ن. تايمز: دوافع السعودية النووية لا تتوقف.. وتحفظات أمريكا تجعل الصين البديل الوحيد
سلط تحليل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية على الدوافع السعودية لبرنامج نووي لتوليد الطاقة، حيث تبدو المملكة مصرة على برنامج من هذا النوع، وترفض التجاوب مع شروط أمريكية شديدة الصرامة ترى واشنطن أنها كفيلة بمنع الرياض من تطوير أسلحة نووية، بينما يراها السعوديون محاولة لحرمانهم من الانتفاع بمواردهم من اليورانيوم، حيث يستكشفون الآن خيارات للعمل مع دول أخرى، مثل الصين وروسيا، أو حتى كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة.
لكن، في الوقت نفسه، يجدد السعوديون الدفع مع الولايات المتحدة - شريكهم المفضل - من خلال عرض محاولة تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل تعاون الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية وضمانات أخرى، بحسب التحللي الذي ترجمه "الخليج الجديد".
ويقول بعض المحللين إن ذلك جزء من استراتيجية للضغط على واشنطن للعمل مع الحكومة السعودية بشروطها الخاصة، بينما يرى آخرون أن الأمير يرى عالماً ناشئاً متعدد الأقطاب تلعب فيه الولايات المتحدة دوراً أقل سيطرة.
وتثير الجهود النووية السعودية شبح الانتشار الذي يثير قلق بعض المسؤولين الأمريكيين، لا سيما مع توار اليورانيوم في السعودية بكثرة، لكن الأمير محمد بن سلمان يعتقد أيضًا أن له الحق في استغلال رواسب اليورانيوم الهائلة المحتملة في المملكة من أجل الطاقة والتصديرم فمن شأن ذلك أن يخلق مصدر دخل جديدًا للمملكة ويمكن أن يمنحها ثقلًا جيوسياسيًا أكبر.
وتعمل الصين بالفعل مع السعودية على التنقيب عن اليورانيوم.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قال، خلال مؤتمر بالرياض في يناير/كانون الثاني الماضي، إن خطط تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي - بما في ذلك للتصدير - كانت "أكثر أهمية" من مجرد إنشاء المفاعلات.
ويقول التحليل إن طموحات التخصيب تجعل بعض المسؤولين الأمريكيين متوترين، حتى لو كان تحول السعودية نحو الطاقة النووية سيتماشى مع دعم إدارة بايدن للطاقة منخفضة الكربون.
تطالب الولايات المتحدة الدول بالوفاء بالمعايير العالية لمنع انتشار الأسلحة النووية قبل التعاون في برنامج نووي، بما في ذلك في بعض الحالات حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود في أراضيها.
لتفاصيل مكرسة في اتفاقية 123 ، والتي تتفاوض عليها وزارة الخارجية بمشورة من وزارة الطاقة، ويراجعها الكونجرس.
ويرى التحليل أنه حتى إذا أعرب المسؤولون السعوديون عن استعدادهم لتوقيع اتفاقية 123، فإن أي صفقة ستواجه عقبات سياسية كبيرة في واشنطن، فالرئيس بايدن لا يثق في الأمير محمد وندد بالسعودية في أزمة خفض إنتاج النفط في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولا يزال مشرعون أمريكيون، معظمهم من الديمقراطيين، يرون أن السعودية لا تزال قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، ولذلك فهم يتحفظون على التعاون النووي مع الرياض.
وخلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، حاول أركان إدارته دفع التعاون النووي قدما مع السعودية، لكن الأمر لقي اعتراضات ومقاومة داخل الكونجرس.
بدأت الجهود في مجال الطاقة في وقت مبكر من عمر إدارة ترامب، حيث أعرب كونسورتيوم من الشركات الأمريكية، بما في ذلك وستنجهاوس Westinghouse ، عن اهتمامه بمشروع المفاعل النووي السعودي المقترح، ودافع كل من مايكل فلين، أول مستشار للأمن القومي لترامب، وتوماس جيه باراك جونيور، المستثمر المقرب من ترامب عن مشاركة الولايات المتحدة ف البرنامج النووي السعودي.
لكن هذه الجهود توقفت بعد أن تورط الرجلان في قضايا قانونية منفصلة بسبب تعاملات أخرى مع مسؤولين أجانب.
وبعد ذلك، تولى وزير الطاقة الأمريكي في عهد ترامب، ريك ريبيري الأمر، وأصدر تراخيص لشركات أمريكية تسمح لها بنقل التكنولوجيا النووية الأمريكية غير السرية - ولكن ليس المعدات المادية - إلى السعودية، لكن الأمر فشل أيضا بسبب الكونجرس.
بدائل أخرى
والآن، وبينما تصر إدارة بايدن على معايير يرفضها السعوديون، فضلت الرياض البحث عن بدائل أخرى، وكان أكثرها جاذبية من كوريا الجنوبية، حيث شركة "كيبكو" للطاقة، حيث بدأت الشركة مباحثات مع الرياض بشأن البرنامج النووي المقترح.
ومع ذلك، يقول التحليل، إن حكومة كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة، قد تمنع الشركة من المشروع إذا لم تدخل السعودية في اتفاقية صارمة لمنع انتشار الأسلحة النووية مع حكومة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الوضع سيكون مشابها في حال توجهت المملكة للتعامل مع فرنسا، والعمل مع روسيا لن يكون جذابًا للرياض بسبب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة وأوروبا ضدها.
الصين
وعلى الرغم من أن المسؤولين السعوديين يعتقدون أن التكنولوجيا النووية الأمريكية هي الخيار الأفضل ، إلا أنهم منفتحون على التفكير في التكنولوجيا الصينية.
وأقامت السعودية والصين علاقات أوثق مؤخرًا ، بما في ذلك علاقات التعاون النفطي والعسكري.
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن الصين أنشأت ترسانة صواريخ باليستية سعودية على مدى عقود وأرسلت ضباطًا عسكريين للعمل في البرنامج وقالوا إنه بفضل التكنولوجيا الصينية ، أصبحت السعودية الآن قادرة على بناء صواريخها الخاصة.
وخلال زيارة سابقة للرئيس الصيني شي جين بينج إلى السعودية أشرف على توقيع مذكرة تفاهم للمساعدة في بناء مفاعل نووي، كما عرضت الشركات النووية الصينية المساعدة في استكشاف وتطوير موارد اليورانيوم في البلاد.
في عام 2017 ، وقعت المؤسسة النووية الوطنية الصينية وهيئة المسح الجيولوجي السعودية مذكرة تفاهم بشأن مسح رواسب اليورانيوم.
في عام 2021 ، أصدرت هيئة المسح الجيولوجي السعودية "شهادة تقدير" لمعهد بكين لبحوث جيولوجيا اليورانيوم للمساعدة في استكشاف موارد اليورانيوم والثوريوم.
وخلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، ساعدت الصين السعودية في تطوير ستة إلى ثمانية مواقع للتنقيب عن اليورانيوم في النصف الغربي من البلاد.
المصدر | إدوارد وونج وفيفيان نيريم وكيت كيلي / نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد