لماذا تصر السعودية على انها تحارب ايران في اليمن؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2805
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

صالح القزويني
 منذ مارس 2015 حيث قررت شن الحرب على اليمن وحتى اليوم، تصر السعودية وحلفاؤها اليمنيون على انهم يسعون الى اقتلاع الوجود الايراني من اليمن، في الوقت الذي يدرك فيه الجميع بما فيهم السعودية أن ايران ليس لها وجود في اليمن (كوجودها في لبنان، أو سائر البلدان).
لا نقاش في أن المقصود من الوجود الايراني هم حركة أنصار الله في اليمن، ولو ظهر هؤلاء بعد الثورة الاسلامية في ايران لأمكن القول ان ايران اسستهم، غير ان جذورهم التاريخية تمتد الى قرون، ولعل حكم الامامة دليل واضح على ذلك، إلا أن تحول الجماعة الى كيان واطار تنظيمي تبلور في بداية التسعينات على يد المرحوم السيد بدر الدين الحوثي والد السيد عبد الملك الحوثي الزعيم الحالي لحركة أنصار الله.
وغير خاف على أحد أن الحرب لم تقض على وجود الحوثيين وحسب بل أدت الى اتساع نفوذهم وتعزيز قوتهم، مما يشير الى فشلها في تحقيق الأهداف المعلنة رغم مضي 4 سنوات على اندلاعها.
أبرز الأهداف التي أرادت السعودية تحقيقها من الاصرارعلى أنها تقاتل ايران في اليمن، هي:
أولا: لتحجيم الحوثيين والتقليل من شأنهم والايحاء بأن السعودية أعظم شأنا وأثقل وزنا من أن تقاتل “مجموعة من الحفاة كانوا الى وقت قريب يقطنون في جبال صعدة”.
لا أحد ينكر ثقل السعودية المعنوي في العالم الاسلامي، وثقلها السياسي في المنطقة والعالم الاسلامي ايضا، وثقلها الاقتصادي في العالم، ومن المؤكد أن هذه الصورة ستتبدد لو كانت الرياض قد أعلنت أن هدفها من الحرب في اليمن هو القضاء على الحوثيين، بل الطامة الكبرى هو ان تنتهي الحرب باعتراف سعودي بالحوثيين والرضوخ لواقعهم وعدم عرقلة مشاركتهم في السلطة، وهو ما يجري الاعداد له في الوقت الراهن.
ثانيا: لإبعاد المجتمع الدولي ودول المنطقة وخاصة أصدقاء السعودية عن ايران وفرض عزلة عليها، فعندما تعلن الرياض انها تقاتل ايران في اليمن يختلف عما اذا اعلنت انها تقاتل الحوثيين، ففي الحالة الأولى ستحرج دول العالم وخاصة اصدقاءها من الاقتراب من ايران وتوطيد العلاقة معها، ولذلك نرى أن بعض الدول قطعت علاقاتها مع ايران كما أن دولا اخرى خفضت مستوى علاقاتها معها.
ثالثا: تعتقد الرياض أن الاعلان عن مقاتلة ايران في اليمن يبرر لها القيام بأية خطوة تصعيدية ضدها، وتردد على لسان أكثر من مسؤول سعودي ومن بينهم ولي العهد محمد بن سلمان بأن بلاده ستنقل معركة اليمن الى ايران.
رابعا: تعتقد الرياض ان الاعلان عن انها تقاتل ايران في اليمن سيبيح لها التدخل في شؤونه الداخلية، بينما لو أعلنت انها تقاتل الحوثيين فهو تدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد وغير مسموح به وفق القوانين الدولية.
غير أن الرياض ارتكبت خطأ كبيرا باقحام اسم ايران في حربها ضد اليمن فانها فسحت لها المجال بالتدخل في هذه القضية، ووفرت لها فرصة ثمينة لتسديد ضربة لها، فاذا كانت السعودية تريد تحقيق انتصار على ايران عبر اليمن فلم لا تسعى طهران بدورها الى تحقيق انتصار عليها؟
ايران لم تجد السعودية كفؤا لها في منازلتها في اليمن فتولت جماعة موالية لها المهمة، وبفضل التعاون بين الجانبين شهدت الحرب قفزة نوعية، عندما استطاع اليمنيون استخدام وتطوير الصواريخ الباليستية، وكذلك استخدام الطائرات المسيرة.
تحولت ايران اليوم الى لاعب رئيسي في اليمن الى جانب الحوثيين، وماكان ذلك ليكون لو لم تشن السعودية الحرب ضد اليمن ولم تقحم اسم ايران فيها، وكان بامكان الرياض التفاهم مع الحوثيين ولم تتكبد كل هذه الخسائر، خاصة وأنهم أعلنوا مرارا استعدادهم للحوار والالتزام بأي اتفاق، وربما كانت الرياض آنذاك ستفرض شروطها في أية عملية تفاوضية تخوضها مع الحوثيين، ومع أن الفرصة لا تزال سانحة، ولكن اذا انتهزت الرياض هذه الفرصة فمن المؤكد أن التنازلات والاثمان التي تقدمها ستكون كبيرة.
كاتب ايراني