اتفاقية «تيران وصنافير» لم تصل برلمان مصر.. وزعيم الأغلبية: لا تقحموا القضاء
قال وزير مصري، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي وافقت عليها الحكومة الخميس الماضي، وتقضي بنقل تبعية جزيرتي «تيران وصنافير» إلى المملكة، لم تصل للبرلمان حتى الآن.
ونقل موقع «أصوات مصرية»، التابع لـ«رويترز» عن المستشار «مجدي العجاتي» وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، قوله إن «مجلس النواب سيناقش الاتفاقية فور وصولها إليه».
وأقر مجلس الوزراء المصري، الخميس، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي بموجبها تنتقل سيادة جزيرتي «تيران وصنافير» للسعودية، وقرر إرسالها للبرلمان لمناقشتها والموافقة عليه
ا.
وردا على سؤال حول سبب استعجال الحكومة الموافقة على الاتفاقية قبل حكم المحكمة الإدارية العليا يوم 16 يناير/ كانون الثاني الجاري، قال «العجاتي» إن الطعن على حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع الاتفاقية، لن يعطل مناقشتها حال وصولها للبرلمان.
وتابع أن «كل سلطة لا تعطل عمل السلطة الأخرى، فلا يجب أن يعطل نظر الطعون المقدمة على حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الدولة على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، مناقشة البرلمان لها».
وارتفعت حالة الجدل داخل البرلمان حول الاتفاقية، ففي القوت الذي قال نواب إنهم سيوافقون عليها مباشرة بمجرد وصولها، وغلق ذلك الملف بشكل كامل، دون انتظار حكم القضاء، يطالب البعض بـأن يتم الاتجاه لاستفتاء لرفع الحرج عن الحكومة والبرلمان، كما أن هناك تكتلات داخل البرلمان تسعى لانتظار قرار القضاء ومجموعة رابعة ترفض الاتفاقية.
اقحام القضاء
من جانبه، انتقد تحالف «دعم مصر» الذي يمتلك الغالبية النيابية، اقحام القضاء في ملف اتفاق ترسيم الحدود.
وأكد رئيس ائتلاف «دعم مصر»، زعيم الغالبية البرلمانية النائب «محمد السويدي»، أن فحص الاتفاقات الدولية «حق أصيل لمجلس النواب (البرلمان) وفقاً للمادة 151 من الدستور». ورأى في بيان صادر عن الائتلاف أمس أن الاتفاقية التي لم تعرض على البرلمان «لا نفاذ لها، ولا يكتمل تركيبها القانوني والتشريعي السليم، وبغير موافقة مجلس النواب وفقاً للدستور فإننا لا نكون أمام اتفاقات نافذة».
وأشار إلى أن إحالة مجلس الوزراء اتفاقية تعيين الحدود مع السعودية على مجلس النواب «هي من أخص العلاقات السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية»، مبدياً دهشته ممن يحاولون «منع البرلمان من ممارسة اختصاصاته».
ودعا إلى «احترام اختصاص البرلمان وعدم التغوّل عليه، وعدم استباق الأحداث»، وقال: «البرلمان لم يوافق أو يرفض، وكل الاحتمالات متاحة وقائمة بناء على الأوراق والمستندات، ولا يجب التأثير على آراء أعضاء البرلمان قبل أن تصل الاتفاقية لهم ويفحصوا أوراقها ويقرروا بأنفسهم».
وأوضح «السويدي» أن الاتفاقات الدولية تُنظر على مرحلتيْن: «الأولى مرحلة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، وفيها تقرر اللجنة ما إذا كانت أحكام الاتفاقية تخالف الدستور أو تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم البلاد، فإذا انتهت من الإجابة عن هذا التساؤل، انتقلت إلى فحص هل تحتاج الاتفاقية الدولية إلى استفتاء أم تكفي موافقة البرلمان، وبعدها تأتي المرحلة الثانية، وهي إحالة الاتفاقية على اللجنة المختصة أو إلى لجنة مشتركة من مجموعة من اللجان النوعية في البرلمان».
وكان مسؤول مصري، كشف السبت الماضي، أن اتجاها داخل أروقة اتخاذ القرار في الحكومة والبرلمان، يتبنى فكرة طرح قضية جزيرتي «تيران وصنافير»، للاستفتاء الشعبي، لرفع الحرج عن مؤسسات الدولة.
وأوضح المصدر الحكومي المسؤول لموقع «دوت مصر» المقرب من السلطات، أن طرح الأمر لاستفتاء الشعبي هو الحل الأمثل خلال الفترة القادمة، لإبعاد الحكومة عن أي حرج، خاصة أنها تفضل الابتعاد عن البت في الاتفاقية وترك الأمر للبرلمان.
إلا ان «السويد» قال إن الاتفاقات الدولية «لها إجراءات مركبة وتمر بمراحل عدة، وهي المفاوضات، ثم توقيع الحكومة، ثم الإحالة على البرلمان للموافقة أو الرفض، ثم تصديق رئيس الجمهورية، ثم النشر في الجريدة الرسمية»، مشدداً على أن «البرلمان هو المكان الطبيعي للتعبير عن الآراء السياسية، لا قاعات المحاكم».
ودعا رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان إلى «عدم التعجل في إصدار قرار في شأن الاتفاقية، وفتح باب الاستماع للخبراء والمختصين والجميع حتى تتضح الحقائق».
كما دعا جميع القوى السياسية إلى «النظر فى الأوراق والمستندات، والاستماع الى آراء الخبراء والمختصين، والحكم على الموضوع بالعين المجردة غير المتأثرة بالصخب الإعلامي الدائر حالياً»، منبهاً إلى أن الاتفاقات الدولية «خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية العليا، ومن ثمّ لا يجب القلق لأن جميع المؤسسات تتكامل، وكل مؤسسات الدولة هدفه وغرضه تحقيق الصالح العام».
وكان مصدر برلماني، قال إن معظم أعضاء البرلمان ومنهم ائتلاف «دعم مصر» الذي يمثل أغلبية البرلمان، لم يحسموا أمرهم بشأن الاتفاقية، كما ينتظر أعضاء حزبي «الوفد» و«المصريين الأحرار» وصول الاتفاقية للبرلمان والاطلاع عليها قبل اتخاذ موقفهم.
جدال قانوني
يذكر أن محامين مصريين، أقاموا السبت، دعوى قضائية ضد الرئيس «عبدالفتاح السيسي»، و5 مسؤولين آخرين، للمطالبة بوقف وإلغاء تصديق الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية المعروفة بـ«تيران وصنافير»، وإحالتها إلى مجلس النواب (البرلمان).
وطالبت الدعوى باستمرار الجزيرتين ضمن حدود الدولة المصرية وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى.
وقضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين، اليوم، برفض الاستئناف على حكم وقف تنفيذ بطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.
وأيدت المحكمة حكم أول درجة بالاستمرار في تنفيذ الاتفاقية وأوقفت تنفيذ حكم القضاء الإداري.
وكانت محكمة للأمور المستعجلة قضت في سبتمبر/أيلول الماضي بوقف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية وطعن محامون على الحكم.
ووقعت مصر والسعودية، في أبريل/نيسان الماضي، اتفاقية يتم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، ما أثار ردود فعل معارضة للرئيس «السيسي» والحكومة، ونظم عدد من النشطاء والقوى السياسية تظاهرات رافضة لها، وأقام عدد من المحامين دعاوى قضائية تطالب ببطلانها.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في يونيو/حزيران الماضي، حكما ببطلان الاتفاقية، ولكن هيئة قضايا الدولة -وهي الجهة الممثلة للحكومة- طعنت على الحكم أمام المحكمتين الدستورية والإدارية العليا.
وقررت المحكمة الإدارية العليا يوم الاثنين الماضي حجز طعن هيئة قضايا الدولة للحكم في جلسة 16 يناير/كانون ثاني المقبل.
وأوصى تقرير هيئة المفوضين -الذي صدر في ديسمبر/كانون أول الجاري- بتأييد حكم بطلان الاتفاقية المبرمة بين مصر والسعودية بشأن ترسيم الحدود البحرية وإعلان تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة.
وشهدت مصر، مظاهرات يومي 15، 25 أبريل/ نيسان الماضي، احتجاجا على قرار الحكومة المصرية في الشهر ذاته بأحقية السعودية في الجزيرتين بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود، اعتقل خلالها الأمن عشرات الشباب والناشطين.