“السعودية” بين هيلاري وترامب وحرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية
عبداللطيف التركي – التقرير
جاءت أول منظرة للمرشحين في انتخابات الرئاسة الأمريكية، الديقراطية “هيلاري كلينتون”، والجمهوري “دونالد ترامب”، لتكشف رؤية كل مرشح تجاه القضايا الأساسية التي تهم المواطن الأمريكي، أولا وقبل كل شيء، ثم “إسرائيل” واللوبي الصهيوني الذي يملك “المال” و”الإعلام”، ولديه لوبيهات قوية ومؤثرة، وقضايا الإرهاب والأمن الأمريكي، والقضاء على “تنظيم الدولة”، وفي ذيل اهتمامات الناخب الأمريكي قضايا الشرق الأوسط، والمنطقة العربية والعالم الاسلامي، وإن كانت المناظرة تركيزا على المملكة العربية السعودية، وآراء “ترامب” التي عاد يكررها، ومطالبه بأنه ينبغي ألا تتحمل الولايات المتحدة عبء الاحتياجات الدفاعية للعالم، وعلى السعودية – وهي دولة غنية – أن تدفع مقابل الدفاع عنها، وأن الولايات المتحدة مديونة ويجب تخفيف الديون.
وجدت مناظرة المرشحين صدى وتفاعلا على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر”، في هشتاق #مناظره_ترامب_و_كلينتون، ولاقى الهشتاق اهتماما في السعودية ومصر ولبنان والأردن والكويت والإمارات، من أكثر بلدان العالم العربي التي علقت على المناظرة على موقع “تويتر”، وحظيت مقولة “ترامب” إنه ينبغي ألا تتحمل الولايات المتحدة عبء الاحتياجات الدفاعية للعالم ردود فعل واسعة في دول الخليج، وخصوصا السعودية، حيث اتهم مغردون “ترامب” بـ”الجهل” و”العنصرية” و”الغرور”، وأكد مغردون علاقة الولايات المتحدة بالخليج وقالوا إنها “يجب أن تبقى علاقة وطيدة على كل الأصعدة”.
واحتل الحديث عن الحرب على “داعش”، الصدارة في المناظرة بين “كلينتون” و”ترامب”، حيث طرحت الأولى خططا عديدة لمحاربة تنظيم الدولة، وأكدت أهمية التعاون مع حلفائها في المنطقة، أما “ترامب” فطالب بضرورة أن تدفع الدول الحليفة للولايات المتحدة من بينها السعودية مقابل حمايتها، واتهم إدارة أوباما وكلينتون بخلق فراع في العراق ما أدى لظهور التنظيم المتطرف، مشددا في الوقت ذاته على أهمية “الاستلاء على النفط”.
ووصفت صحيفة “الغارديان”، الحرب بين المرشحين للرئاسة بـ”الحرب القذرة”، وقالت في مقال كتبه “ديفيد سميث” بعنوان “معسكرا مرشحا الرئاسة الأمريكية يبدأن بالقتال القذر”، وأضاف أن “الانتخابات الأمريكية تحولت إلى نزال قذر بعدما أظهرت نتائج الاستطلاعات وجود فارق ضئيل من الأصوات بين المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب”.
وقال سميث، إن المرشحين تبادلا التهديدات بينهما، ففي الوقت الذي هدد فيه معسكر كلينتون باستضافة مارك كوبين، الذي يعد من أشهر منتقدي ترامب، هدد معسكر المرشح الجمهوري باستضافة جنيفر فلاورز التي يزعم أنها أقامت علاقة غير شرعية مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عام 1980.
ونقل كاتب “الغارديان”، عن منظمي حملة ترامب أن فلاورز لم يتم دعوتها، إلا أنه من الممكن أن تحضر المناظرة كأي مواطن أمريكي دفع ثمن تذكرة حضور المناظرة، وأشار كاتب المقال إلى أن ترامب يواجه أسئلة صعبة حول علاقاته التجارية مع روسيا وثنائه المتواصل على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويرى سميث، أن المناظرات الرئاسية بالنسبة لكلينتون “أمر بسيط لأنها متمرسة في هذا المجال، إلا أن الأمر مختلف تماما بالنسبة لترامب”.
وأثار ترامب، في المناظرة، قضية دفع الدول “أتعاب الدفاع” أو “الخوة” لتلقيها الحماية من الولايات المتحدة من جديد، ذاكرا المملكة العربية السعودية وعددا من الدول الأخرى، ومكررا تصريحاته السابقة بأنها “دولة ثرية”، ولكن هذه المرة استخدم ذلك في إطار محاولته إبراز خبرته كرجل أعمال على أنها “ميزة” في المفاوضات الاقتصادية السياسية، كما قالت “سي إن إن”.
وخصص ترامب جزءا من المناظرة للدفاع عن فكرته ومطالبته السعودية بدفع نظير حماية، وقال “ندافع عن اليابان، وندافع عن ألمانيا، وندافع عن كوريا الجنوبية، وندافع عن السعودية، ندافع عن عدد من الدول. ولا يدفعون لنا (مقابل ذلك) شيئاً، ولكن ينبغي عليهم أن يدفعوا لنا، لأننا نوفر لهم خدمة هائلة ونخسر ثروات.. كل ما قلته هو إنه من المرجح للغاية أنهم إن لم يدفعوا حصتهم العادلة.. قد يضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم أو عليهم مساعدتنا، فنحن دولة لديها ديون تبلغ 20 تريليون دولار، عليهم مساعدتنا”.
وشدد ترامب على أهمية القدرة على التفاوض في صفقات التجارة، معلقا: “عليك أن تكون قادرا على التفاوض، مع اليابان ومع السعودية. هل تتخيلون أننا ندافع عن السعودية؟، بكل الأموال التي لديها، نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئا؟”.
وحاول ترامب إبراز “خبراته” في التفاوض، وتسليط الضوء على ما وصفه بأنها “صفقة فاشلة” في إشارة إلى الاتفاق النووي مع إيران، معلقا أنه من بين بنود الاتفاق كان يجب تضمين شرط حول “احترام اليمن وكل تلك الأماكن الأخرى”.
“ترامب” له مواقفه التي يعلنها دائما وباستمرار، وهي مثيرة للجدل منذ بدء ترشحه للانتخابات الرئاسية، والتي أثار عبرها حفيظة الكثير من الشرائح الشعبية والدول الكبرى على حد سواء، منها قوله في أغسطس/ آب عام 2015، أن السعودية “دولة ثرية” وعليها أن “تدفع المال” لأمريكا لقاء ما تحصل عليه منها سياسيا وأمنيا.
واستحوذت قضايا الشرق الأوسط، ومواجهة تنظيم الدولة، والاتفاق النووي الإيراني وغزو العراق والعلاقة مع السعودية، على حيز كبير في المناظر التليفزيونية، وانتقدت هيلاري دعوة ترامب، وتعهدت بالتزام أمريكا بمعاهدات الدفاع المشترك مع حلفائها، وقالت إن ترامب ليس لديه خطة لمواجهة تنظيم الدولة، مضيفة أنه من الضروري العمل بشكل أكثر اهتماما مع الحلفاء بشأن مكافحة الإرهاب، متهمة منافسها الجمهوري برفض هذا النهج، ودعت إلى أن تركز أمريكا على القضاء على قيادة التنظيم وعلى رأسها أبوبكر البغدادي، وتكثف الضربات الجوية والتعاون مع القوات التركية والكردية.
واقترح ترامب ضرورة أن “يذهب الناتو (حلف شمال الأطلسي) إلى الشرق الأوسط معنا” لقتال التنظيم، مشيرا إلى أن الحلف يستحق الإشادة لتركيز الموارد على مكافحة الإرهاب.
ودافعت كلينتون عن الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقالت إنه “يظهر قوتها الدبلوماسية”، أما ترامب فجدد رفضه للاتفاق بين طهران والدول الكبرى، وقال إنه سيهزم إيران. مضيفا أنه التقى بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وأن الأخير “ليس سعيدا” بالاتفاق.
يأتي الجدال حول السعودية في المناظرة قبل يومين من الموعد الذي حدده مجلس الشيوخ الأمريكي – المقرر اليوم الأربعاء – للتصويت على إبطال نقض الرئيس، باراك أوباما، لمشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية، وهذه أول محاولة من الكونغرس لإلغاء حق النقض الذي استعمله الرئيس أوباما ضد مشروع قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” يوم 23 سبتمبر/ أيلول.
ويتطلب إلغاء نقض الرئيس موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس، من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون، وصدق المجلسان على مشروع القانون، بعد سنوات من الشبهة التي تنفيها السعودية، وهي أنها دعمت مختطفي الطائرات الأمريكية التي هاجمت الولايات المتحدة عام 2001، وأسفر الهجمات عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، وتبين بعد الهجمات أن 15 من المهاجمين، وعددهم 19، يحملون الجنسية السعودية.
وحذر أوباما، من نقض القانون، وقال إن دولا أخرى قد تقاضي دبلوماسيين أو عسكريين أو شركات أمريكية، بسبب أعمال منظمات تلقت دعما أو تجهيزات أو تدريبا من أمريكا، وإن هذا القانون سيخل بالمبادئ الدولية المعمول بها منذ عقود، بشأن الحصانة السيادية، وقد يثير تعقيدات حتى مع أقرب حلفاء الولايات المتحدة.
وسبق لأوباما أن نقض 9 قوانين خلال فترتيه الرئاسيتين، ولم يعترض الكونغرس على أي من هذه القرارات،