معهد واشنطن: ازدياد العنف في مناطق الشيعة سيؤدّي لحملة قمعٍ سعوديةٍ أكثر صرامةً
لأنّهم يسكنون بالقرب من آبار النفط الأكبر في العالم
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
رأت دراسة صادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أنّ مقتل ضابط أمن سعودي في الرابع من تموز (يوليو) في هجوم بقذائف صاروخية (آر. بي. جي.) والذي أسفر أيضًا عن إصابة ثلاثة آخرين يُمثل أحدث تصادم في سلسلة من الاشتباكات الأخيرة في بلدة العوامية، جزء من منطقة القطيف الساحلية، بين قوات الأمن والناشطين الشيعة.
ولفتت الدراسة أيضًا إلى أنّ تُعزى الأجواء الحالية تُعزى على الأقل جزئيًا إلى جهود الحكومة لإعادة تطوير جزء قديم من العوامية، من المفترض أن يُحسّن المرافق المحلية ويجعل المنطقة أيضاً أكثر سهولة للشرطة. ولكنّ السياق الأوسع هو أنّ الشيعة في العوامية، القريبة من البنية الأساسيّة لتصدير النفط في المملكة، يشعرون بالتهميش والتمييز ضدّهم في المجتمع السعودي، كما أنّ تعاطفهم تجاه إيران يُخيف السلطات السعودية.
وعلى الرغم من الارتكاز على قرون من العداء الدينيّ، أوضحت الدراسة، إلّا أنّ التوترات الأخيرة تعود إلى أوائل عام 2016، عندما أعدم السعوديون رجل الدين الشيعي نمر النمر، الذي اتُهم بالتحريض. وردًا على ذلك، قام الإيرانيون الغاضبون بنهب السفارة السعودية في طهران، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، كما أشارت الدراسة إلى وقوع أحداث “عنفٍ”، قام بها السكّان ضدّ السلطات الأمنيّة السعوديّة والأخرى.
وقد يؤدي مستوى العنف إلى بدء حملة قمع سعودية أكثر صرامةً ْأو تصعيدًا من قبل نشطاء شيعة في مناطق أخرى، من بينها جزيرة البحرين المجاورة التي تستضيف مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. وحتى الآن، قال مُعّد الدراسة سايمون هندرسون، لم يتورط أيّ من العسكريين أو الدبلوماسيين الأمريكيين في مشاكل قط، ولكنّهم سيكونون معرّضين إذا ما استُهدفوا.
ولفت في القول عينه إلى أنّ القنصلية في الظهران، تعمل على بعد أميال قليلة من العوامية، كسفارة مصغرة. وفي الوقت نفسه، يُفترض أنّ الأسلحة التي يستخدمها الشيعة السعوديين قد جاءت من إيران أوْ من جنوب العراق، وهي منطقة شيعية أخرى. وعلى الرغم من أنّ دعم طهران للشيعة في الدول العربيّة المحافظة في الخليج هو شفهي أساسًا، إلّا أنّه تمّ اعتراض إمدادات أسلحة ومتفجرات عندما كانت في طريقها إلى الجماعات المسلحة، على حدّ قول هندرسون.
وساقت الدراسة قائلةً إنّه نظرًا لأزمة قطر الحالية، تأتي الحوادث الأخيرة في وقتٍ محرجٍ للسعودية، علمًا أنّه لم يتم الإبلاغ عن أيّ صلةٍ لقطر في المشاكل التي تواجهها العوامية. كما أنّ استمرار وقوع ضحايا بين قوات الأمن السعودية قد تضر بوحدة الروح المعنوية، والتي ربمّا تكون قد تأثرت سلبيًا من خلال إعفاء ولي العهد محمد بن نايف من منصبه الشهر الماضي، والذي شغل أيضًا منصب وزير الداخلية. ويقال إنّ محمد بن نايف، محتجز في قصره في جدة، بسبب المخاوف من أنّه قد يقود المعارضة ضدّ بديله محمد بن سلمان.
ورأى هندرسون أيضًا أنّه قد يكون أمرًا ذو أهمية عدم مشاركة كل من الملك سلمان ونجله الأمير محمد في القمة الاقتصادية العالمية لمجموعة العشرين التي عُقدت في هامبورغ بألمانيا. وبدلاً من ذلك يُمثل المملكة وزير مالية سابق، ولا يمثلها حتى الوزير الحالي. وشدّدّ على أنّه كان من الممكن أنْ تكون قمة مجموعة العشرين مناسبة ممتازة لمحمد بن سلمان لعرض التقدم الذي أحرزته حتى الآن خطته الاقتصادية “الرؤية 2030″ والتي تهدف إلى تحويل اقتصاد المملكة، وإظهار دوره القيادي في المشروع، واختتم هندرسون قائلاً: غياب الأمير بن سلمان كان جليًا في هذه القمّة، بحسب تعبيره.
وكانت دراسة إستراتيجيّة، أعدّها الباحث يوئيل غوجانسكي، من مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، حذّرت من أنّ الاحتجاجات التي يقوم بها المواطنون الشيعيون في جنوب السعوديّة ضدّ العائلة المالكة، من الممكن جدًا أنّ تتسع أكثر فأكثر، خصوصًا بسبب ما يُطلق عليه الربيع العربيّ، الذي يجتاح العديد من الدول العربيّة، وأيضًا بسبب الدعم الذي تمنحه إيران للأقليّة الشيعيّة في المملكة، والتي تبلغ نسبتها 10% من السكان، أيْ حوالي المليون شخص.
وأشارت الدراسة إلى أنّ النظام الحاكم في الرياض وجّه أكثر من مرة أصابع الاتهام للإيرانيين بتحريض الأقليّة الشيعيّة في المملكة، التي كانت وما زالت ترى في نفسها أقليّة من الدرجة الثانية، مُوضحةً أنّه من وجهة نظر العائلة الحاكمة في العربيّة السعودية، فإنّ التهديد النوويّ الإيرانيّ ليس نابعًا فقط من تغيير موازين القوى في الخليج لصالح إيران فقط، بل أيضًا من التداعيات الخطيرة على أمن واستقرار المملكة، ذلك أنّه إذا باتت إيران قويّة، فإنّ الشيعة في المملكة لن يترددوا في تحدّي النظام الحاكم في المملكة، فهم كانوا وما زالوا مشكلة أمنيّة بالنسبة للسعودية ليس فقط بسبب قربهم الأيديولوجيّ والجغرافي من إيران، أنّما، وهذا هو بيت القصيد، أنّهم يسكنون بالقرب من آبار النفط الأكبر في العالم.