«رايتس ووتش»: على دول الخليج إجراء إصلاحات بدلا من سجن المعارضين
نورالدين المنصوري
نددت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، اليوم الثلاثاء، بقمع دول الخليج للمعارضين ومراقبة نشاطهم على الإنترنت.
ودعت المنظمة الحكومات الخليجية إلى إجراء إصلاحات بدلا من سجن المعارضين السلميين.
وأطلقت المنظمة موقعا تفاعليا عليه صور ونبذات عن 140 معارضا معروفا، فيما لا يتعدى 140 حرفا كما يفرض موقع «تويتر»، مطالبة الحكومات الخليجية بإجراء إصلاحات.
ومن بين المعارضين الذين تحدثت عنهم المنظمة «نبيل رجب»، و«زينب الخواجة» في البحرين، والناشط «وليد أبو الخير»، و«محمد فهد القحطاني» في السعودية، و«أحمد منصور» و«محمد الركن» من الإمارات.
من جانبها، قالت مديرة مكتب المنظمة في الشرق الأوسط «سارة ليا ويتسون»، إن دول الخليج تشن هجوما منظما وجيد التمويل على حرية التعبير لوقف التغيير الذي قد تحدثه وسائل الإعلام الاجتماعي وتكنولوجيا الإنترنت.
وأضافت: «بدلا من سجن المنتقدين السلميين على الإنترنت، على الحكومات الخليجية توسيع النقاش بين أفراد المجتمع، وتنفيذ الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها، والتي طالب بها العديد من هؤلاء الناشطين لسنوات».
وتابعت: «في السنوات الأخيرة، نمت بسرعة شعبية مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الدردشة مثل فيسبوك، تويتر، واتس آب، ويوتيوب في دول مجلس التعاون الخليجي الست».
ووفقا لتقرير الإعلام الاجتماعي العربي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، فتح المواطنون والمقيمون في دول «مجلس التعاون الخليجي» 17.2 مليون حساب على «فيسبوك» و3.5 مليون حساب على «تويتر» خلال الربع الأول من عام 2014.
وفي أواخر عام 2015 حافظت السعودية وحدها على 2.4 ملايين مستخدم نشط على «تويتر»، أي أكثر من 40% من جميع مستخدمي «تويتر» في الشرق الأوسط، وارتبط هذا التوسع بشكل وثيق بالزيادة في الأنشطة الحقوقية والمعارضة السياسية وجهود الحكومة لمواجهتها.
وأوضحت «ويتسون» أن مئات المعارضين، بينهم ناشطون سياسيون، حقوقيون، صحفيون، محامون، ومدونون، سجنوا في جميع أنحاء المنطقة، وسجن العديد منهم بعد محاكمات جائرة ومزاعم بالتعذيب خلال الاعتقال الاحتياطي.
وذكرت أن الحملات الواسعة لحكام دول «مجلس التعاون الخليجي» ضد الناشطين والمعارضين السياسيين، شملت التهديد، التخويف، التحقيقات، الملاحقات، الاعتقال، التعذيب، وسحب الجنسية.
وقالت إن معظم الناشطين استخدموا وسائل الإعلام الاجتماعية ومنتديات على الإنترنت لإطلاق حملات، وبناء شبكات، وزيادة الوعي بأفكارهم، وانتقدوا كلهم صراحة أو ضمنا حكوماتهم، مشيرة إلى مشاركة عشرات الآلاف من المواطنين السعوديين في حملات رقمية، مثل الدعوة إلى إطلاق سراح «سمر بدوي»، وهي امرأة سجنت بتهمة «عقوق الوالدين» عام 2010، وحملات المناصرة على الإنترنت لتشجيع المرأة السعودية على قيادة السيارة في تحد لحظر الحكومة.
وأضافت أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت عاملا رئيسيا في تخطيط وتنظيم احتجاجات في شوارع بعض دول «مجلس التعاون الخليجي» خلال الانتفاضات العربية عام 2011.
وبحسب «ويتسون»، ففي البحرين، استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي لتنظيم مظاهرات ضخمة مؤيدة للديمقراطية لما يقارب 4 أسابيع، انتهت في مارس/آذار 2011 عندما استخدمت قوات أمن الدولة، بمساعدة قوات سعودية وإماراتية، قوة غير متناسبة وفي بعض الحالات قاتلة للقضاء على حركة الاحتجاج.
وأشارت إلى خروج آلاف العمانيين في فبراير/شباط 2011، إلى الشوارع في مدن في جميع أنحاء البلاد في احتجاجات تسعى إلى الإصلاح، استمرت حتى عام 2012.
وأوضحت أنه إضافة إلى القمع المباشر، اكتسبت حكومات دول «مجلس التعاون» واستخدمت تكنولوجيا المراقبة لتتبع ومراقبة نشاط المواطنين على الإنترنت، حيث كشفت وثائق شركات مسربة وتقارير باحثين أمنيين مستقلين أن شركات غربية وإسرائيلية باعت برامج تجسس لحكومات دول «مجلس التعاون»، يمكن استخدامها لانتهاك حق المواطنين في الخصوصية.
وأكدت أن أبحاثا أجراها فريق البحث «سيتيزن لاب»، مقره في تورونتو، وجدت دليلا على أن حكومات السعودية وعمان والإمارات استخدمت برامج التجسس، في حين أن البحرين وعمان وقطر والسعودية والإمارات اشتروا برامج أخرى مثل هذه.
وذكرت أن هذه البرامج تمكن الحكومات من الوصول إلى رسائل البريد الإلكتروني، والرسائل النصية، وسجل المكالمات الهاتفية، وقوائم الاتصال، والملفات، ومن المحتمل حتى كلمات السر، وتسمح للسلطات بتشغيل كاميرا وميكروفون الهاتف أو الحاسوب لالتقاط الصور، أو تسجيل الفيديو والمحادثات بدون علم المالك.
ووفقا لما ذكرته «ويتسون»، ففي مايو/أيار 2016، ذكرت «سيتيزن لاب» أنها اكتشفت حملة من هجمات برامج التجسس من قبل مشغل متطور ضد صحفيين وناشطين ومعارضين إماراتيين، لافتة إلى أنه رغم أن المهاجم غير معروف، إلا أن أدلة ظرفية تفيد صلته بحكومة الإمارات.
وذكرت «سيتيزن لاب» في أغسطس/آب، أن «أحمد منصور»، ناشط إماراتي عرضت قضيته في تقرير «140 رمزا»، تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه تعده بالحصول على معلومات حول تعذيب المعتقلين في سجون الإمارات إذا نقر على رابط مرفق.
وقال باحثو «سيتيزن لاب» في وقت لاحق إنهم اكتشفوا أن النقر على الرابط قد يثبت برامج تجسس متطورة على هاتفه تسمح للمشغل الخارجي بالسيطرة على جهاز الهاتف والكاميرا، ورصد تطبيقات الدردشة، وتتبع تحركاته.
وقالت «ويستون» إنه منذ بداية الانتفاضات العربية عام 2011، وسعت أيضا كل دول «مجلس التعاون الخليجي» التشريعات القائمة، وأصدرت قوانين جديدة مسيئة بهدف مواصلة تقليص حرية التعبير، ومعاقبة خطاب يرونه «إجرامي»، خصوصا عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأشارت إلى أن حكومات دول «مجلس التعاون» سنت قوانين وممارسات جديدة قمعية خاصة بمكافحة الإرهاب، والجرائم الإلكترونية، والتجمع السلمي، والجنسية، تهدف إلى تقييد التعبير السلمي، ومعاقبة المعارضين والناشطين السياسيين الذين ينتقدون ليس فقط قادتهم ولكن أيضا قادة دول «مجلس التعاون الخليجي» وسياساتهم.
وأوضحت أن مختلف القوانين الصادرة منذ عام 2011 كان لها تأثير سلبي على حرية التعبير، مشيرة إلى أنه في بعض الحالات تصف القوانين منتقدي الحكومة بـ«الإرهابيين»، أو تمنح السلطات الحق في إسقاط الجنسية عن المتظاهرين والمعارضين السلميين.
وأكدت «ويتسون» أن قمع دول «مجلس التعاون الخليجي» للمعارضين والناشطين السياسيين بسبب ممارستهم السلمية لحرية التعبير، ينتهك الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، حيث تضمن المادة 32 من «الميثاق العربي لحقوق الإنسان"»، الذي صدقت عليه كل دول «مجلس التعاون الخليجي» باستثناء عمان، الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية.
وشددت «ويتسون» على أن دول الخليج تعمد إلى تخويف ومراقبة وسجن وإسكات الناشطين كجزء من اعتداء شامل على الانتقاد السلمي، مؤكدة أنها مخطئة كثيرا إن كانت تعتقد أنها تستطيع منع مواطني الخليج من استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي وغيرها من الوسائل للضغط من أجل إصلاحات إيجابية.
المصدر | الخليج الجديد + متابعات