برعاية روسية وسعودية.. مصر تنوي الدخول الى سوريا لصد ايران
بقلم: تسفي برئيل
لاعبة جديدة ومفاجئة انضمت مؤخرا الى الساحة السورية وساهمت في تثبيت وقف اطلاق النار المحلي. لقد حصلت مصر على اذن من السعودية وروسيا لاجراء مفاوضات بين المليشيات والنظام في منطقة الغوطة الشرقية في شرق دمشق، وفي شمال مدينة حمص. وفي الحالتين نجحت في التوصل الى التوقيع على اتفاق لوقف اطلاق النار، الاول في 22 تموز والثاني في بداية آب الحالي. هاتان المنطقتان مشمولتان في خريطة المناطق الامنية التي تم الاعلان عنها من قبل روسيا وتركيا وايران عن انشائها بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
من ناحية اسرائيل يعتبر تدخل مصر هاما. لأن كل دولة تعمل على صد تأثير ايران في سوريا يخدمها، والاهم من ذلك هو أن الحديث يدور عن شريكة اسرائيل في الحرب ضد الارهاب في سيناء، التي ترى معها بنفس المنظار التهديد الايراني وخطر تمزق سوريا الى كانتونات. اسرائيل التي تنغمس في نقاشات حول ما يجري في المنطقة الامنية في جنوب سوريا، والتي ارسلت الى واشنطن في الاسبوع الماضي وفد أمني برئاسة رئيس الموساد، الى جانب اللقاء المخطط له لنتنياهو مع بوتين غدا، من شأنها أن تدفع الدول العظمى لتشجيع تدخل مصر في سوريا. وبهذا تضمن لنفسها شريكا عربيا اضافة الى الاردن، سيتعامل بتعاطف مع مصالحها.
الشراكة مع مصر هي نتيجة عملية سياسية متعرجة بدأت منذ بداية تولي عبد الفتاح السيسي منصبه في بداية 2013، الذي خلافا لمواقف سلفه محمد مرسي الذي قطع العلاقات مع وسوريا، أعلن مرات كثيرة أن مصر “تدعم الجيوش الوطنية من اجل حل الصراعات في المنطقة والحفاظ على الامن”. هذا الاعلان لا يحتاج الى تفسير أكثر من ذلك لأنه يعبر عن دعم كامل لجيش النظام السوري ونظام الاسد. وأضاف السيسي أن “الاسد يعتبر جزء من الحل”، بل وسمح باجراء لقاءات في القاهرة بين رئيس الاستخبارات المصرية وبين علي مملوك رئيس الاستخبارات السورية.
إن لقاء علني كهذا عقد في تشرين الاول 2016، لكن حسب التقارير في وسائل الاعلام العربية، فقد عقد في السنة الاخيرة عدد كبير من اللقاءات بين شخصيات هامة مصرية وسورية. في هذا الاسبوع وصل وفد مصري كبير يتكون من رجال اعمال وموظفين في الغرف التجارية للمشاركة في المعرض التجاري في دمشق. وقد خرج وزير الخارجية السوري، وليد معلم، عن أطواره في الثناء على هذا التأييد المصري. “مستوى المشاركين وحجم الوفد في المعرض يعكس رغبة اخواننا في مصر لتعزيز العلاقة بين الدولتين”، قال المعلم. على خلفية المقاطعة العربية لسوريا وطردها من جامعة الدول العربية فان مشاركة وفد من الغرف التجارية المصرية تمثل أكثر من كونها فضول تجاري. فهذا يمثل رسالة سياسية واضحة. إن سياسة الرئيس السيسي الذي يؤيد بقاء بشار الاسد في الحكم خشية من انهيار سوريا ومن التداعيات التي ستترتب على مصر، لم تستقبل بصورة جيدة حتى الآونة الاخيرة في السعودية، التي طلبت من مصر تعديل خطها كي يتلاءم مع سياستها التي تقضي بازاحة الاسد عن الحكم كشرط لاجراء أي مفاوضات أو أي حل سياسي. لقد عاقبت السعودية مصر بسبب دعمها في الامم المتحدة لمشروع القرار الروسي، حيث أوقفت تزويد مصر بالنفط الرخيص. هذه الخطوة أجبرت مصر على البحث عن مصادر جديدة توفر لها النفط بأسعار السوق، التي أخذت من خزينتها حصة كبيرة. في هذه الاثناء، توطدت العلاقة بين مصر وروسيا، رغم الصداقة التي تجددت بين القاهرة وواشنطن عند تولي ترامب لمنصبه، الذي سارع الى الاعلان عن تأييد السيسي رغم العلاقة الباردة التي كانت سائدة بين مصر وادارة اوباما. ولكن روسيا والولايات المتحدة لن تشكل البديل للعلاقة السياسية والاقتصادية التي تربط بين مصر والسعودية وللمصالحة بينهما. التغير بدأ عندما انضمت مصر الى السعودية ودولة الامارات في فرض العقوبات على قطر، حيث يعتبر هذا التحالف في هذا الموضوع مهم للسعودية أكثر من الشأن السوري. اضافة الى ذلك، السعودية تعترف أنه لا يمكنها القيام بحسم عسكري أو سياسي في الحرب السورية. وأن سياسة الدعم للمليشيات التي تعمل ضد نظام الاسد لن تنجح في تحقيق نتيجة حقيقية. وسياسة السعودية لم تنجح ايضا في وقف أو تقليص تأثير وتدخل ايران في سوريا. وعندما دخلت تركيا الى داخل الحدود السورية، وعلى خلفية ما اعتبر من قبل السعودية كحلف بين ايران وتركيا وروسيا، حيث لا يوجد للسعودية أو الولايات المتحدة أي دور، قررت السعودية اجراء تغيير في الاستراتيجية. وحسب هذا التغيير يبدو أنها فضلت تدخل مصر على تدخل تركيا، وبالتأكيد على تدخل ايران.
من ناحية روسيا، هذا يشكل تطورا هاما. لأنه اذا كانت مصر تعمل على استئناف التطبيع بينها وبين سوريا وتحسين العلاقة الدبلوماسية والاقتصادية معها، فهذا يعني اعطاء الشرعية الرسمية المصرية، وبعد ذلك العربية، لنظام الاسد. وبهذا يمكن لمصر أن تسحب البساط من تحت جهود اردوغان الذي يطمح الى أن يكون المتحكم بالشأن السوري، بل ان ذلك يوفر لسوريا البديل العربي للعلاقة الحصرية مع ايران. ولكن من المبالغ فيه التقرير الآن أن دور وتدخل ايران في سوريا سيتبدد بسبب التدخل المصري. النظام في سوريا مدين ببقائه لايران وروسيا، لذلك فانه في اطار أي حل سياسي ستستمر الدولتان في كونهما العمق الاستراتيجي لسوريا.
هآرتس 21/8/2017