هل باتت “الدول السُنيّة المُعتدلة” طوق نجاة تل أبيب من عزلتها: نتنياهو يؤكّد أنّها ترى بإسرائيل حليفًا ويعلون يقول علاقاتنا معها تُرجمت لأفعالٍ على الأرض
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
رأى وزير الأمن الإسرائيليّ السابق، موشيه يعلون، خلال مشاركته في مؤتمر مركز أبحاث الأمن القوميّ، المُنعقد في تل أبيب، رأى أنّ المعسكر الأكثرُ أهمية اليوم بالنسبة لإسرائيل هو المعسكر الذي تقوده السعوديّة، لافتًا إلى أنّ للدولة العبريّة مصالح مشتركة عديدة مع هذا المحور وهذا هو الأمر الأهم لتأسيس علاقات معه اليوم أكثر من السلام وأكثر من الاتفاقات والاحتفالات، على حدّ تعبيره. وأضاف يعلون إنّ الحديث عن العلاقات بين إسرائيل وبين دول عربية لم يبقَ كلامًا في الهواء بل ترجم لأفعالٍ على الأرض.
وتصريح يعالون يُذكّر بأقوال رئيس الوزراء الإسرائيليّ على هامش مؤتمر (دافوس) الماضي، عندما وصف
العلاقة القائمة مع السعودية، تحديدًا، بالحليف والشريك. وقال: يوجد تغيير دراماتيكي في العلاقات الخارجية لإسرائيل في المدة الأخيرة، بينها وجيرانها العرب. الدول العربيّة التي تتبنّى الموقف السعوديّ كثيرة، أضاف نتنياهو قائلاً إنّهم يرَوْن في إسرائيل حليفًا وليس تهديدًا.
وغنيٌ عن القول إنّ نتنياهو رفع شعار العداء لإيران، لأنّه يرى في شعار العداء لإيران وسوريّة وحزب الله، كرافعة شراكة وائتلاف مع الدول المُصنفّة إسرائيليًا بدول الاعتدال العربيّ.
وبرأيه، فإنّ الدول العربيّة المعتدلة تُواجه التهديد نفسه المتمثل بإيران وداعش، وتابع قائلاً إنّ هذه الدول تسأل عمَّن يمكنه مساعدتها؟ وبطبيعة الحال، إنّ إسرائيل والدول العربية السنية، ليست على طرفي نقيض، بحسب تعبيره.
وللدلالة أكثر على حسن العلاقة مع الدول العربية، ذكر نتنياهو أنّه التقى بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبيّ، وطلب منهم أنْ يظهروا لإسرائيل الفهم نفسه الذي يظهره لها منْ وصفهم بجيرانها العرب، الذين كانوا، بحسبه، الأعداء التقليديين للدولة اليهودية.
علاوة على ذلك، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيليّ عن اعتقاده بأنّ إقامةَ علاقات بين بلاده والدول العربيّة المعتدلة، التي ترى في إسرائيل شريكًا لها لمواجهة خطر الإسلام المتشدد، قد تؤدي إلى حلّ الصراع مع الفلسطينيين، وليس العكس.
والشيء بالشيء يُذكر، فقد نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيليّ السابق، د. دوري غولد، المُقرّب جدًا من نتنياهو، نقلت عنه قوله إنّ هناك تباينات في الرأي مع دول مختلفة في العالم، ومؤخرًا، أضاف، لدى تل أبيب مشاكل مع أوروبا وهذا ليس سرًا، وهناك دول كثيرة تفتح أبوابها اليوم أمام إسرائيل، من يقول إننا معزولون لا يعرف ما يقوله، على حدّ تعبيره. د. غولد أكّد على أنّ ما تملكه إسرائيل بشكلٍ رئيسيٍّ، وهذا ربما التغيير الدراماتيكيّ، هو انفتاح العالم العربيّ نحو العلاقات السريّة مع إسرائيل، جازمًا أنّه يُمكننا اليوم الاتصال تقريبًا مع كُلّ دولةٍ عربيّةٍ.
واللافت، أنّ حزب المعسكر الصهيونيّ المُعارض، يتماشى من الناحية المبدئيّة مع نتنياهو في سعيه الحثيث لإقامة علاقاتٍ وطيدةٍ مع الدول العربيّة المعتدلة، لما في ذلك من مصالح إستراتيجيّة واقتصاديّة للدولة العبريّة. الجنرال المُتقاعد، عومري بارليف، الذي قاد الوحدة النخبويّة في الجيش الإسرائيليّ ساييرت 13 (الكوماندوز البحريّ)، هو اليوم أحد النواب البارزين في الكنيست من قبل المعسكر الصهيونيّ. بارليف قال أمس في مؤتمر الأمن القوميّ بتل أبيب إنّ نتنياهو تحدّث عن الاتفاقيات الإقليميّة مع الدول العربيّة المعتدلة في منطقة الشرق الأوسط خلال عملية الجرف الصامد، صيف العام 2014 ضدّ قطاع غزّة.
وتابع: نعم، أنا أؤيّد هذا التوجّه من أجل مستقبلٍ أفضلٍ من ناحية، ومن الناحية الأخرى بهدف تحقيق المصالح الإسرائيليّة. وبرأي الجنرال بارليف فإنّ هذه الدول، دول الاعتدال العربيّ، التي ذكرها نتنياهو، ترى في حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) خطرًا، وبالتالي فإنّه من المؤكّد أنّه يُمكن تحقيق الأهداف الإستراتيجيّة الإسرائيليّة عن طريق التحالف معها، وشدّدّ على أنّه كان بالإمكان تحقيق هذه المصالح الإستراتيجيّة خلال عملية الجرف الصامد وما بعدها، بحسب تعبيره. وخلُص إلى القول إنّه في العدوان على غزّة صيف العام 2014، كان بإمكان إسرائيل تحقيق مصالح سياسيّة وإستراتيجيّة على حدٍّ سواء، مُعارضًا بذلك وجهة النظر، التي طُرحت في المؤتمر والتي أكّدت على أنّ تحقيق هاتين المصلحتين كان قائمًا في حروب إسرائيل السابقة فقط.
من ناحيته، أكّد سايمون هندرسون، وهو زميلُ في معهد واشنطن ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، ومتخصِّصٌ في شؤون الطاقة والدول العربيّة المحافظة في الخليج، في دراسةٍ جديدةٍ أنّه لا بدّ من الإشارة إلى أنّ العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج هي دبلوماسيّة واقتصاديّة على حدٍّ سواء، ومن المؤكّد أنّ الاتصالاتِ السياسية تخضع لحركة مد وجزر، فمن الصعب أنْ نتصوَّرَ أنّ اغتيال جهاز “الموساد” الإسرائيليّ للقيادي في حركة “حماس″ محمود المبحوح في دبي عام 2010 كان مجرد حدث بسيط، على حدّ تعبيره. وتابع قائلاً لكنّ الروابط التجاريّة وتلك الخاصّة بالأعمال تنمو باطراد، وهي علاقات هامّة على الأقل مع بعض الدول، إذْ أنّ إحدى الإحصائيات التي أطلعني على نتائجها أحد المسؤولين الخليجيين هذا العام كانت مدهشة، قال الباحث الأمريكيّ.
وخلاصة الأمر: تواصل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن تحسّن العلاقات مع الدول العربيّة المعتدلة بات القاعدة وليس الاستثناء، وبشكلٍ أوْ بأخرٍ، يُمكن اعتبار هذا الـ”حلف الجديد” بمثابة طوق النجاة لإسرائيل، التي تُعاني من العزلة الدوليّة جرّاء سياستها المتعنتة والرافضة لأيّ حلٍّ سلميّ مع الفلسطينيين، علاوة على اعتبارها العزلة تهديدًا إستراتيجيًا على أمنها القوميّ.