انتكاسات السعودية تدفعها للتقارب مع إيران
حتَّمت ملفات المنطقة الخلافية وتصاعد التحديات الاستراتيجية على كل من إيران والدول الخليجية المضي قدماً للبحث عن نقطة تلاقٍ، ومع ممارسة الإدارة الاميركية الجديدة لمزيد من الضغط على طهران من جهة والازمة الاقتصادية التي تعصف بدول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى، يبدو أن بوادر تقارب بطيء بدأت تلوح في الأفق.
وذكر معهد “ستراتفور” ﺍﻷميرﻜﻲ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ، في تقرير أن الدول الخليجية بحاجة لتخفيف التوتر مع طهران حتى يتاح لها فرصة التركيز على الإصلاح الاقتصادي والتنمية المحلية الداخلية، وهي أولوياتها العليا حالياً، مشيراً إلى أن العلاقات السّيئة بين الطرفين تزيد من تعقيد عملية الاصلاح الشاقة أساساً.
ولفت التقرير إلى أن مجلس التعاون الخليجي بدأ سعيه العلني لتحقيق المصالحة عبر حملة ديبلوماسية انطلقت في ديسمبر/كانون الأول 2016، عندما صاغ رسالةً إلى الحكومة الإيرانية تقترح بدء حوار. كما توصلت السّعودية والجمهورية الاسلامية لاتّفاق يتيح للايرانيين الذّهاب للحجّ في عام 2017، وذلك بعد دعوة تلقتها طهران من الرياض.
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن الدبلوماسي السعودي السابق عبدالله الشمري قوله إنّ اتّفاق الحجّ “يُظهر أنّ هناك أملا في أن تصبح العلاقة بين الدولتين أكثرَ واقعية”، مضيفاً أنه “آن الاوان للطرفين حتى يجلسا ليتّحدثا”.
وأوضح التقرير أن المملكة التي تعاني من سلسلة انتكاسات سياسية خارجية “تسعى إلى التقارب مع ايران لإنقاذ نفسها، خاصة وأنها تجهد للخروج من مأزق اليمن الكارثي الذي أوقعها فيه ولي ولي العهد محمد بن سلمان”.
ونقل التقرير عن دبلوماسي غربي يقيم في الخليج قوله إن معركة حلب في سوريا كانت “نقطة تحوّل أساسية في رؤية الرياض، حيث اعترفت بالخسارة بعدما تمكنت القوّات السورية المدعومة من إيران وروسيا من هزيمة المسلحين المدعومين من قبلها”.
ما كان مصدر خلاف بين الجمهورية الاسلامية ودول مجلس التعاون الخليجي، يبدو أنه سيكون المحرك الأساسي للجهود التصالحية، وعلى الرغم من ترحيب الحكومات الخليجية بلهجة التصعيد الاميركية اتجاه طهران، إلا أنها باتت على يقين أن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق في ظل استمرار العداء لإيران.