ترامب لن يحقق السلام في الشرق الأوسط
ذا ويك – التقرير
كان السلام في الشرق الأوسط بمثابة الكأس المقدس للرؤساء الأمريكيين على مدى عقود تمتد على الأقل إلى جيمي كارتر. فشل كل رئيس أميركي ممن حاولوا إحلال السلام في هذا الجزء العنيف والمزدحم من العالم.
لكن لا تقلقوا. يعمل الرئيس ترامب على هذه القضية، وهو على يقين من أن السلام في الشرق الأوسط – حسب قوله – “شيء ربما ليس صعبًا كما فكر الناس على مر السنين”. يمكنك التوصل إلى مزيد من الشعور بفهمه السليماني لهذا الصراع المستعصي، من خلال بيان صحفي رسمي للبيت الأبيض حول زيارته لإسرائيل يوم الإثنين، الذي ذكر أن ترامب “سيعزز إمكانية تحقيق السلام الدائم”. (كُتبت السلام بشكل خاطئ، كما هي عادتهم).
الله وحده يعلم ما الذي ستفعله طرائف الرئيس “سكوبي دو” – شخصية كرتونية -، والذي لا يزال سائرًا في طريقه متمهلًا ومتنزهًا في جميع أنحاء العالم في جولته الخارجية، التي ستستغرق ثمانية أيام. لكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن الرئيس ترامب لن يحقق تقدمًا نحو السلام في الشرق الأوسط.
دعونا نقوم باستعراض للمنطقة.
اليمن: أدت الحرب السعودية المدعومة من الولايات المتحدة إلى تقسيم اليمن إلى أراضٍ بور محترقة. أسفرت الغارات الجوية عن مقتل الآلاف، وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، وازدادت الأزمة الإنسانية سوءًا مع استمرار الحرب منذ أكثر من عامين.
يعيش الكثيرين في البلاد الآن على حافة المجاعة، حيث تفشى داء الكوليرا وأصاب ما يقرب من 30 ألف يمني، وقتل المئات. لا تزال القاعدة تُجري عملياتها في شرق اليمن.
ردّ رئيس أمريكا بزيارة المملكة العربية السعودية في نهاية هذا الأسبوع، والإعلان عن أكبر صفقة أسلحة في التاريخ الأمريكي. هذا يجب أن يساعد.
سوريا: بعد ست سنوات من دمار الحرب المدنية، والحرب بالوكالة، اللتان تركتا معظم البلاد في حالة خراب، وخلّفت مئات الآلاف من القتلى، وهروب الملايين هربوا من البلاد التي تعاني من الإرهاب، حيث تغرق سوريا في مأزق من النوع الذي يُعجز بشار الأسد والمعارضة “المعتدلة” عن السيطرة أو الحكم.
رد رئيس أمريكا بإطلاق 59 صاروخًا على سوريا.
ليبيا: بعد سنوات من التدخل الأمريكي الذي وافق عليه أوباما، لا تزال ليبيا تعاني من الحرب الأهلية بين مجموعة مُعقدة وسريعة التحول من الميليشيات والحكومات والجماعات الإسلامية. الأسبوع الماضي، لقي أكثر من 140 شخص مصرعهم في غارة بالقنابل؛ مما أدى سريعًا إلى وقوع هجمات انتقامية.
العراق: مضى ما يقرب من 15 عامًا على الغزو الأحمق لجورج دبليو بوش. اليوم، تواصل القوات العراقية عملية دفع قوات تنظيم الدولة (داعش) من الموصل ببطء شديد. أدى القتال هناك إلى تشريد مئات الآلاف من المدنيين.
في الوقت الذي يبدو فيه أن الحكومة العراقية ستكون قادرة على هزيمة داعش في مرحلة ما، فالجماعة ما زالت تنفذ سلسلة من الهجمات الانتحارية كالتي وقعت الأسبوع الماضي وأسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصًا.
إسرائيل: لا توجد أية دلائل على أن إسرائيل لديها أي نية للتخلي عن الاحتلال في ظل الصراع المتأصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. على العكس من ذلك، تواصل حكومة اليمين المتطرف سرقة المزيد من الأراضي في الضفة الغربية؛ لتوسيع المستوطنات وزيادة ترسيخ نظام الفصل العنصري. ليس هناك شيء يقوله ترامب أو يفعله أثناء زيارته يعطي أي أمل في تغيير ذلك.
إيران: الأخبار الجيدة المشروعة الوحيدة التي تخرج من هذه المنطقة منذ أشهر هي الانتخابات التي جرت في إيران، حيث هزم حسن روحاني المعتدل المُرشح المحافظ المُتشدد إبراهيم رئيسي بشكل حاسم.
أبلى المعتدلون بلاءً حسنًا في الانتخابات المحلية أيضًا. يُقال إن إيران شبه ديموقراطية في أحسن الأحوال، لكن رغم أن رئيسي حصل على دعم الفصائل المتشددة، وعلى رأسها المرشد الأعلى علي خامنئي، لم تنقلب الانتخابات كما حدث في عام 2009.
كما أشار تريتا فارسي، الباحث الإيراني، إلى أن تصويت الشعب الإيراني، وخاصة الشباب منهم، لصالح روحاني، يريدون “الدبلوماسية والانفتاح والاعتدال” بدلًا من مواجهة الغرب.
شددت منطقة الشرق الأوسط منذ زمن طويل على سياسة الولايات المتحدة الخارجية. اليوم، أدت عمليات التكسير والطاقة المتجددة إلى تقليص الحاجة إلى النفط الأجنبي (ومطالب تغير المناخ سنوقف استخدامها تماما في أقرب وقت ممكن). هذا إلى جانب صعود الهند والصين، والصعوبات الاقتصادية العميقة التي واجهها حلفاء أمريكا أنفسهم في أوروبا الغربية؛ مما جعل التركيز الغاشم لسياسة واشنطن الخارجية على الشرق الأوسط سخيف بكل معنى الكلمة.
لا يزال الشرق الأوسط يستحق الاهتمام بالطبع. لكن طالما أن السلام في المنطقة يمكن أن يتأثر بالسياسة الأمريكية، فيجب على الولايات المتحدة إعادة توازن التزاماتها الدبلوماسية بنفس القدر؛ لتكون أكثر انسجامًا مع القيم المُعبرة عنها، والانخفاض الجذري في استخدام القوة.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فالتقارب مع إيران والبعد عن إسرائيل وغيرها من الدول التي لا تزال دول فصل عنصري وديكتاتورية وحشية متخلفة ومتطرفة، كلاهما خياران طال انتظارهما.
لن يقوم ترامب بقلب السياسة الدبلوماسية أو العسكرية في الشرق الأوسط، كما لن يحقق صفقة تاريخية عالمية وينجح فيما فشل فيه أسلافه المتفوقون فكريًا.
النتيجة ستكون بالتأكيد مماثلة في إسرائيل. الآن، مما يُحسب لترامب، هو إعرابه عن بعض الانتقادات الصامتة في خطاب موجه لإسرائيل، حول الفشل في تحقيق اتفاق دائم مع الفلسطينيين. لكن هذا ليس كافيًا عن بعد؛ للتأثير بشكل فعلي على صُناع السياسة الإسرائيلية، الذين رأوا بشكل دقيق أن انتخابه بمثابة شيك كبير على بياض، حيث تم تعزيز وتيرة بناء المستوطنات الجديدة وفقًا لذلك.
الأهم من ذلك أنه حتى لو كان ترامب ملتزمًا بتغيير حقيقي في السياسة الخارجية – وهو ليس كذلك – فلا يوجد أية إشارة لذلك على الإطلاق، حتى أنه قادر على تذكر أسماء البلدان ذات التدخلات الرئيسية المستمرة، وهو ما يقل كثيرًا عن منحنى البيروقراطية العسكرية الواسعة لإرادته.
طالما كان ترامب الرئيس، فالولايات المتحدة ستقوم بصب مليارات الدولارات وحياة الجنود الأمريكيين في استنزاف لا فائدة منه لأي طرف.