دنيس روس: أمريكا والسعودية شركاء وليس حلفاء وقطر فعلت الكثير لواشنطن ولكنّها موّلت حماس وزودّت المتعصبين والمتطرفين بالسلاح
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
في شهر حزيران (يونيو) الماضي، قال السفير الأمريكي الأسبق للشرق الأوسط، دنيس روس، إنّ قطر التي فعلت الكثير للولايات المتحدة من خلال إداراتها لعدة عمليات عسكرية في الشرق الأوسط عن طريق قاعدتها العسكرية، إلّا أنّها في الوقت ذاته موّلت “حماس″ ودعمتها، وزوّدت المتعصبين والمتطرفين بالسلاح، كان هذا التصريح كافيًا لتأكيد موقف روس من الأزمة الخليجيّة المتفاقمة، فهو عبر تصريحه، وقف إلى جانب الدول المُحاصرة لقطر، ودعم عمليًا الموقف الرسميّ للإدارة الأمريكيّة بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
ومن جانبه أوضح عضو الكونجرس، براد شيرمان، أنّ أغلبية السياسيين في الولايات المتحدة غير سعداء بمساندة قطر للتنظيمات الإسلامية المتطرفة، مشيرًا إلى أنّ هناك أناس داخل البلاد معنيين بالسياسة الأمريكية في الخارج، وهم غير سعداء لمساندة قطر للمتطرفين و”حماس″ و”جبهة النصرة”، متابعًا أنّ قطر من جهة صديقة للولايات المتحدة، إلّا أنّها من جهة أخرى صديقة لمن يحاولون قتل الأمريكيين، مؤكّدًا على أنّه حان الوقت لحكومة قطر لقطع المساعدات عن المؤسسات الإرهابية ووقف تمويل داعش ماليًا، لأنّ ذلك سيتسبب في مشكلة مع الولايات المتحدة.
ورأى الدبلوماسيّ الأمريكيّ المخضرم روس، والباحث في عدّة معاهد إستراتيجيّة في العاصمة واشنطن، رأى أنّه بالنظر إلى سجل السعودية في حقوق الإنسان وتصديرها لنسخة متشددة من الإسلام، تمتزج غالبًا بدعم التطرف السنيّ، فإنّ السعوديين ليسوا حلفاء بالنسبة لواشنطن بقدر ما هم شركاء، على حدّ تعبيره. وتابع روس قائلاً إنّ الحلفاء يتشاركون القيم وليس فقط المصالح.
وبحسبه، تتمثل الأهداف الحالية للسياسة الأمريكية بالمنطقة في: احتواء التوترات الحالية بين السعودية وإيران، ضمان نجاح الاتفاق النووي الإيرانيّ، ومحاولة الحفاظ على زخم معتدل باتجاه تحقيق اتفاق إقليمي بشأن سوريّة، على حدّ قوله.
أمّا فيما يتعلّق بقطر والخليج العربي في عصر دنيس روس، فقالت دراسة جديدة إنّ محور واشنطن-تل أبيب لم يكتف سابقًا بوضع الملف العسكريّ-الأمنيّ الخليجيّ في يد الجنرال ديفيد بتراوس قائد القيادة الوسطى الأمريكية السابق، وإنمّا قام هذا المحور بوضع الملف السياسيّ-الدبلوماسيّ الخليجيّ في يد دنيس روس، بما يشير إلى أنّ السيطرة العسكرية – الأمنية على الخليج لم تعد كافية لمحور واشنطن – تل أبيب ولابد أيضًا من سيطرة سياسية – دبلوماسية تعزز القدرة لجهة القيام بالآتي: القضاء على حرية الإعلام والمعلومات بما يتيح لمحور واشنطن – تل أبيب المضي قدمًا بلا عراقيل في تنفيذ مخطط العملية النفسية الواسعة النطاق التي يتم شنها حاليًا وبشكل رئيسي ضد سوريّة وحزب الله وحركة حماس وحلفائهم في داخل وخارج المنطقة. النقطة الثانية تتمثل في إعادة توجيه العملية السياسية الخليجية بما يتيح تصعيد الخلافات العربية – العربية والعربية – الإيرانية. كما أنّ روس يؤمن بضرورة تفعيل قدرة واشنطن لجهة القيام بابتزاز المزيد من الموارد المالية والنفطية الخليجية.
ومن الواضح أنّ روس لا يريد الاكتفاء بذلك فقد أعلن مرارًا وتكرارًا ضرورة توظيف الخطر الإيرانيّ بما يتيح استخدامه كفزاعة لجهة الآتي: دفع البلدان الخليجية لبناء الروابط والدخول في التحالفات المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، دفع إيران للتفاهم مع الولايات المتحدة بما يتيح لأمريكا ابتزاز القدرات الإيرانية لجهة استخدامها وتوظيفها في ملف الأزمة العراقية وملف الأزمة الأفغانية.
ولفتت الدراسة إلى أنّ سيناريو “الخليج في عصر دنيس روس″ شهد العديد من المفاجآت التي فوجئت منها النخبة الخليجية قبل غيرها، لأنّ روس سعى من أجل الآتي: الحد من نفوذ النخبة السياسية الخليجية، بحيث يقسم روس السلطة وفقًا لصيغة تتيح له “صنع القرار”، وتترك للنخبة الخليجية “اتخاذ القرار”. علاوةً على ذلك، توظيف الإعلام الخليجي والعالمي بما يمهد لتنميط إسرائيل باعتبارها “قوات صديقة” وتنميط إيران باعتبارها “العدو المشترك”. ثالثًا، فرض السيطرة على تحركات وتصريحات ومواقف النخبة السياسية الخليجية.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّ التدخل الأمريكيّ في الخليج لم يقتصر على الوسائل العسكرية التي تتيح لمحور واشنطن – تل أبيب ممارسة الإرغام و”القسر العسكري” فقط، وإنمّا كذلك على الوسائل الدبلوماسية التي تتيح لهذا المحور فرض الإرغام و”القسر الدبلوماسي” لإدماج الدول الخليجية ضمن خارطة مشروع إعادة رسم التحالفات السياسية – الأمنية في المنطقة، على حدّ تعبيرها.