سعود القحطاني.. أمير الظلام يتوارى وجيشه الإلكتروني لا يزال نشطا
ترجمة وتحرير زياد محمد - الخليج الجديد
عندما فرضت إدارة "ترامب" عقوبات على 17 سعوديا في جريمة قتل "جمال خاشقجي" الوحشية، أوضحت واشنطن من هو الشخص الذي تعتقد أنه لعب دورا حاسماً في التخطيط للعملية الفاشلة، ووقع اختيارها على "سعود القحطاني" ليكون الاسم الأول في قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية بسبب قضية "خاشقجي".
وكان "القحطاني" مستشارا برتبة وزير للديوان الملكي السعودي، وكان يشار إليه في الدوائر الدبلوماسية باسم "أمير الظلام"، وهو يبلغ من العمر 40 عاما، وقد تمت إقالته الشهر الماضي من منصبه كمشرف على الشؤون الإعلامية للبلاط الملكي.
أمير الظلام يتوارى
ويعد "القحطاني" المسؤول الأرفع في قائمة العقوبات الأمريكية، وهو أحد المقربين من ولي العهد "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي للبلاد.
والآن سيكون مصيره مقياسًا لما إذا كان مقتل الصحفي المخضرم سيؤدي إلى زعزعة خطيرة في البلاط الملكي والنفوذ الذي تتمتع به زمرة من الملازمين المحيطين بوريث العرش.
وقال محلل سعودي: "إنه اسم سام لذا من غير المرجح أن يعود إلى منصب رسمي، لكن لا يزال بإمكانه القيام بدور غير رسمي في توجيه الرأي العام، بسبب علاقته الشخصية بولي العهد".
وأضاف قائلا: "السعودية ليست لديها سلطة شفافة، لذا فإن مفهوم المساءلة لا وجود له حين يتعلق الأمر بأصدقاء الأمير".
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، استنتجت وكالة المخابرات المركزية مؤخرا أن ولي العهد "محمد بن سلمان" هو من أمر بقتل "خاشقجي"، لكن الوكالة ليس لديها أدلة تجرّم بشكل مباشر ولي العهد بالقتل، بينما تؤكد وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة لم تقدم "استنتاجًا نهائيًا" حول هوية الجاني.
وقال الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يوم الأحد إن ولي العهد نفى تورطه في 5 محادثات شخصية معه، وتساءل الرئيس الأمريكي بشكل خطابي: "هل سيعرف أي شخص حقاً من المسؤول؟".
ومع ذلك، فإن التورط المزعوم للرجل المعروف للذراع اليمنى لولي العهد يجعل من الصعب على الرياض أن تبعد ولي العهد عن دائرة الاتهام، كما يصعّب على الحلفاء الغربيين للمملكة قبول الرواية السعودية حول الجريمة.
وقال المدعي العام السعودي يوم الخميس إنه يسعى إلى فرض عقوبة الإعدام على 5 من بين 11 مشتبها بهم متهمين بالقتل، وأضاف أن "مستشاراً سابقاً" الذي يُفترض غالباً أنه "القحطاني" باعتباره المستشار الوحيد المرتبط علنا بالقضية التقى بزعيم الفريق الذي قتل "خاشقجي" قبل إرساله إلى تركيا.
لكن "القحطاني" لم يتم القبض عليه، وعند سؤاله عن وضعه، قال المتحدث باسم النيابة السعودية إنه مُنع من السفر إلى الخارج وما زال قيد التحقيق.
الذباب الإلكتروني
وتعد هذه التطورات انقلابا مذهلا بالنسبة إلى "القحطاني"، الذي استفاد من قرار ولي العهد البالغ من العمر 33 عامًا بكسر أسلوب الحكم التقليدي لعائلة آل سعود، والقائم على التوافق، وبدلاً من ذلك، أحاط الأمير "بن سلمان" نفسه بمستشارين أصغر سنا فهموا قوة وسائل التواصل الاجتماعي.
كان "القحطاني" خريج كلية القانون قد انضم إلى الديوان الملكي في عهد الملك "عبدالله"، وقام "القحطاني" بالتغريد في العام الماضي بأنه "لا يقدح من رأسه" وأنه ينفذ أوامر الملك وولي العهد.
وقال أحد المعارضين السعوديين في بريطانيا إن مكانة "القحطاني" كمحارب إلكتروني لديه 1.35 مليون متابع على "تويتر" قد نمت ليصبح واحداً من أقرب مستشاري "بن سلمان"، وقال إن ولي العهد أسند إليه مهاك التعامل مع قضايا حساسة مثل المعارضين والأسرة المالكة والسيطرة على وزارة الخارجية.
ووفقاً لناشطين سعوديين، فقد قام "القحطاني" أيضاً بتهديد المدونين السعوديين، والناشطين والصحفيين السعوديين على مدى العامين الماضيين، حيث قام بتنظيم جيش من الذباب الإلكتروني على "تويتر" لتخويف ومهاجمة منتقدي الحكومة.
وقد اشتهر الحساب الشخصي لـ"القحطاني" على "تويتر" بشكل كبير بعد أن قادت المملكة حصاراً ضد قطر في العام الماضي، وقال مسؤولون غربيون إنه عزز رسائل الكراهية تجاه قطر، واعتبر أن أي شخص له علاقة بقطر خائن، حتى السياح.
وقد أعرب "خاشقجي" نفسه علناً عن مخاوفه بشأن "القحطاني" قبل وفاته بأشهر، وفي فبراير/شباط، كتب أن المستشار في الديوان الملكي كان لديه "قائمة سوداء ويدعو السعوديين لإضافة أسماء إليها".
ولعب "القحطاني" أيضا دورا رئيسيا في حملة ولي العهد المزعومة لمكافحة الفساد في العام الماضي والتي تم فيها اعتقال مئات من أفراد العائلة المالكة والنخبة في فندق ريتز كارلتون في الرياض، وقد استدرج الأهداف من خلال ترتيب الاجتماعات تحت ذرائع زائفة، وفق ما قاله أشخاص على علم بالحادث، كما أنه شارك بشكل مباشر في عمليات الاستجواب.
العمل في الظل
ويضيف المدافعون عن حقوق الإنسان أنه منذ وفاة "خاشقجي"، لم يتغير الخطاب العدواني على الإنترنت الذي استخدمه جيش "القحطاني" على "تويتر"، وهو مؤشر على أن عزله قد يثبت أنه مجرد تغيير تجميلي.
على سبيل المثال، يواجه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وابلاً من الإساءات على "تويتر" بعد أن قال مؤخراً إن الأمر بقتل "خاشقجي" جاء من "أعلى المستويات" في الحكومة السعودية، وكذلك تتعرض صحيفة "واشنطن بوست" لهجمات مماثلة من الذباب السعودي.
وقال "يحيى عسيري"، وهو ناشط سعودي في مجال حقوق الإنسان، عن "القحطاني": "ما زال جيش الذباب الإلكتروني نشطاً، وهذا يعني أنه ما زال نشطًا".
ولم يدلِ "القحطاني" بأي تصريح علني حول إقالته أو قتل "خاشقجي"، لكنه غير من وصفه على "تويتر" عدة مرات منذ إقالته، في البداية، استغنى عن لقبه كمستشار للديوان الملكي، لكنه أبقى على دوره كرئيس لاتحاد الأمن الإلكتروني، وبعد بضعة أيام استبدلها بكتابة "حساب شخصي" فقط.
وأضاف صحفي سعودي أن جو القومية المفرط الذي روج له "القحطاني" سيبقى، وأردف قائلا: "لقد أطلقوا العنان لوحش لا يمكن السيطرة عليه الآن، لا يمكنك إعادة وضعه في قفص وتأمل ألا يستمر في الصراخ".
المصدر | فايننشال تايمز