ماذا وراء التغيير التدريجي في موقف ترامب من قتل جمال خاشقجي؟

  • طباعة
  • PDF
  • مشاركة عبر الفيسبوك
  • مشاركة عبر تويتر
  • مشاركة عبر G+
  • مشاركة عبر انستقرام
  • مشاركة عبر تلغرام
  • مشاركة عبر الوتساب
  • عدد الزوار 2348
  • عدد التعلیقات 0
  • -
    +

بسام ابو شريف
– كنت قد كتبت مقالي هذا قبل ساعات من اعلان التلفزيون السعودي الرسمي رواية الديوان الملكي السعودي حول مقتل جمال خاشقجي .
ويبرر البيان مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول بأنه حصل نتيجة اشتباك بالأيدي بين خاشقجي وأشخاص كانوا موجودين في القنصلية ، ويفيد بأن لاعلم لولي العهد بالموضوع ، وانه لم يتخذ قرارا بقتله أو اختطافه، (انما هنالك أمر دائم لدى السفارات السعودية باعادة المعارضين للمملكة ) ، ويعلن البيان عن اعتقال 18 مشتبه بهم واقالة عدد من كبار مسؤولي جهاز الاستخبارات السعودية .
تزامن هذا البيان ولحظة الكتابة مع بيانين يمدح فيهما الاعلان السعودي ويصفه بأنه ذو مصداقية !؟
البيان يعترف بأن هنالك أمر دائم ( باعادة المعارضين للملكة ) و( لم يقل كيف ؟ ) ، ولم يأت على ذكر الجثة ومكانها ، وانهالت التسريبات عبر وكالة رويترز في حملة تضليلية واسعة ، لكن هذا لايغير ماكتبته في مقالي.
وربما يجعلني أضيف في ضوء ماقاله البيان السعودي ان الموقف من البيان سيفجر مشادة بين السياسيين في واشنطن ، وسوف يحاول ترامب اتهام معارضيه بأنهم يعملون ضد مصالح اميركا ، والحفاظ على وضع العائلة السعودية الراهن هو مطلب كوشنر، أي مطلب اسرائيل لأن محمد هو شريكها في صفقة القرن –
يجب ألا ننسى للحظة واحدة أن ترامب دخل البيت الأبيض بتخطيط ودعم من أثرياء يهود اميركا بناء على أوامر الحركة الصهيونية ، التي باتت مقتنعة بأن الوقت حان للانتقال من مرحلة الغزو المباشر لفلسطين الى الهيمنة غير المباشرة على الشرق الأوسط.
وانها هي التي استخدمت الولايات المتحدة وتستخدمها الآن بشكل كامل لتفتيت وتطويع الدول العربية المحيطة بها والبعيدة عنها ، ولضرب ايران وابعاد خطرها عنها ، ولتكون شريك الامبريالية الرئيسي في نهب ثروات العرب النفطية والغازية والسيطرة على أسواقهم .
وما يفعله ترامب الآن وما فعله منذ دخوله البيت الأبيض هو تلبية طلبات اسرائيل، وتنفيذ برمجها في الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي أضرم فيه نيران النقاش الداخلي حول قرارات لم تنتج سوى الاضرار بمصالح الولايات المتحدة، وتحويل حلفائها الاوروبيين الى أعداء وابتزاز الحلفاء والأعداء على السواء، وأثار موضوع الهجرة وموضوع اتفاق باريس الحراري وخرج من اتفاق ايران النووي، وتثير هذه القرارات الزوابع النقاشية لكن احدا لايناقش في مخالفة ترامب “الولايات المتحدة”، للاتفاق الدولي والاتفاقين والمعاهدات التي تحكم الصراع في الشرق الأوسط، وقرار نقل السفارة الاميركية للقدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ، والغاء الاونروا، وراح يستخدم حلفاءه من حكام المنطقة لفرض صفقة القرن ، التي هي تصفية للقضية الفلسطينية.
ونحن عندما نذكر بهذه الأمور لانقول ان ماتريده الصهيونية، وما تفصله عبر ترامب سوف يسود ولكن لنحدد بشكل مستمر موقع ترامب ونستند لذلك في تفسير مواقفه فأين تقع جريمة قتل الخاشقجي في برنامج اسرائيل وترامب ، وماهي حسابات الأرباح التي سيجنيها كل طرف من الأطراف الضالعة في القضية سواء القاتل أو المحقق أو الشاهد أو المهندس .
أوردت قناة CNNنقلا عن مصادر موثوقة في البيت الأبيض ليلة أمس خبرا مثيرا للاهتمام والخبر يقول : كوشنر نصح الرئيس ترامب بأن يتريث ولا يستعجل في اتخاذ مواقف من موضوع جمال خاشقجي ، وتقول CNN ان كوشنر قال لترامب : ” يجب أن تكون حذرا ! ” ، التريث هو لاعطاء الوقت الكافي لمسرحية الاخراج ، لكن كلمة ” يجب أن تكون حذرا ” ، تبدو لي كأنها تحذير لترامب من عدم اتخاذ قرارات لاترضي اسرائيل ، اذ كان ترامب قد قال قبل هذا الخبر بدقائق : ” يبدو أن خاشقجي مات ، وسيكون لذلك عواقب كبيرة اذا ثبت ضلوع المملكة السعودية في مقتله ” ، جاء هذا في خضم الحملة الانتخابية النصفية للكونغرس ، وفي ظل عرائض موقعة من شيوخ ونواب يطالبون ترامب بالكشف عن مصالحه المالية في السعودية ويوقف مشاركة اميركا في الحرب على اليمن .
الملاحظ أن اسرائيل لم تأت على ذكر الجريمة ، ولم يعلق أي مسؤول عليها !!!! ، وبقيت صلاتها مع السعودية وكوشنر متسارعة حسب تطورات الوضع ، فالعائلة السعودية تلجأ لاسرائيل لتأمر كوشنر بالتصرف ، وتضغط على ترامب خشية سيره في طريق سبق أن لوح به عندما طالب العائلة بثمن حمايتها قائلا : ” انه لولا حماية الولايات المتحدة للعائلة لانهارت خلال اسبوعين ، فقد فشلت في حرب اليمن وفشلت في سوريا وفشلت في قطر ” ، أي أن ترامب لايفكر بتغيير الموقف الاميركي من السعودية كحليف ضروري له في حربه المقبلة على ايران ، بل يفكر بتغيير الأشخاص ، وما سابقة قتل الملك فيصل الا دليل على مايمكن أن تقوم به المخابرات الاميركية في الرياض .
وتغيير الحاكمين في السعودية بآخرين من أبناء العائلة سوف يضر بالمخطط الصهيوني ، فما تم التوصل اليه بين الصهاينة وسلمان وابنه محمد قد يأخذ وقتا أطول مع الذين سيخلفونه ، ومن الأسلم للمخطط الصهيوني وعلى رأسه ” صفقة القرن ” ، أن يبقى سلمان .
ويشتم مما تنشره الصحافة الاميركية أن هنالك محاولة لابعاد سلمان عن الجريمة ، وهذا يعني أن من سيأتي قد يكون ولدا من أولاده ، وتجدر الاشارة الخاصة هنا الى ان الحملة الاعلامية في الصحافة الاميركية تشنها صحف للصهيونية فيها يد طويلة كالنيويورك تايمز والواشنطن بوست وفوكس .
لكن السؤال الذي تجدر الاجابة عليه هو : ماذا تريد تركيا وماهو الدور الذي يلعبه اردوغان ؟
لقد سبق لاردوغان أن سمح للطائرات الاميركية والاسرائيلية أن تستخدم الأجواء التركية لتدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور ، وفي بداية أزمة خاشقجي أفرج عن القس الجاسوس ، وشغل العالم بتسريبات تهدف للضغط على السعودية وربما اميركا .
وجاءه بومبيو وبحث معه في المخرج ، وعندما عاد بومبيو أعلن بعد اجتماعه مع ترامب : ” يجب اعطاء التحقيق ثلاثة أو اربعة ايام ” ، وهذا ماطلبه كوشنر اليوم من ترامب ، فأين هو التقاطع بين هذه الأطراف ؟ ، حتما سيكون تقرير التحقيق هو المستند ولذلك سيكون التقرير دقيقا في القول بأن الخاشقجي قتل بيد مجهول ، وقد توافق السعودية على ادانة تصرف فردي من ضابط مخابرات يكون كبش فداء ، ويخرج للملأ ليقول بأن محمد بن سلمان لاعلم له بذلك تركيا ستجني مالا وعلاقات مع الولايات المتحدة ، وهل يعني ذلك ان استانة وسوشي قد وضعتا على الرف ؟
لاشك ان هنالك خطط لتفعيل الحرب واطالة أمدها في سوريا والعراق ، ولاشك أن هنالك خطط تدبر لاغتيال قادة من حزب الله والمقاومة ، وقد تغير الطائرات الاسرائيلية على أهداف محددة مستخدمة توماهوك أوكروز ، ان هدف الصهاينة انهاء قضية فلسطين ، وهذا لن يتحقق لذلك يفكرون بضرب ايران وحزب الله والحشد ، وعلى المقاومة الا تقف لتراقب وتنتظر بل عليها أن تبادر ماذا يدور في ادلب من خبايا ؟ ماذا يخططون لشرق الفرات ؟ كيف سيغلقون الحدود العراقية السورية ؟
جواب ذلك بالهجوم الدفاعي وليس غيره ، بومبيو يقول يجب اعطاء عدة ايام لاستكمال التحقيق وكوشنر يطلب من ترامب التريث والحذر ، وترامب يتصرف استنادا لماهو متأكد منه وقاله علنا ، وهو أن الخاشقجي قد مات مقتولا ولذلك يحاول ترامب بأن يشرك الكونغرس في تحديد وتقرير رد الفعل آخذا بعين الاعتبار ان أعضاء الكونغرس يقعون تحت سلطة المجمعات الصناعيةالكبرى الكبرى التي لها مصالح كبرى في السعودية ، تركيا تتابع التفاوض على صفقة مع الرياض ليأتي التقرير مرنا بحيث يتيح للعائلة السعودية أن ترمي بالمسؤولية على كبش فداء ، وقد يكون موضوع سورياجزء من هذه الصفقة .
أما الولايات المتحدة فقد تقرر وقف الدعم اللوجستي للسعودية في حربها ضد اليمن لأن اسرائيل تريد استخدام السعودية ضد ايران .