جولة أردوغان الخليجية.. دبلوماسية تحضيرية لمرحلة جديدة تشهدها المنطقة

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 1911
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم أمس بجولة خليجية، تنتهي يوم الثلاثاء القادم، ستشمل الجولة كل من البحرين والسعودية وقطر، فيما ذكر بيانٌ صادرٌ عن المكتب الإعلامي للرئاسة التركية، يوم السبت، أن أردوغان، استهل جولته من البحرين، والتقى خلال الزيارة الملك حمد بن عيسى آل خليفة؛ وكبار المسؤولين البحرينيين.

وسينتقل الرئيس التركي غدًا مكملًا زيارته إلى السعودية، حيث سيلتقي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسيختتم جولته في قطر، بلقاء أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويأتي ذلك، في الوقت الذي رفعت فيه الإمارات عن مواطنيها التحذير من السفر إلى تركيا، وسط تقارب اقتصادي بين البلدين. وأوصت الإمارات مواطنيها خلال تواجدهم في تركيا بالتواصل مع بعثاتها الدبلوماسية وتوخّي الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن المزدحمة والتجمعات.

ويتساءل كثيرون، ما هي أهداف هذه الزيارات، ولماذا الآن، وما هي أبرز ملامح العلاقات المتبادلة القادمة بين الخليج العربي وأنقرة، بعد أن شابها الكثير من التوتر في السنوات الماضية.

تصفير المشاكل.. والانفتاح على الجميع

 

 

 

أردوغان والأمير تميم

اتسمت العلاقات بين تركيا ودول الخليج -لاسيما قطر والسعودية- بالانسجام والتوافق في بعض الملفات الإقليمية مثل الوضع في سوريا والموقف من تنظيم الدولة الإسلامية وإيران، فالسعودية ومنذ وصول الملك سلمان لسدة الحكم قبل نحو عامين، حسّنت علاقتها بشكل كبير مع نظام أردوغان. وقطر كانت وما زالت تعتبر حليفًا قويًا في منطقة الخليج العربي لتركيا.

بات من الواضح أن الإدارة التركية ما زالت تنتهج اتباع استراتيجية تصفير المشاكل والانفتاح على دول الجنوب

أما دول خليجية أخرى مثل الإمارات، اتسمت علاقاتها مع أنقرة بالتوتر وعدم الاستقرار، خاصة فيما يتعلق بالملف المصري والدعم الكامل من حكومة أبو ظبي لنظام عبد الفتاح السيسي، في نفس الوقت تعتبر أنقرة أن السيسي نفسه جاء بانقلاب عسكري، ونظامه لا يتمتع بالشرعية.

ومن خلال رصد طبيعة هذه العلاقة، بات من الواضح أن الإدارة التركية ما زالت تنتهج اتباع استراتيجية تصفير المشاكل والانفتاح على دول الجنوب، وهي نفس الاستراتيجية التي اتبعتها الحكومات التركية خلال السنوات ال12 الماضية، متجاهلة بذلك - بشكل نسبي - تضارب السياسات الخارجية مع دول مثل الإمارات، خصيصًا فيما يتعلق بالملف المصري والسوري، وحتى معظم ملفات الشرق الأوسط.

التوقيت والأهداف

يقول مراقبون إن جولة أردوغان لدول الخليج، ستدفع إلى المزيد من تعزيز العلاقات المتنامية بين الجانبين على الصعيد السياسي، حيث تعزز من فعالية أنقرة في حل أزمات المنطقة، وكذلك الوضع الاقتصادي، حيث من المتوقع تطوير الوضع الاقتصادي بين أنقرة ودول الخليج، من خلال تدشين عدة اتفاقيات بين الجانبين.

هذه الزيارات وهذا التحرك التركي، يأتي بعد دخول النظام الدولي مرحلة جديدة، أهم معالمها السياسات الجديدة للولايات المتحدة، والتي يقودها دونالد ترامب، وهو الذي من الواضح أنه ذاهب لتغيير أساليب وأدوات الدور القيادي لبلاده على المستوى العالمي.

يمكن النظر إلى زيارة أردوغان على أنها بمثابة دبلوماسية تحضيرية، تأتي بالتزامن مع وقوف المنطقة على عتبة مرحلة جديدة

فالولايات المتحدة –بحسب خبراء- باتت تريد أن تغدو القوة المهيمنة في العالم، لكن دون تحمل تكلفة التحالف الأطلسي، حيث أنه لن يقف هذا التوجه عند حد تغيير موازين القوى في أوروبا، بل سيؤثر أيضا على التطورات الجارية في الشرق الأوسط.

مدير العام مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي د.برهان الدين دوران، قال في تصريحات لوكالة الأناضول، إن ترامب بات ينظر إلى الشرق الأوسط من منظار محاربة الأصولية، لهذا فإن المرحلة المقبلة من المتوقع أن تشهد مواجهة مع إيران، تحت شعار التصدي للدول الممولة للإرهاب، وفق نهج يسعى لتهدئة مخاوف "إسرائيل" ودول الخليج، وذلك في إطار مقاربة تتناقض مع سياسة سابقه "باراك أوباما"، الذي اعتمد نهجًا تصالحيًا مع طهران.

وفي هذا السياق، رأى "دوران" أنه يمكن النظر إلى زيارة "أردوغان" إلى المنطقة على أنها بمثابة دبلوماسية تحضيرية، تأتي بالتزامن مع وقوف المنطقة على عتبة مرحلة جديدة.

تأمل أنقرة أن تقوم دول الخليج بتحويل استثماراتها ورؤوس أموالها إلى تركيا

كما المرحلة المقبلة ستشهد تقاربا أكبر بين تركيا والإدارة الأمريكية الجديدة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، مشيرا أن النظام الإيراني انتهج في الآونة الأخيرة سياسات مضطربة ضد دول الخليج وتركيا، وأن العلاقات بين دول الخليج وتركيا سوف تتطور قدما نحو الأمام مع تحقيق نمو ملحوظ.

إلى ذلك، يقول مراقبون إن جولة أردوغان تحمل كذلك أهمية خاصة على صعيد تعزيز العلاقات السياسية، خاصة أن المرحلة السابقة شهدت موجة تغيير انفرط في خضمها عدد من دول المنطقة التي لم يبق فيها سوى تركيا وإيران ودول الخليج، التي تمكنت من الحفاظ على بنية الدولة فيها.

حيث تأمل أنقرة أن تقوم دول الخليج بتحويل استثماراتها ورؤوس أموالها إلى تركيا، لاسيما بعد القانون الأمريكي المعروف باسم "جاستا"، والذي أقر من قبل الكونغرس الأمريكي العام الماضي، والذي يتيح مقاضاة دول كالسعودية على خلفية هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

تطور مستمر للعلاقة.. وأدوار كبيرة لأنقرة

الدور المهم الذي تلعبه تركيا وقطر في محادثات السلام السورية، فضلًا عن أن العلاقات الثنائية بين هذين البلدين، بات يتطور بشكل مستمر نحو الأمام، كما أن العلاقات مع النظام السعودي الجديد، يمكن تصنيفها بأنها باتت جيدة جدًا.

أردوغان: نحن مقربون من الخليج، وعلاقتنا جيدة مع مجلس التعاون الخليجي، وقررنا تطويرها بشكل أكبر

ملفات مهمة في المنطقة، سيتم تناولها، خلال هذه الجولة -التي ستعطي بكل تأكيد دورًا دبلوماسيًا قويًا لتركيا في قضايا المنطقة- مثل مصر والعراق وتنظيم الدولة الإسلامية، وسوريا والعلاقات بين دول الخليج وإيران.

وكان أردوغان قبل نحو شهرين قد وجه عدة رسائل لدول الخليج خلال مقابلة له مع قناة الجزيرة، حيث دعا الرئيس التركي دول الخليج لتعزيز التعاون مع بلاده، مؤكدا أن "الكل سيكون رابحاً" من هذه الخطوة.

وفي تعليقه على التطورات التي شهدتها العلاقات التركية الخليجية في الآونة الأخيرة، علّق أردوغان حينها بالقول: "نحن مقربون من الخليج، وعلاقتنا جيدة مع مجلس التعاون الخليجي، ونحن قررنا تطويرها بشكل أكبر، وكل أملنا أن نطور تعاوننا الثنائية مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، والإمارات والكويت والبحرين وعمان، كما طورناها مع قطر".

 

 

أردوغان والملك سلمان

مؤكدًا في الوقت ذاته: "نريد أن نطور علاقتنا مع دول الخليج؛ لأننا إخوة مع هذه الدول، ولدينا الكثير من إمكانات التعاون معهم بدءاً من الصناعات الدفاعية، ومرورا بالاقتصاد والصناعات الغذائية، وحتى في مجال الإنشاءات والبنية التحتية والفوقية".

ومن الجير بالذكر أن تركيا تدعم "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن وتشارك فيه 5 من دول الخليج الست، وتتطابق وجهات نظر أنقرة مع دول الخليج، فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية وكذلك السورية.

كما شهد العام الماضي، 12 قمة جمعت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بقادة ومسؤولي دول الخليج، تم خلالها وضع أسس راسخة لعلاقات متنامية، تنبئ بتعاون أكبر وأعمق في مختلف المجالات بين الجانبين في المرحلة المقبلة.