمبر، ونشر معارضون على حسابات بموقع تويترمقاطع وصوراً لعربات الشرطة تحيط ببعض المساجد.

وكانت الحكومة السعودية قد نفذت في الأيام السابقة للحراك المزمع حملةَ قمع واسعةً ضد المعارضين، تستهدف منتقدين ورجال دين ومنافسين سياسيين. وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، شن هذه الحملة بينما يتحرَّك لتوطيد سلطته التي تأسَّسَت حديثاً في ظل الأزمة مع قطر.

وشنت وسائل الإعلام السعودية حملة مكثفة ضد الحراك، ونقلت عن علماء دين وشخصيات عامة أن المملكة "كانت قبل أن يجمعها المؤسس -رحمه الله- قد عاشت حياة التفرق والتشتت والشرذمة حتى جمع الله شملها ووحد كلمتها بجهوده المباركة، فأمّن الله السبل وانتشر العلم وتآخت القبائل".

وأدَّت الحملة إلى اعتقال ما يصل إلى عشرة رجال دين شعبيين، ووصفها تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية بأنها "الحملة الأكبر من نوعها في تاريخ المملكة الحديث". وتأتي الحملة بعد محاولة أخيرة فاشلة لإنهاء الخلاف المستمر لثلاثة أشهر بين الرياض وجارتها الصغيرة التي تحدَّت المطالبات بقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان المسلمين وإيران، والتي تراها المملكة الغنية بالنفط وحلفاؤها في الخليج باعتبارها تُمثِّل تهديداً تخريبياً.

 

ما الدوافع وراء حملات الاعتقال؟

واعتبرت منظمة هيومان رايتس ووتش أن "لهذه الاعتقالات دوافع سياسية، وهي علامة أخرى على أنه لا مصلحة حقيقية لمحمد بن سلمان في تحسين سجل بلاده في حرية التعبير وسيادة القانون. ستضيع الجهود التي يبذلها السعوديون لمعالجة التطرف هباءً إن بقيت الحكومة تسجن كل شخص بسبب وجهة نظره السياسية"

 

كيف نفذت السلطات حملات الاعتقال؟

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن أقارب وأصدقاء للمعتقلين أن بعضهم أُخذ من المنزل فى مداهماتٍ غير مُعلَنة شنَّتها قوات الأمن، بينما ضُبِطَت أجهزة الكمبيوتر الخاصةِ بهم، علاوة على هواتفهم المحمولة، ووثائقهم الشخصية. وقد احتُجِزَ المعتقلون بمعزلٍ عن العالم الخارجي، ولم يتضح ما إذا كانوا قد اتُهِموا رسمياً بارتكاب جرائم. ولم تفصح السعودية علناً عن أي دليلٍ قد يكون لديها ضدهم.

وقال مغردون معارضون إن الاعتقالات التي نفذتها السلطات بحق معارضيها ضخّمت من حراك 15 سبتمبر، وأهدت المعارضة دفعة معنوية ربما تقود إلى أعمال أكبر.

ضخّمت الدولة حراك 15 سبتمبر لتُبرر الإعتقالات التي قامت بها، لكنها لم تدرك أنها أهدت المعارضة دفعة معنوية وتجربة جديدة ستقود إلى أعمال أكبر.

 

ما معنى المبالغة في الهجوم على الحراك؟ 

 وانتقد الكاتب السعودي جمال خاشقجي مبالغة الإعلام السعودي في التحذير من الحراك، وقال إن ذلك يعطي صورة خاطئة عن استقرار المملكة.

 

مبالغة الاعلام في التخويف والتحذير مما يسمى  يعطي صورة خطأ عن استقرار المملكة .

 

خاشقجي الذي وصفته صحيفة نيويورك تايمز بأنه يقيم حالياً في الولايات المتحدة لأنَّه يخشى اعتقاله إذا عاد إلى بلاده، رفض خاشقجي الفكرة التي يُروِّج لها مؤيدو الحكومة على الشبكات الاجتماعية بأنَّ الأفراد المحتجزين كانوا يتآمرون ضد البلاد. وقال للصحيفة الأميركية إنه "لم تكن هناك مؤامرات. لم يكن هناك ما يدعو إلى مثل هذه الاعتقالات، إنَّهم ليسوا أعضاءً في منظمةٍ سياسية، علاوة على أنَّهم يمثلون وجهات نظر مختلفة". ولم يستجب المسؤولون السعوديون لطلب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بالتعليق.

 

هل قطر هي السبب أم الخوف من "منافسة محتملة"؟

ونقلت "غارديان" عن مسؤول رفيع المستوى أن حملة الاعتقالات "يجب أن يُنظَر إليها من منظورِ قطر في المقامِ الأول، لكن الأمر يتعلَّق أيضاً بالقضاء على أي قواعد منافِسة مُحتَمَلة على الصعود إلى العرش في الجبهة الداخلية. ويظل (بن سلمان) قلقاً من أي شخصٍ على صلةٍ بمحمد بن نايف أو بالحرسِ القديم".

وتأتي حملة القمع أيضاً وسط تكهنات جارية بأن الأمير محمد بن سلمان يؤهِّل نفسه لاعتلاء العرش، ربما في وقتٍ قريب، في النصف الأول من العام المقبل، كما ذكر تقرير "غارديان". وقد نَفَى الديوان الملكي السعودي هذا الادعاء بشدة، غير أن شخصياتٍ مُقرَّبة من السلطات تُصر على أن هناك خططاً مُجهَّزةً لخلافته - لكن وفق شروطٍ يضعها العاهل الحالي، الملك سلمان بن عبد العزيز، والد ولي العهد.

 

لماذا استهدف النظام رجال دين مؤثرين؟

ويأتي اعتقال رجال الدين - ومغادرة معارضين رفيعي المستوى المملكة السعودية مؤخراً - بعد حملةٍ دشَّنَتها الرياض ودولة الإمارات في يونيو/حزيران الماضي ضد قطر، ما أدَّى إلى حصارٍ جويٍ وبريٍ وبحري، وعقوباتٍ تجارية، وسلسلةٍ من المطالبات التي لم تُلب حتى الآن. ونقلت الصحيفة البريطانية عن شخصيات بارزة داخل المملكة إن القمع يهدف إلى تهميش رجال دينٍ مُؤثِّرين يعتقد الديوان الملكي أنهم صمتوا عن تأييد الموقف ضد قطر، ذلك الموقف الذي يظن مسؤولون كبار أنه كَشَفَ حدود النفوذ السعودي بدلاً من إظهار قوته.

وكان شاعرٌ، وأستاذٌ جامعي، ورجلُ أعمالٍ معروف من ضمن المُعتقلين. غير أن التركيز الأساسي قد انصبَّ على رجال الدين سلمان العودة، وعوض القرني، وعلي العمري، والذين يحظون بنفوذٍ ممتد داخل المجتمع السعودي، حيث يجذبون الملايين من متابعي شبكات التواصل الاجتماعي. ولدى سلمان العودة وحده 14 مليون متابع على موقع تويتر.

 

وهذا هو السبب الأهم فيما يجري

وتابع المسؤول رفيع المستوى لـ"الغارديان" أن "إقصاء تلك الشخصيات بهذه الطريقة يُعدُّ مجازفةً كبرى، ولكن لولي العهد سلطات قد منحها له الملك تُمكِّنه من فعل أي شيء. يطلب ولي العهد من رعاياه ولاءً كاملاً وسيتخلَّص من أولئك الذين لا يقدِّمونه".

وقد تحدَّث شخصٌ آخر من المُقرَّبين من الأمير محمد عنه قائلاً: "إنه يتطلَّع لإنجاز الأمور". وأضاف: "إذ أنه إن لم يستطع فعل ما يُريد سيُشاع عنه أنه قد هُزِمَ من منافسيه، وهو ما لن يطيق سماعه. وتقول دائرته المُقرَّبة له إن وقته قد حان لتولي العرش، إذ أن الملك قد انسلخ عن الحكم، كما أنه لا يريد إزعاج نفسه، لذا يحاول ولي العهد الآن تعزيز سلطته مُتحمِّلاً خطر التجاوزات التي قد يقع فيها في ذلك المسعى".