تحليل إخباريّ: إيران مشكلة العرب المركزيّة وفلسطين على الرّف وترامب بمُساعدة “دول الاعتدال” وفي مُقدّمتها السعوديّة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2589
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

طبّق مقولة شارون “نحن نحكم أمريكا والأمريكيون يعرفون ذلك”
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
توطئّة: في الثالث من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2001، عندما كان أرئيل شارون، رئيسًا للوزراء في إسرائيل، عقد المجلس الوزاريّ-الأمنيّ المُصغّر اجتماعًا لتدارس الدعوة الأمريكيّة لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. شيمعون بيريس، حذّر في الجلسة عينها من أنّ عدم موافقة إسرائيل على الطلب من شأنه أنْ يعود سلبًا على العلاقات الأمريكيّة – الإسرائيليّة.
شارون، بحسب التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة، والتي لم ينفها رئيس الوزراء آنذاك، ردّ على مطلب بيريس بالقول: لا تقلق بشأن الضغط الأمريكيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك. وتابع شارون في الجلسة عينها: أنا أُدرك جيّدًا كيف أنّه من المستحيل تقريبًا تنفيذ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، إذا لم تتّم الموافقة عليها من قبل اليهود الأمريكيين.
ولفت شارون أيضًا إلى أنّ اليهود بأمريكا يتحكّمون بشكلٍ رائعٍ بوسائل الإعلام الأمريكيّة، وحتى أنّهم يتحكّمون بأعضاء الكونغرس، إذْ أنّهم لا يسمحون للكونغرس باتخاذ أيّ قرار ضدّ إسرائيل. النفوذ اليهوديّ، زاد شارون، يُهيمن تمامًا على الساحة الأمريكيّة، واختتم قائلاً إنّ سفارة تل أبيب في واشنطن هي التي تُملي عمليًا أجندتها على الكونغرس، من خلال اليهود الثّريين جدًا في أمريكا، قال شارون لبيريس.
هل دشّن ترامب الخطّ الجويّ المُباشر بين الرياض وتل أبيب: احتفت إسرائيل بشكلٍ لافتٍ للغاية بزيارة الرئيس الأمريكيّ “أكبر حلفاء الدولة العبريّة”، دونالد ترامب إلى تل أبيب والقدس، وحاولت من خلال زيارته لحائط البراق (الهيكل المزعوم) إضفاء نوعٍ من البعد الدينيّ على الزيارة، باعتبار ترامب الذي رفض أنْ يُرافقه رئيس الوزراء الإسرائيليّ إلى المكان المُقدّس، أقّر من دون أنْ يتكلّم بأنّ للإسرائيليين مكانًا دينيًا في قلب القدس العربيّة المُحتلّة، وهو تعبير عن موقفٍ سياسيٍّ، ربمّا جاء تغطيةً لعدم الإيفاء بوعده خلال المعركة الانتخابيّة بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، وهو الأمر الذي عملت الدبلوماسيّة الإسرائيليّة، وما زالت، على إخراجه إلى حيّز التنفيذ، وخصوصًا في الذكرى الخمسين لـ”تحرير” القدس، بحسب المُعجم الصهيونيّ الكاذب.
وكان وصوله من السعوديّة مباشرةً من المملكة العربيّة السعوديّة يحمل في طيّاته أيضًا نوعًا من الإيحاء والإشارة إلى أنّ خطّ الرياض-تل أبيب بات مفتوحًا، الأمر الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعيّ في الوطن العربيّ، حيث تساءل أحدهم: هل وصول ترامب من الرياض مباشرةً إلى تل أبيب بالطائرة الرئاسيّة هو الإعلان الرسميّ عن فتح الخّط الجويّ المُباشر بين السعوديّة وإسرائيل؟، ويأتي هذا السؤال على خلفية التحوّل الإستراتيجيّ في منطقة الشرق الأوسط: إيران باتت مشكلة، لا بل معضلة الشرق الأوسط، أمّا القضيّة الفلسطينيّة، التي يتشدّق الزعماء العرب من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر بأنّها قضية العرب المركزيّة فقد تمّ وضعها على الرّف بانتظار القضاء على العدو المُشترك لإسرائيل وللدول العربيّة السُنيّة، وفي مقدّمتها العربيّة السعوديّة.
تل أبيب سعيدة: حلّ الدولتين لم يُذكر في قمّة الرياض: هذا التحوّل المفصليّ والمركزيّ يؤكّد المؤكّد ويُوضّح المُوضّح بأنّ إسرائيل راضيةً جدًا عن الزيارة الأمريكيّة الرئاسيّة إلى السعوديّة، فقد نقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن مصدرٍ رفيعٍ في الخارجيّة الإسرائيليّة قوله إنّه خلال القمّة العربيّة-الإسلاميّة في الرياض، لم تُذكر قضية حلّ الدولتين لشعبين، وهذا بحدّ ذاته انجاز كبير للدبلوماسيّة الإسرائيليّة. كما أنّ الزيارة مهدّت الطريق أمام إنشاء حلف الناتو الشرق أوسطيّ بين العرب الـ”مُعتدلين” وبين إسرائيل وأمريكا لمُكافحة الإرهاب الإسلاميّ المُتشدّد، وهو الأمر الذي بات أهمًا بكثير من حلّ أعدل وأنبل قضية في العالم: قضية الشعب العربيّ الفلسطينيّ، الذي ارتُكبت بحقّه أكبر جريمة على مرّ التاريخ القديم والحاضر، وربمّا المُستقبل.
في سياقٍ ذي صلةٍ، عبّر عضو المجلس الوزاري المصغر يوآف غالانط، عن الرؤية الإسرائيلية لقمم الرياض، وما تخللها وترتب عنها، قائلاً إنّ هناك فرصة بمساعدة الولايات المتحدة لوقف العاصفة الشيعيّة، التي هي المشكلة الأكبر لإسرائيل. وأضاف الوزير الإسرائيليّ، وهو جنرال مُتقاعد ومطلوب للعدالة في عددٍ من الدول الأوروبيّة بتهمة ارتكب جرائم حرب ضدّ الفلسطينيين عندما كان قائدًا للمنطقة الجنوبيّة في جيش الاحتلال، تابع قائلاً إنّ هدف الدولة العبريّة هو وقف العاصفة الشيعية. بالإضافة إلى ذلك، حذّر من أنّ إيران تسعى إلى خلق تواصلٍ جغرافيٍّ يمتد على مسافة 1500 كلم، من الخليج الفارسيّ إلى البحر المتوسط، وشدّدّ الوزير غالانط على أنّ ما حدث في الرياض يشكل برأيه، فرصةً لوقفها، ورئيس الوزراء نتنياهو يفهم ذلك، وأيضًا الرئيس الأمريكيّ ترامب، وأعتقد أنّ هذا الموضوع مركزيّ، على حدّ تعبيره.
حلف إقليميّ مع المُحافظة على التفوّق النوعيّ لإسرائيل: في السياق عينه، شدّدّ وزير الاستخبارات يسرائيل كاتس، وهو من صقور حزب (الليكود) الحاكم على أنّ زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط ستُعزز المعسكر المعادي لإيران في المنطقة. وعلى هذه الخلفية، جاءت دعوته إلى إنشاء تحالفٍ إقليميٍّ، تحت قيادةٍ أمريكيّةٍ بهدف صدّ إيران ودفعها إلى التراجع، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه يتحتّم الحفاظ على التفوق العسكريّ النوعيّ لإسرائيل. مُضافًا إلى ذلك، شدّدّ الوزير كاتس على أنّ المقاربة الإقليمية يجب أنْ تشمل التعاون الأمنيّ والمبادرات الاقتصاديّة، كذلك فإنّ هذه الشراكات يُمكن أنْ تتقدم إلى جانب المفاوضات غير المشروطة مع الفلسطينيين، بحسب تعبيره.
من ناحيته رأى وزير التعاون الإقليمي تساحي هنغبي، أنّ ما يحدث في سوريا يتحوّل إلى كونه أكثر تهديدًا بالنسبة إلى إسرائيل، وذلك لجهة اتصاله بحلف إيران – حزب الله. وأوضح بالقول إنّ هناك مسعى للربط بين إيران والبحر المتوسط، وهو أمر جوهريّ بالنسبة إلى إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، تساءل هنغبي: إلى أيّ مدى يفهم الرئيس ترامب هذا الأمر، لكن رجاله يفهمونه ونحن في حوار معهم في هذه القضية، مُشيرًا إلى أنّ رئيس الاستخبارات العسكرية “أمان”، الجنرال هرتسي هليفي، التقى قبل عدة أيام في الولايات المتحدة نظيره الأمريكيّ، وأوضح خطورة هذا التهديد. كما عبّر عن اعتقاده أنّ الأمر سيُطرح بصورةٍ واضحةٍ جدًا في المباحثات، لافتًا إلى أنّ زيارة ترامب تُشكّل فرصة ربما يمكن استغلالها لرؤية هل الفلسطينيون مستعدون لاستغلال الرئيس ترامب من أجل العودة إلى المفاوضات، على حدّ تعبيره.
التغلغل في دول الخليج ربح صافٍ للاقتصاد الإسرائيليّ: ولكن على الرغم من الاحتفاليّة الإسرائيليّة بترامب والنشوة العارمة من هذه الزيارة، رأت المُحللة السياسيّة المُخضرمة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، سيما كدمون، أنّ الرئيس الأمريكيّ “هرب” من بلاده إلى الشرق الأوسط بسبب الفضائح التي تُلاحقه على جميع الأصعدة، وشدّدّت على أنّ زيارة ترامب وسعادة نتنياهو، لا تتعلّقان بهذين الشخصين، إنمّا، أضافت، تتعلّق بقرار المُستشار القضائي في واشنطن ونظيره الإسرائيليّ، اللذين سيُقرران في الملّفات المفتوحة ضدّ الشخصين، والتي قد توقدهما إلى الابتعاد عن الحلبة السياسيّة قسرًا، بحسب تعبيرها.
وأخيرًا، واشنطن تستعمل طهران النوويّة كفزّاعة لتهديد دول الخليج لكي تُواصل ابتزازها، وإذا قررت أمريكا ترك المنطقة، فإنّها ستقوم بتوريث الحبيبة-الربيبة إسرائيل، أيْ أنْ تحّل مكانها، عن طريق التغلغل في دول الخليج، كمصدر ربح صافٍ للاقتصاد الإسرائيليّ، وعندها تتحوّل هذه الدول إلى قاعدةٍ صهيونيّةٍ بشكلٍ علنيٍّ، إذ أنّ هذه الدول التي تتبع أمريكا، ستُحوٍّل تبعيتها من واشنطن إلى تل أبيب، وبذلك تضمن أمريكا مصالحها في المنطقة، وتضمن بقاء إسرائيل متفوقةً على الدول العربيّة مجتمعةً من جميع النواحي، وبموازاة ذلك، تُواصل التهديد والوعيد لإيران وبرنامجها النوويّ.