إيال زيسر: “إسرائيل” شنت حربي 56 و67 لتأمين الملاحة في مضيق تيران وحصلت مؤخرًا على تعهدٍ سعوديٍّ- مصريٍّ لضمان الملاحة
لا يُخفي صنّاع القرار في تل أبيب أنّه بالنسبة لإسرائيل فإنّ جزيرتي تيران وصنافير تُشكّلان وجود الدولة العبريّة الوحيد على الجزر من الناحية العسكريّة، وتضمن من خلالهما الاحتفاظ بالممرات الملاحيّة الواضحة للاستيراد والتصدير، كما أنّهما تتحكّمان في حركة المرور من وإلى ميناء “إسرائيل” الجنوبي في إيلات، ومضيق تيران الذي تشرف عليه الجزيرة هو الممر البحري الهام إلى الموانئ الرئيسية من العقبة في الأردن وإيلات في “إسرائيل”. ومن الجدير بالذكر أنّه قبيل عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967 ولمنع السفن الإسرائيليّة من الوصول إلى ميناء إيلات، قامت القوات المصريّة بالنزول في الجزيرتين وإغلاق مضيق تيران. وبعد النكسة وقعت الجزيرتان تحت سيطرة “إسرائيل” وذلك في إطار احتلالها لشبه جزيرة سيناء وهاتين الجزيرتين.
علاوة على ذلك، يُشار إلى أنّه بعد حرب أكتوبر عام 1973 وقع الجانبان المصريّ والإسرائيليّ معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وبحسب المعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قواتٍ دوليّةٍ متعددة الجنسيات، وتمّ وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر و “إسرائيل” للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام والمتعلقة بفتح خليج تيران. وبحسب البروتوكول العسكريّ لمعاهدة كامب ديفيد وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة “ج” المدنية، التي لا يحّق لمصر بتواجدٍ عسكريٍّ فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفي أنّها تمارس سيادتها على هاتين الجزيرتين.
المُستشرق إيال زيسر، من جامعة تل أبيب ومركز بيغن-السادات، كشف النقاب في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) اليمينيّة المُتطرّفة إنّ إسرائيل شنت حربي 1956 و 1967 تحديدًا لتأمين حرية الملاحة في مضيق تيران. وتابع قائلاً بعنجهيّةٍ صهيونيّةٍ ممجوجةٍ ومعهودةٍ إننّا تعلمنا أنّ الضمانات المكتوبة من العرب والمضمونة من أمريكا لم تنجح في مايو 1967. وتابع قائلاً إنّه في خطاب النصر بعد حرب 67 زعم بن رئيس الوزراء الإسرائيليّ آنذاك، دافيد بن غوريون العثور على أدلّةٍ أثريّةٍ يهوديّةٍ في جزيرة تيران تعود إلى وقت هيكل سليمان، وتعهدّ ألا تُستخدم جزيرة تيران بعد اليوم ضدّ “إسرائيل”. ولذلك حصلت “إسرائيل”، على حدّ قول المُستشرق زيسر قبل فترةٍ وجيزةٍ، على تعهدٍ سعوديٍّ-مصريٍّ ببقاء تواجدٍ دوليٍّ على الجزيرة لضمان نزع سلاحها ولضمان الملاحة الإسرائيليّة في مضيق تيران، على حدّ تعبيره.
أمّا صحيفة “هآرتس″ العبرية، فأكّدت أنّ قرار مصر، الذي ألغته المحكمة مؤخرًا، نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، يعتبر صفقةً جيّدةً “لإسرائيل”، حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها أنّ هذه الصفقة تتمثل في أنّه سيترتب على الاتفاق المصريّ-السعوديّ حول الجزيرتين، بعثرة أوراق منطقة الشرق الأوسط، بحيث يُعاد تقسيم دولها من جديد لصالح “إسرائيل” بالأساس. وتابعت الصحيفة، نقلاً عن مصادر سياسيّة رفيعة في تل أبيب قائلة إنّه بالنظر إلى أنّ اتفاق مصر والسعودية حول جزيرتي تيران وصنافير يُعد سابقة إيجابية في مسألة تبادل الأراضي، فإنّه يُمكن “لإسرائيل” محاكاة هذا الاتفاق في المستقبل. واستطردت الصحيفة قائلة إنّ نقل الجزيرتين من مصر إلى السعودية يفتح آفاقًا مستقبليّةً إيجابيّةً “لإسرائيل”، ما يتطلّب منها الابتعاد عن التفكير في الماضي، حيث خاضت خمس حروب مع مصر، بحسب قولها.
وكان موقع (WALLA) الإخباريّ العبريّ، قال أيضًا إنّ عدم معارضة “إسرائيل” للاتفاق المصريّ السعوديّ حول جزيرتي ” تيران وصنافير”، يعود بالأساس لرغبتها بالحفاظ على علاقاتها مع مصر. وأضاف أنّ تل أبيب حريصة على تعزيز علاقاتها مع القاهرة، خاصة مع دخول ما سماه المنظمات المعادية “لإسرائيل” إلى شبه جزيرة سيناء. وأوضح قائلاً إنّ “إسرائيل” سبق أنْ سمحت لمصر بإدخال قواتٍ عسكريّةٍ إضافيّةٍ إلى سيناء، كجزءٍ من الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلاميّة”، ومكافحة تهريب السلاح لقطاع غزة، رغم أنّ اتفاق السلام الموقع بين الجانبين في كامب ديفيد عام 1979، ينص على أنْ تكون سيناء منطقة منزوعة السلاح.
وبعد قرار المحكمة المصريّة العليا بإعادة السيادة على الجزيرتين لمصر، قام مَنْ قام، بتسريب التسجيل للمحادثة التي أجراها وزير الخارجيّة المصريّ، الذي زار إسرائيل، مع المحامي يتسحاق مولخو، المبعوث الشخصيّ لرئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، والتي تمّ من خلالها الحديث عن التنسيق بين القاهرة وتل أبيب حول نقل السيادة على الجزيرتين للمملكة العربيّة السعوديّة. وما من شكّ بأنّ تسريب المحادثة أربكت النظام الحاكم في مصر، وأظهرت التدّخل الإسرائيليّ السافر في قضية السيادة على الجزيرتين.
وذكرت صحيفة (يسرائيل هايوم) أنّه بعد عدّة أيّام من توقيع الاتفاق المصريّ-السعوديّ بنقل السيادة على الجزيرتين للرياض، أكّد وزير الأمن الإسرائيليّ آنذاك، موشي يعلون، على أنّ تل أبيب وافقت وصادقت على نقل الجزيرتين للسعوديّة.