مجلس شورى السعودية يَضرب بأمنيات النساء عرض الحائط و”يَرفض” قيادتهن السيارة..
الإسلاميون يُرحّبون بقرار مَنع “المَفسدة” والليبراليون يُطالبون بتقديم أسباب “مُقنعة”.. مُغرّدون يُطالبون بسياقة المرأة في “الحالات الطارئة” مواقع التواصل تحوّلت “منصّات شماتة” بالسيّدات و”توصية قيادتهن”: مسألة وقت أم إثارة جدلٍ لإلهاء المُواطن؟
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
على عكس أمنيات نساء العربية السعودية المُطالبة بقيادتهن السيارة، ضرب مجلس شورى بلادهن بأمنياتهنّ عرض الحائط، وذلك ضمن جلسته الثامنة والخمسين، حيث رفض أعضاء المجلس من خلال “التصويت” توصية تدعو لقيادة المرأة، وبالرغم أن توصية القيادة بحسب صحف محلية قد راعت العادات الاجتماعية، والبيئة الخاصة بالمملكة، إلا أن كل الاعتبارات تلك ذهبت أدراج الرياح.
ناشطات سعوديات، كُنّ قد عقدن الآمال على تلك الجلسة في أن تكون جلسة تاريخية، يُسمح فيها لنساء المملكة بالقيادة، حيث تعتبر ناشطات في حقوق المرأة أن جلوس النساء خلف المقود، حقٌ لا جدال فيه، وأدنى الحقوق التي يجب أن تنالها المرأة السعودية، في بلاد لا تزال السيدات فيها، يطلبن الإذن من ولاة أمرهن، للعلاج، والسفر، والدراسة.
التيار الإسلامي، برموزه، ومؤسسته الدينية، كان من أوائل المُرحّبين بقرار رفض قيادة المرأة، وعبّر عددٌ من المشائخ والدعاة، عن ارتياحهم التام للقرار، فالقيادة برأي بعضهم تسبب حالات العُقم، وبرأي البعض الآخر هي بابٌ للانفلات ومدعاةٌ للمفسدة، وإشغالٌ للمجتمع، في المُقابل عبّر التيار “الليبرالي” عن خيبته من رفض القرار، وتمنّى أن يُعيد من يرفضون القيادة التفكير، وتقديم أسباب مُقنعة للعقول، تمنع زوجاتهم، وأخواتهم، وبناتهم من التواجد خلف المقود.
وفور إعلان شورى العربية السعودية رفضه قيادة النساء، سارع نُشطاء إلى موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، ودشّنوا وسماً “هاشتاق” حمل عنوان “الشورى يرفض قيادة المرأة”، عبدالسلام الحارثي علّق على الموضوع قائلاً “يقولون بقيادة المرأة نستغني عن مليون سائق أجنبي، وأقول أنا تمسك بيتها وعيالها، ونستغني عن مليونين خادمة”، أما “الهلالي” فأكد أن القيادة يجب أن تكون للسيدة في الحالات الطارئة فقط.
حساب “حاء” سخر من القيادة السعودية، وقال “في الأرجنتين، نائبة الرئيس “مُقعدة”، هناك دولة تسير بنسائها، وهنا دولة لا تسمح للنساء بالسير”، أما الكاتب في صحيفة “الرياض” محمد الحمود أشار إلى أن التاريخ سيذكر من صوّت بالرفض، وكان حجر عثرة في سبيل أبسط الحقوق، “عشير الوطن” أوضح أن الشورى لم يُوفّق في قراره، وبيّن أنهم كرجال لم يُوظّفوا غيرتهم في المكان الصحيح.
“رأي اليوم” رصدت تحوّل حسابات مواقع التواصل في بلاد الحرمين مع إعلان الشورى رفضه للقيادة، تحوّلت إلى ساحات حرب “افتراضية”، ومنصّات “يشمت” روّاد التواصل “الرجال”، بالنساء اللواتي يرغبن في القيادة، على اعتبار أن الرغبة الرجولية “انتصرت” على مطالبهن بقيادة السيارة.
وتبادل “ذكور” السعودية على اختلاف أعمارهم، مقاطع كوميدية “مُركّبة” ومُقتطعة من أفلام شهيرة، تُبيّن مدى التفاؤل الذي انتاب الراغبات في القيادة، وتسخر من حالهم بعد رفض الشورى، عبر إدخالهن في نوبة من البكاء، واللطم، والعويل، وردّاً على “السخرية الذكورية” التي انتشرت في الأوساط الافتراضية، تداولت ناشطات مقاطع فيديو، تُظهر سيدات يقدن في شوارع الرياض، ويكشفن عن وجوههن بعد قرار الرفض، ولم يتسنّ “لرأي اليوم” التأكد من زمانها، ومكانها.
مراقبون، اعتبروا أن قرارات توصية القيادة للمرأة، وكذلك رفضها تأتي في توقيت حسّاس، تُواجه فيه حكومة الحرمين، أوضاعاً سياسية خارجية مُعقّدة، واقتصادية داخلية صعبة، ولا بد وفق مراقبين أن يتم استثمار قضايا أخرى، ذات طابع اجتماعي، وإثارة الجدل حولها، لإلهاء المواطنين فيها، وإشغالهم عن مُسلسل من القضايا “المصيرية” التي تعصف بالبلاد، بدءاً بتصريحات قرب “الإفلاس″ العاصفة، مروراً بسياسات التقشّف، وفرض الضرائب، وإلغاء البدلات، وتخفيض الرواتب، وانتهاءً باستمرار الحرب “الحازمة”، والتي بدورها تستنزف العنصرين البشري والمادي، والأساسي في مِنعة وقوّة، وبقاء واستمرار المملكة.
وبالرغم أن التوصيات الاجتماعية كقيادة النساء، والتي تطفو على السطح بين التفاصيل المُعقّدة لغايات سياسية في بلاد التمور، لا يستبعد مختصون في الشأن المحلي أن يكون وصول السيدات السعوديات خلف مقود السيارة، مُجرّد مسألة وقت، فالانفتاح الذي تدعو له “القيادة الشابّة”، ورغم معارضة المؤسسة الدينية، لا بد أن يجد طريقه، ففي تلك البلاد يُؤكد مختصون ألا أمْرَ إلا لأُوْلِي الأمْر، ستقود المرأة في اللحظة التي يختارونها، ووفق المصالح العُليا، حتى مجلس الشورى لن يكون له الخيار في ذلك، تُوعز القيادة له أن “يُصوّت” بالمُوافقة، هنا فقط تقود المرأة، فالجميع في مملكة الحرمين مُسيّرٌ لا مُخيّر، يقول المختصون.