رغم الوعود بفرص العمل.. “رؤية السعودية” تبدو قاتمة للشباب العاطلين

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2136
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

شيكاغو تريبيون – التقرير
قرر مروان، خريج الهندسة السعودية، التحول من وظيفة مهندس إلكترونيات، من أجل الحصول على راتب أفضل، وكان هذا القرار الذي ندم عليه.
وتقدم المواطن، الذي يبلغ من العمر 24 عاما من مدينة جدة، لوظائف على مدار عام، لكن لم يحالفه الحظ. وفي حين تجاهد المملكة الانخفاض في أسعار النفط، كان مروان يشعر بالقلق ما إذا كان سيحصل على عمل، عندما يتعافى الاقتصاد أم لا. وقال “هل ستستغل الشركات الخريجين الجدد، أو نحن، الجيل المنسي؟
والعديد من السعوديين، الذين شاهدوا أباءهم يجنون ثمار الطفرة النفطية، يكافحون من أجل العثور على عمل، حيث تخفض الحكومة مرتبات موظفيها المتضخمة، وإدارة الأعمال، في ظل تباطؤ الاقتصاد. وكان خلق فرص عمل لهم يعد واحدا من أصعب التحديات، التي تواجه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يعمل على تنشيط الجهود الرامية، لإنهاء إدمان الاقتصاد على النفط. وفي أبريل، كشف الأمير عن الخطة المتعلقة بوعود الازدهار على المدى البعيد، إذا كان السعوديون المماثلون لمروان، يستطيعون تحمل المعاناة الأولية للتقشف.
وتعهد الأمير النشط بتحويل الاقتصاد، الذي يعتمد على المغتربين، في أقل من عشر سنوات، وذلك في الوقت المناسب لنزع فتيل القنبلة السكانية الموقوتة. إن ما يقرب من نصف السعوديين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وهذا التضخم قد يضاعف حجم سوق العمل تقريبا بحلول عام 2030، وذلك وفقا لدراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي.
وقال إحسان بوحليقة، الخبير الاقتصادي السعودي وعضو سابق بمجلس الشورى، وهو هيئة استشارية، إن الفشل “غير وارد”. وأضاف، “لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو، ولا يمكننا تحمل التكاليف. وعندما يتعلق الأمر بالبطالة، فالأمر فقط لا يمكن تحمله”.
يشار إلى أن ربع عدد السعوديين، الذين تحت سن الـ30 عاما، عاطلون عن العمل، في حين أن الأجانب هم أكثر من نصف القوى العاملة. ولاستيعاب طالبي العمل الجدد، على المملكة خلق ما يقرب من ثلاثة أضعاف الفرص، من أجل المواطنين كما فعلت خلال سنوات الطفرة النفطية في الأعوام 2003- 2013، وذلك وفقا لما كشفته دراسة ماكينزي.
لكن حملة التقشف من أجل إصلاح المالية العامة، التي تتضمن تقليص سخاء الدولة، دفعت الشركات لإطلاق النار، وليس التوظيف. وارتفع معدل البطالة بين السعوديين إلى 12.1% في الربع الثالث، وهو أعلى مستوى تصل له منذ العام 2012.
ومن بين العاطلين عن العمل، مواطن يدعى أنس، وهو خريج قسم كيمياء ويبلغ من العمر 26 عاما، وتقدم لوظائف “في أي مجال” لمدة عام ونصف. ولتغطية نفقاته، قال إنه يعمل على عربات موسمية خلال موسم الحج، ويقود سيارته على أنها سيارة أجرة غير مسجلة، وعندما توقفه الشرطة، يطلب منهم النظر في شهادته وملف طلب الوظائف الخاص به، ويتوسل لهم أن يرفقوا به بسبب حاجته للمال.
وقال أنس، إن “دراسة الكيمياء كانت مزحة”، وأضاف، “عندما تقدمت للجامعة، أخبرونا أن لدينا مستقبلًا مشرقًا، وأننا سنجد العديد من فرص العمل عند التخرج”.
يذكر أن استبدال السعوديين بالعمال الأجانب، كان هدف السياسة الوطنية على مدار عقود من الزمن، دون نجاح يذكر. وغالبية الخريجين اختاروا الوظائف الحكومية، التي تقدم ساعات عمل أقل وفوائد ثابتة ومستقرة. وآخرون ليس لديهم حافز للعمل على الإطلاق، وبدلا من ذلك يعتمدون على إعانات العاطلين عن العمل السخية والدعم الأسري.
لقد تم جمع الجهود في العام 2011، عندما أطلق برنامجا للحصص يمسى نطاقات. وتستخدم الخطة مجموعة من “الجزر والعصي” من أجل تشجيع توظيف المواطنين السعوديين. وتم تأميم الفئات الوظيفية بأكملها، بما في ذلك مبيعات الملابس النسائية الخاصة، ومستحضرات التجميل.
ويقول جيمس ريف، نائب رئيس الاقتصاديين في مجموعة “سامبا” المالية، التي مقرها لندن، إن خلق فرص عمل للمرأة السعودية في مجال تجارة التجزئة، “ربما تكون قصة نجاح كبيرة”. وقال، مع ذلك، فالسعودة بشكل عام، ستكون عملية بطيئة، وستواجه الكثير من المطبات في الطريق”.
وقد تم إغلاق أكثر من 1000 متجر لبيع الهواتف النقالة على الصعيد الوطني هذا العام، وذلك بعد أن منحتهم وزارة العمل ستة أشهر لتحويلها إلى القوة العاملة السعودية، ولم يتمكنوا من إيجاد ما يكفي من العاملين بالرواتب المعروضة.. وكان آخرون أوفر حظا في العثور على الشبان السعوديين، الذين رأوا في ذلك فرصة لا يجب تفويتها.
وفي مجمع للمحلات التجارية لبيع الهواتف المحمولة في حي المرسلات بالرياض، يقوم البائعون السعوديون بتجارة رائجة، حيث تبيع النساء المحليات الأطعمة المصنوعة بالمنزل على الرصيف بالخارج. وبالنسبة ل”مسدوس المنصوري”، الذي يبلغ من العمر 27 عاما، كانت هذه تجربة مغيرة للحياة. وقال، “لقد فتحوا الباب أمام الشباب” وأضاف، “لمدة عام تقريبا أبحث عن وظيفة، لكني لم أجد شيئا”.
يذكر أنه يعمل لساعات طويلة، ويبقى في بعض الأحيان حتى منتصف الليل، لكنه غير راض عن الأجر، الذي يقدر بحوالي 5 آلاف ريال سعودي أو ما يعادل (1.333 دولار). ويقول، “أفكر في فتح متجر خاص بي”.
وعلى الرغم من تلك النجاحات الصغيرة، فبعض التحديات طويلة الأمد، التي أعاقت برنامج السعودية لا تزال قائمة.
جدير بالذكر أن المدارس تفتقر إلى اللغة الإنجليزية المتقدمة والرياضيات والعلوم. ويتنافس السعوديون من ذوي المهارات الضعيفة، مع الأجانب الذين يعملون لساعات أطول ومقابل مادي أقل، ما يجعلهم أكثر جاذبية بالنسبة لأصحاب العمل.
وكان الفصل بين الجنسين يعد عقبة أخرى، حيث اكتشفت شركة أوبر، التي مقراها سان فرانسيسكو، ذلك، عندما عملت داخل المملكة.
لقد تم كذلك منع النساء من قيادة السيارات في المملكة العربية السعودية، وهن يشكلن أكثر من 80% من عملاء أوبر. والعديدات اعتادن على السائقين الأجانب السائدين، لكن لا يشعرن بالراحة في ركوب السيارة مع شخص سعودي غريب. وأخريات يشعرن بالقلق من أن تقوم الشرطة أو أقاربهن بالانزعاج منهن، بسبب الاختلاط بين الجنسين.
ويتذكر فيصل إبراهيم، السائق بأوبر، المرأة التي حجزت سيارته، وألغت الحجز سبع مرات على التوالي.
ويقول إبراهيم، البالغ من العمر 25 عاما، “أعتقد أن السبب الوحيد هو أنني سعودي”. في حين أن العديد من العملاء لا يمانعون من التعامل مع سائق سعودي، ويقول، مع الآخرين، “يمكن أن تشعر بالحرج”.
ويقول شادي عبد اللطيف، مدير اتصالات أوبر بمنطقة الشرق الأوسط وجنوب إفريقيا، تتوقع أوبر أن تتوقف الإلغائات، في حال اعتاد الناس على السائقين السعوديين. وقال زياد هريش، المدير العام بالبلاد، إن الشركة لديها حوالي 5 آلاف من السائقين السعوديين، ضمن أسطولها المكون من 15 ألف سائق بالمملكة، وترغب في أن يصل العدد إلى 100 ألف سائق سعودي في غضون خمس سنوات.
وفي حين أن ذلك ربما يكون أمرا مريحا للبعض، إلا أن البعض الآخر أقل تفاؤلا ويفكرون في مغادرة البلاد. وقد كانت دول الخليج المجاورة بمثابة المغناطيس، حتى بالنسبة للنساء اللاتي يحاولن الهروب من قيود الحياة العملية بالسعودية.
وقال تميم اليحيى، وهو طالب يدرس الهندسة الصناعية ويبلغ من العمر 23 عاما، إنه سيفكر في العمل بدولة قطر، إذا لم يحصل على الوظيفة المناسبة داخل الوطن، كما يتطلع البعض من أصدقائه إلى الهجرة لكندا.
وأضاف، “إنهم لا يعلمون ما الذي سيجري بالمستقبل، إنك تقول شيء، لكننا نرى شيئا آخر”.