السعودية تقول أن لديها صاروخ يستطيع تدمير نصف طهران! ما حقيقته ؟؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1987
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

أحمد الشرقاوي
ضربت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الفرح الهستيري لدى “السعوديين” على خلفية لقاء تلفزيوني أطل فيه الخبير “السعودي” عضو مجلس كلية الملك خالد العسكرية المدعو ‘نايف الوقاع’، حيث قال: “إن إيران لن تغامر بإرسال صاروخ (شهاب 3) في اتجاه مدن المملكة، حيث لن يسبب ذلك سوى في تدمير 3 أو 4 منازل، لأنها تعرف أن لدى المملكة صاروخ (دي إف 3) يستطيع تدمير نصف طهران”، حسب زعمه.
ويأتي هذا التصريح في خضم الجدل الدائر حول احتمال نشوب حرب في المنطقة بين الويلات المتحدة وإيران بعد أن أعاد ترامب البوصلة في اتجاهها معتبرا إياها “الراعي الأول للإرهاب في العالم وعدم الاستقرار في المنطقة”، ووجه “السعودية” و “إسرائيل” وتركيا وقطر لتأسيس حلف عسكري تنضم إليه دول أخرى لاحقا كالأردن ومصر لمواجهة إيران.
طبعا هذا الإعلان خلف ارتياحا كبيرا لدى الرأي العام “السعودي” المسحور، لكنه في ذات الوقت فجر موجة من السخرية لدى محور المقاومة، حيث اعتبرته بعض المواقع الإيرانية “نكتة القرن”.
لست خبيرا عسكريا، لكن هم المعرفة وحب الإطلاع دفعني للبحث عن قدرات هذا الصاروخ التدميرية ومواصفاته التقنية للتأكد من مدى صحة زعم “الخبير السعودي”، فكانت النتيجة مفاجئة بشكل مثير للشفقة أكثر منه للسخرية، فلم يسعني إلا الترحم على ‘ألبرت أينشتاين’ لما قدمه من ثورة علمية ومعرفة للبشرية، والذي قال بتواضع العالم العبقري: “اثنان لا أعرف لهما حدودا.. الكون وغباء الإنسان”.
لأنه وبعد تصفح المواقع العسكرية المتخصصة، وصلت إلى النتائج التالية:
* أن الصاروخ الذي تحدث عنه “الخبير السعودي”، هو صاروخ باليستي متوسط المدى من نوع (دي إف 3)، صناعة صينية ودخل الخدمة عام 1971، واشترته “السعودية عام 1987، ولا تملكه غير الصين و”السعودية” فقط لا غير، لكن الصين أخرجت هذه الصواريخ من الخدمة وتم وضع نماذج منها في المتحف العسكري للتاريخ بعد أن استبدلتها بصواريخ متطورة من نوع (DF41 و DF31A) عقب ظهور صواريخ باليستية جديدة لدى روسيا وأمريكا بمواصفات تقنية وقدرات تدميرية كبيرة بالإضافة لمنظومات الاعتراض المتطورة التي حولت صاروخ (دي إف 3) إلى مجرد خردة بلا قيمة.
وللإشارة، فحتى أمريكا القوة الكبرى في العالم تعتبر اليوم متخلفة في مجال الصواريخ البرية الإستراتيجية، فهي لا تملك إلا صنفا واحدا منها يسمى (المينوتمان) والذي تعتبر قدراته محدودة ومتجاوزة مقارنة مع الصواريخ الباليستية الروسية التي تملك موسكو 7 أصناف متطورة منها.
وبالتالي، فالصاروخ الذي يتحدث عنه “الخبير السعودي” لا هو باستراتيجي ولا هو بعابر للقارات، لكنه بمستوى التخلف العقلي لدى “خبراء آل سعود” يعتبر استراتيجيا بامتياز، لأن ما يبحث عنه النظام “السعودي” في صفقات التسليح الكبرى كما هو معلوم، ليس الفعالية بل نسبة العمولة حتى لو كان السلاح خردة، المهم هو إيهام الرأي العام الداخلي أن المملكة مهددة في أمنها واستقرارها ومحسودة على نعمها وتنفق مئات مليارات الدولارات من أجل أمن شعبها، ولمثل هذه الدعاية مفعول الحشيشة في عقل البدوي المتخلف الذي لا يزال يعيش على ذكرى بطولات شعراء الجاهلية.
المعلومات التقنية الدقيقة تقول، أن صواريخ (دي إف 3) تتراوح سرعته بين 5 و 10 ماخ حسب النسخة، وأنه يستحيل أن يصل إلى هدفه في ظل وجود نظام (إس 300) الروسي المرعب الذي تمتلكه إيران في نسخته المتطورة، بالإضافة إلى منظومات أرض جو صينية وأخرى طورتها محليا، ومنظومة (إس 300) ةحدها قادرة وبسهولة على إسقاط هذه الصواريخ العتيقة بمجرد انطلاقها، بل وتفجيرها وإسقاطها في آخر مراحلها، لأن نظام (إس 300) صمم أساسا ضد الصواريخ الباليستية المتطورة من النسخة V4، وبالتالي، يجعلها قادرة على التعامل مع الطائرات بكل أنواعها (إف 15 و إف 16، الميغ 29 وغيرها…) بل وإسقاط حتى جوهرة الصناعة الأمريكية الحديثة التي سلمت نسخ منها واشنطن لتل أبيب، أي (إف 35) التي تتباهى بها “إسرائيل” وهي لا تزال تعاني مشاكل وصعوبات تقنية كثيرة، ناهيك عن كلفتها الخيالية.
“الخبير السعودي” المذكور قال، إن لبلاده أيضا عددا كبيرا من صواريخ كروز التي لا يملكها أحد غير المملكة في المنطقة، لكنه يجهل أو يتجاهل أن منظومة (إس 300) المرعبة تستطيع وبسهولة إسقاط هذه الصواريخ، وأنها قادرة على تتبع 100 هدف والاشتباك مع 12 هدفا في نفس الوقت، ويحتاج النظام إلى 5 دقائق فقط ليكون جاهزاً للإطلاق، وصواريخه لا تحتاج لأي صيانة على مدى الحياة.
أما صاروخ (شهاب 3) أو “النجم المنير” الذي قال عنه “الخبير” في بول البعير أنه لن يستطيع تدمير سوى 3 أو أربع منازل فقط، فالأمر يتعلق بأحد أخطر الصواريخ التي لدى إيران، فلديه قدرة تدميرية برأس يحمل ألف كلجم ومداه 2000 كلم، ويعمل بمحرك العصر الجديد ويشحن خزانه بالوقود الصلب لضمان سرعة الإطلاق وعدم القدرة على التعقب المسبق كما هو الحال في الوقود السائل، ولإيران أكثر من 20 منصة إطلاق متحركة من هذا النوع من الصواريخ، وحصلت إيران من روسيا والصين على تقنية جديدة ساعدتها على تطوير صاروخ (شهاب 4) الأكثر خطورة وتدميرا.
وما يميز هذا النوع من الصواريخ، أنها تستعمل تكنولوجيا الدوران للرأس الحربى ويتكون من مرحلة واحدة (booster stage)، بحيث ينطلق الصاروخ في 10 ثواني وتنتهي مرحلة طيرانه في 110 ثانية حيث ينفصل الرأس الحربى ويتجه إلى هدفه بالاستعانة بتقنية (Gps) التي تزيد من دقة الإصابة بشكل كبير، ويقول خبراء عسكريون، أن تكنولوجيا دوران الرأس الحربى تزيد من دقة إصابة الهدف بشكل كبير جدا وتجعل من عملية اعتراضه مسألة صعبة إن لم تكن شبه مستحيلة.
وحتى “إسرائيل” التي تخلت عن منظومة باتريوت الأمريكية لدعم فاعليتها واستبدلتها بمنظومات (آرو 2 و 3 وحيتس وغيرها…) لا تستطيع اعتراض الصواريخ الباليستية الإيرانية، وقد رأينا فشلها في اعتراض صواريخ المقاومة اللبنانية والفلسطينية في الحروب الماضية، والغرب نفسه يصف منظومات الاعتراض “الإسرائيلية” بالفاشلة بكل موضوعية، فما بالك بـ”السعودية” التي لا تملك منظومات اعتراض متطورة، بل حتى الويلات المتحدة تجنبت دائما المواجهة العسكرية مع إيران خوفا من خطر صواريخها على قواعدها العسكرية في الخليج الفارسي.
نكتفي بهذا القدر لنذكر هؤلاء الذي يسوقون للوهم، أن لا أحد يعرف بالضبط ما تملكه إيران من قدرات عسكرية متطورة، لكن ما يعرفه الخبراء في الغرب يؤكد أن إيران قادرة وفي دقائق معدودات على إعادة مملكة الشر والإرهاب إلى الجاهلية الأولى كما سبق وأن أكد وزير الدفاع الأسبق ‘باول’، كما أنها قادرة على محو “إسرائيل” من الوجود بمجرد امتصاص الضربة الأولى وفق ما تؤكد تقارير عسكرية حديثة.
ومن له شك في ذلك فليجرب حظه إن كان واثقا من نفسه.

بانوراما الشرق الاوسط