فريضة الحج وفق المزاج السياسي السعودي بين “رد الجميل” و”التضييق”
تستغل الرياض فريضة الحج للضغط على الدول العربية والإسلامية، بدلاً من أن يكون عاملاً للمّ شمل الفرقاء، أصبحت الفريضة مناسبة لتصفية الحسابات السعودية.
تقرير ابراهيم العربي
من العدوان على اليمن إلى الأزمة الخليجية إلى الصراع مع الجمهورية الاسلامية إلى التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي وقضية تيران وصنافير، محطات مرّت بها الرياض، انعكست سلباً وايجاباً على مواطني هذه الدول، ما يؤكد استغلال الرياض للفريضة الدينية وتسيسها.
اليمن
في اليمن، حيث دخل العدوان العسكري عامه الثالث، تخيم حالة من الترقب لدى المواطنين اليمنيين ويتخوف هؤلاء مما يسمونه عقاباً جماعياً من النظام السعودي بحق الحجاج اليمنيين بعد تجربة عام 2016، إذ اشترطت حكومة الرياض برئاسة عبد ربه منصور هادي على الراغبين في أداء فريضة الحج، من المحافظات الشمالية والغربية، قطع جوازات سفر جديدة من محافظات عدن ومأرب وحضرموت، واعتبار الجوازات الصادرة بعد تاريخ الاول من يناير/كانون الثاني 2016 من صنعاء غير معتمدة.
قطر
وبعد تصاعد الخلاف مع قطر، وصلت الأزمة إلى مكانٍ أصبحَ فيه التعامل اللأخلاقي واللاديني من قبل السلطات السعودية هو السمة الأبرز، ليس آخرها التلويح بفريضة الحج، كأداةِ تهديدٍ ضدها. إذ أعلنت سلطات المملكة أنها ستسمح للقطريين بدخول أراضيها جواً وعبر مطارين فقط، ليستتبعها إعلان شركات الحج والعمرة القطرية عدم تسيير حملات حج في عام 2017 خوفاً على الحجاج القطريين من التعرض لمضايقات من الجانب السعودي.
فلسطين
أما عن فلسطين، وفي ضوء التطبيع الحاصل، تحاول الرياض التقرب من الاحتلال عبر الفريضة وتستخدم سياسة التفرقة بين الشعب الفلسطيني عبر تجريم حركات المقاومة فيها ووضعها على لائحة الإرهاب، في حين تتحدث تقارير إعلامية عن نية المملكة استغلال موسم الحج هذا العام لتكريس التطبيع مع كيان الإحتلال الإسرائيلي، وهو ما كشفه وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا أن تل أبيب تسعى إلى إقناع السعودية بالسماح بتسيير رحلات جوية من “مطار بن غوريون” الإسرائيلي نحو أراضي المملكة لنقل الحجاج المسلمين الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية.
ايران
بعد حادثة الحج الأخير والتي تسببت بمقتل مئات الحجاج الإيرانيين، اندلعت أزمة بين إيران والسعودية حيث كان الإيرانيون هم الأغلبية من الضحايا. تسعى إيران هذا العام إلى إيفاد حجاجها إلى مكة، لكنّ الرياض حاولت العراقلة بعدم منح تأشيرات لدبلوماسيين إيرانيين معنيين بأمور الحج، ما دفع بطهران إلى التلويح بوقف إيفاد حجاجها لعدم التعاون السعودي، قبل أن تبلغ السلطات السعودية، الحكومة الإيرانية أنها ستقوم بمنح التأشيرات للوفد الدبلوماسي.
مصر
في المقابل، تكافئ السعودية الدول بزيادة تأشيرات الحج كمجاملة سياسية. مصر خير مثال على ذلك، حيث منحت سفارة السعودية في القاهرة البرلمان المصري 1800 تأشيرة حج لهذا العام، لتوزيعها على أعضاء البرلمان بواقع ثلاث تأشيرات لكل نائب. وذلك بعد أيام من إقرار البرلمان لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
ورفعت السعودية من تأشيرات الحج المخصصة لمصر، هذا العام، لتصل إلى 78 ألفاً و138 تأشيرة، بدلاً من 62 ألفاً و511 تأشيرة.
العراق
في ما يخص العلاقة بين السعودية والعراق، والتي دخلت مرحلة جديدة بعد الإعلان عن تحرير الموصل، لحاجة السعودية إلى اتفاق أمني وحدودي مع بغداد خوفاً من انتقال العناصر الارهابية إلى المملكة، كان لتأشيرات الحج دور مهم في المجاملة السياسية، إذ قدم محمد بن سلمان لوزير الداخلية قاسم الأعرجي خلال زيارته الأسبوع الماضي، هدية كما وصفتها الصحف السعودية، متمثلة بزيادة حصة العراق في الحج 5 آلاف مقعداً، فضلاً عن إعادة فتح الخطوط الجوية بين البلدين، ما يمكِّن الحجاج العراقيين خلال موسم الحج لهذا العام أن يسافروا عبر “الخطوط الجوية السعودية” من مطار بغداد إلى محطات مطار جدة والطائف والمدينة.