برافدا. رو: الرياض ستساهم في تحقيق حلم ترامب
أشار موقع “برافدا. رو” إلى أن الرياض تنوي توظيف 40 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، وسأل الموقع: – هل سيتم تعويض هذه الأموال؟ وماذا سيطلب ترامب مقابل قبولها؟
جاء في المقال:
تاريخ العلاقة بين ترامب والمملكة العربية السعودية قصير، لكنه طافح بالدرامية. يكفي تذكُّر كيف أن الملياردير، ولما يزل مرشحا رئاسيا، أعلن عن الاستعداد للتخلي عن شراء النفط السعودي، متهما الرياض بمثل ما اتهمها به تقريبا سلفه أوباما: الرغبة في حل مشكلاتها على حساب الآخرين. وفي حين أن أوباما وصفها بأنها “راكب بالمجان”، فإن ترامب قال حرفيا: “نحن لا نحصل على شيء مقابل الخدمات الضخمة، التي نقدمها للدفاع عن بعض الدول. والمملكة العربية السعودية ــ إحداها”.
“حسنا” – ولكن هذا الحديث يبدو مبالغا فيه بعض الشيء. فالسعوديون يشترون بانتظام الأسلحة الأمريكية بمليارات الدولارات، وأمنوا أداء عمل السوق النفطية العالمية وفقا لمصالح الشركات الأمريكية، ومنحوا واشنطن قواعد عسكرية، وضخوا بانتظام أيضا أموالا لا يستهان بها في صناديق الأحزاب الأمريكية، سواء في صناديق الجمهوريين (الذين هم على علاقة حميمة معهم) أم الديمقراطيين. وغير ذلك كثير، لكن من الصعب تذكُّر كل شيء.
غير أن السعوديين وجهوا حقا ضربة إلى صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة، لكن يبدو أن الأمريكيين كانوا في غاية السعادة لذلك، بسبب التكلفة الباهظة لإنتاجه.
هذا، وإن ترامب بقي مصرا على موقفه. وما إن وضع قدمه على عتبة باب البيت الأبيض، حتى بدأ الحديث عن “الديون الأمريكية، التي لم يسددها النظام السعودي” للمحسنين الأمريكيين. وقال ذات مرة أمام عدسات الكاميرات إن “الولايات المتحدة لم تحصل على برج بترول واحد، مقابل كل شيء فعلته”.
كما أن الرئيس الامريكي الجديد لم يفعل شيئا، بطريقة أو بأخرى، لعرقلة الدعوات التي تطالب السعودية بتقديم تعويضات مالية إلى أهالي المتضررين في أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بموجب القانون الذي جرى اعتماده في عهد الرئيس السابق أوباما. وعلى الرغم من حقيقة أنه لا يوجد دليل، يؤكد تورط المسؤولين السعوديين في تدبير هذه المأساة، فقد تم رفع هذه الدعاوى القضائية ضد السعودية. كما لم يَخَفِ الأمريكيون من تهديدات الرياض بالانتقام ردا على ذلك، وبيع الأصول السعودية في الولايات المتحدة بمئات المليارات.
وقبل أن تتبدد الغيوم المخيمة على العلاقات بين الدولتين، وفي أواخر أبريل/ نيسان الماضي، أكد ترامب في إحدى المقابلات: “لو عدنا إلى الحقيقة، فإن السعودية لم تكن صادقة معنا، لأننا ننفق أموالا ضخمة للدفاع عنها”.
وقد بدا أن الوضع سيئ، وأن العلاقات الودية بين الولايات المتحدة والسعودية تابعتها الأمينة، قد تضررت بجدية ولزمن طويل.
بيد أنه لا يوجد شيء أصدق من المثل الشعبي، الذي يقول إن “ضرب الحبيب زبيب”، إذ تبين لدى التدقيق أن الأمر ليس ميؤوسا منه.
يجب القول إن ترامب منذ توليه منصبه الرئاسي، وضع الخطوط العريضة لمعالم سياسته الشرق أوسطية، التي تنص في جوهرها على إقامة تحالف عربي–إسرائيلي موجه ضد إيران. وهو أمر يراه السعوديون – أكثر من مناسب، ولا سيما أنهم منذ زمن طويل يعدُّون إيران عدوة لهم. وماذا عن الصداقة مع اسرائيل؟ كل شيء ممكن في ظل وجود عدو مشترك!
أما خطوة ترامب الرمزية بزيارة الرياض، فتقيَّم في المعايير الشرقية كشرف عظيم. إذ إن سيد البيت الأبيض لم يختر أوروبا أو جاراته في القارة الأمريكية. كما أنه لم يختر الصين، بل وقع اختياره بالتحديد على المملكة العربية السعودية، وفضلها بالبدء حتى على إسرائيل التي سيتوجه إليها بعد السعودية.
وبطبيعة الحال، سيمنح كل ذلك السعودية وضع الحليف الأول للولايات المتحدة في المنطقة. وهو ما يعني تلقائيا ضمانات أمنية وعلاقات عالية الثقة ودعم للنظام الحاكم ومشاركة في الإصلاحات.
ومن الواضح أنه سيكون على السعوديين دفع ثمن هذا التكريم الأمريكي. وها هم يعربون عن رغبتهم في استثمار 40 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، ليس في أي مكان كان، بل تحديدا في مشروعات البنية التحتية، التي تبناها الرئيس الأمريكي وبدأ بها. ما يعني أن الرياض ستساهم في تحقيق حلم ترامب: جعل أميركا عظيمة مرة أخرى!
لكن، لكي يتفضل ترامب بقبول هذه الهدية السعودية، يجب عليها زيادة مشترياتها من أسلحة الأمريكيين، وإعطائهم بعضا من صناعتها النفطية، ونسيان آفاق تحسين العلاقة مع إيران، والتحول نهائيا وبالكامل إلى موقعٍ أماميٍ معادٍ لإيران، والبدء في التعاون العلني مع إسرائيل.
وكل ذلك أمر تافه، فقط ألاَّ تطلب واشنطن شرعنة المثلية الجنسية، والسماح للنساء بالحصول على جواز سفر وقيادة السيارات. (روسيا اليوم)