في كل خطوة لغم.. رحلة ترامب للشرق الأوسط

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2312
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

فورين بوليسي – التقرير
يتوجه الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط وأوروبا في أول رحلة دولية له، لا يمكن أن تكون العلاقات أقوى من ذلك. البيت الأبيض يقبع تحت الحصار مع وحي يتفجر تلو الآخر. ستكون مهمة ترامب الرئيسية طمأنة حلفاء أمريكا وأصدقائها، أنه رغم الزوبعة في الداخل، إلا أن واشنطن لا تزال قادرة على تنفيذ سياسة خارجية متماسكة ومعقولة.
الرحلات الرئاسية ضخمة ومعقدة في أغلب الأوقات، ولن يكون سهلًا تنفيذ هذه الرحلة دون خطأ كبير.

هنا الفخاخ الرئيسية التي سيضطر الرئيس إلى تجنبها:
لا تغفل التدريج: تسعة أيام وخمس دول تجعل هذه الرحلة الأولى تحديًا لوجستيًا هائلًا، حتى لو لم يقم ترامب بزيارة (منطقية ولكن لم يُعلن عنها) للعراق. بدأ الرؤساء السابقون عادة بإجراء زيارات إلى كندا أو المكسيك كاختبار. عندما يبدأ الرئيس بالمملكة العربية السعودية وإسرائيل والفاتيكان، فهو يرفع الرمزية الدينية والسياسية التي يمكن أن تعمل لصالحه، أو تهب في وجهه.
تخيل، على سبيل المثال، تقريع ترامب لكومي، روسيا، ووسائل الإعلام أمام حائط البراق، أو ملاحظة خارج النص خلال خطابه للسياسة الخارجية عن الإسلام، مثلما يفعل غالبًا مع تغريداته في المنزل، يمكن أن يفجر هذا زلزالًا، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن في جميع أنحاء العالم.
فريق ترامب ليس لديه خبرة في تنفيذ هذه الأنواع من الرحلات كذلك. بعض الشقوق بدأت تظهر بالفعل. ففي إسرائيل على سبيل المثال، أفادت الصحافة أن فريق ترامب أصر أن يقضي 15 دقيقة فقط في ياد فاشيم، وهو النصب التذكاري الوطني للمحرقة والمتحف. هل يمكن للمرء أن يتصور طلبًا أكثر عدوانية وتبلد؟ هذا سيكون ما يقرب من واحد على عشرين من طول جولة واحدة من لعبة جولف، يبدو أن ترامب خصص الكثير من الوقت لذلك.
كما أنه ليس واضحًا أنهم فكروا خلال الزيارة الأولى، أن يجلس الرئيس الأمريكي إلى حائط البراق، الأمر الذي سيكون أيضًا معقدًا للغاية. كان على المسؤولين في إدارة ترامب أن يؤكدوا مجدًدا أن السياسة الأمريكية لا تزال قائمة من أجل التصرف في أزمة القدس، لتكون موضوع اتفاق تفاوضي بين الطرفين. لكن هذه اللغة تغضب الإسرائيليين، الذين ينظرون إلى حائط البراق كجزء من إسرائيل. هذا هو السبب في عدم زيارة الرؤساء الأمريكيين السابقين. لن يأتي شيء إيجابي من إدراج الرئيس الأمريكي في هذه المناقشة.
لا تعادي الوطن: تحدي آخر سيواجه الرئيس، وهو التأديب والانغماس في تفاصيل السياسة، حتى لا نترك المصالح الأمريكية في المقابل. رغم تركيز الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية أن “أميركا أولًا”، إلا أنه من الأرجح أن يتخلى عن النفوذ الأمريكي ويهدد المصالح الأمريكية أكثر من أي من أسلافه مؤخرًا لأنه لا يهتم للتفاصيل.
ترامب هو السلطة في هذه الرحلة، بالتالي يبدأ صنع سياسته الخارجية الحقيقية. حتى الآن، كانت اجتماعاته مع القادة الأجانب في واشنطن أوليّة في الغالب؛ للتعرف على الجلسات التي تضع جدول أعمال لمتابعة كبار الموظفين. الآن الرهانات أعلى. كل شريك سيسعى إلى شيء قد يقدم مصالح لأمريكا، وقد لا يفعل. يحتاج الرئيس إلى فهم دقيق للمسائل السياسية الرئيسية؛ حتى يتمكن من المضي قدمًا بأفكار جيدة، لكن أيضًا تجنب الإفراط في الوعد أو ضرب الولايات المتحدة.
فكر فقط في إيران، التي ستكون قضية مركزية في المملكة العربية السعودية وإسرائيل. يعتبر حلفائنا الخليجيين وإسرائيل إيران تهديدًا وجوديًا، وطالبوا منذ فترة طويلة بسياسة أمريكية أكثر عدوانية. تتفق هذه الإدارة مع هذه العقلية، وستعمل مع شركائنا على دفع دعم إيران لمختلف المجموعات الوسيطة في اليمن والعراق وسوريا.
من ناحية، قد تستمع إلى حلفائك، وتحترم آرائهم، وتتبع سياسة تعمل مع مصالحك الخاصة وكذلك مصالحهم. من ناحية أخرى تمامًا، قد تفرط في اتباع سياسة لا تخدم مصلحة أمريكا؛ لأنها تبدو جيدة في الوقت الذي يحتاجك فیه شریکك.
الخطر في سياسة ترامب الإيرانية هو أنه سيسمع من شركاء الخليج (خاصة السعودية) بعض الأفكار الساطعة للرد على إيران، والطرق التي لها معنى بالنسبة لهم، لكنها قد لا تكون مناسبة لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. فريق ترامب في هذه الرحلة سيحتاج إلى مساعدته على التمييز بين ما هو منطقي من وجهة نظر أمريكية، وما ليس كذلك، قبل أن يقول نعم لطلبات مختلفة من المضيفين الكرام.
قد تكون مساعدة شركائنا الخليجيين على مواجهة إيران في اليمن، من خلال تزويدهم بمزيد من المعلومات الاستخباراتية، والذخائر الدقيقة، وحظر السفن الإيرانية، منطقيًا. لكن ليس منطقيًا أن تتواجد أميركيا بشكل مباشر على الأرض في مواجهة قوات الحوثيين المدعومة من إيران.
كذلك استخدام التزامات قواتنا واستثماراتنا السياسية في العراق لتشجيع بغداد على الابتعاد عن طهران منطقي، لكن التصاعد في العراق بطريقة تؤدي إلى تحول الميليشيات الشيعية ضد قواتنا أو إحياء الصراع المدني الطائفي ليس كذلك.
إرسال إشارة أكثر حزمًا إلى إيران بشأن أنماط السلوك التي لن نتسامح فيها منطقي، لكن ضرب السفن الإيرانية في المياه والتهديد بتصعيد أوسع نطاقًا ليس كذلك. على ترامب أن يكون منضبطًا في وعوده.
لا تفقد رصيدك: العلاقات الدولية تشبه الفيزياء، كل فعل له رد فعل. ترامب يحتاج إلى الموازنة بين الديناميكيات المُعقدة للغاية التي لم يُبد نحوها إلا القليل من الفهم أو الاهتمام. عندما يبدأ ترامب في السعودية، على سبيل المثال، ففكرة وجود حلف شمال الأطلسي العربي وصفقة أسلحة بقيمة 110 مليار دولار ستبدو محطمة.
قد يتصور ترامب أن القوات العربية ستتحد في تحالف كبير ودرء الإرهابيين بأسلحة قوية من أمريكا، لكن سياسة أي قوة عربية مُعقدة في كل شيء، من القدرات المتباينة إلى الشكوك المتبادلة في جميع أنحاء مجلس التعاون الخليجي.
التحدي الأكبر هو كيف يمكن النظر إلى هذا التراكم في إسرائيل. تقيد الولايات المتحدة باستمرار مبيعاتها العسكرية إلى الخليج لضمان أن تحتفظ إسرائيل بما يسمى الحافة العسكرية النوعية في المنطقة. هذه ليست مجرد سياسة، هو القانون الذي أقره الكونجرس. قد يسير ترامب من الرياض منتصرًا، فقط ليجد غاضبين ومقاومين إسرائيليين يعارضون هذه المبادرات ويطالبون بدعم جديد. في الوطن، قد يرفض الكونجرس العديد من هذه المبيعات، مما يترك للرئيس فشلًا محرجًا آخر في السياسة.
لكن التحدي الأكبر أمام ترامب هو التوازن بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يجب عليه طمأنة الإسرائيليين وإظهار التزامه العميق بأمنهم، خاصة في أعقاب الكشف عن مشاركته مخابرات إسرائيلية حساسة مع روسيا. غير أنه يجب عليه أن يفعل ذلك دون إغراق الفلسطينيين، إذا ما رغب في المضي قدمًا في مبادرة دبلوماسية مع الجانبين.
حتى الرئيس الأكثر انضباطا سيعاني من أجل تحقيق هذا التوازن. يبدو أن ترامب فشل في هذه المهمة. فاليمين الإسرائيلي، الذي احتفل في نوفمبر بانتخاب ترامب، يتحول بالفعل ضده بعد أن تخلى عن خططه لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. في الواقع، شهدت الاستفتاءات الإسرائيلية الأخيرة انخفاضًا كبيرًا في شعبية ترامب.
في نهاية المطاف، فمقياس نجاح الرحلة سيكون منخفضًا نسبيًا، ويمكن أن يتحقق مع عدد قليل من الصور الجيدة، الحفاظ على النص، والابتعاد تويتر. على كل حال، فالبلدان التي يزورها لها مصلحة خاصة في تصوير الزيارة على أنها ناجحة. لكن تجنب الأخطاء العامة ليس بالضبط نقطة قوة الرئيس.